الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَقْدِ قَبْضَ رَأْسِ الْمَال قَبْل انْتِهَاءِ مَجْلِسِ الْعَقْدِ (1) وَلأَِنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ لَكَانَ فِي مَعْنَى بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، (إِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَال فِي الذِّمَّةِ) وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ (2) أَيِ النَّسِيئَةِ بِالنَّسِيئَةِ؛ وَلأَِنَّ فِي السَّلَمِ غَرَرًا، فَلَا يَضُمُّ إِلَيْهِ غَرَرَ تَأْخِيرِ تَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَال، فَلَا بُدَّ مِنْ حُلُول رَأْسِ الْمَال، كَالصَّرْفِ، فَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْل قَبْضِ رَأْسِ الْمَال بَطَل الْعَقْدُ (3) . وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ عَقْدِ السَّلَمِ قَبْضَ رَأْسِ الْمَال كُلِّهِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، وَيَجُوزُ تَأْخِيرُ قَبْضِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ لِمُدَّةٍ لَا تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَوْ بِشَرْطِ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ؛ لأَِنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ أَجَل السَّلَمِ قَرِيبًا كَيَوْمَيْنِ، وَذَلِكَ فِيمَا شُرِطَ قَبْضُهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ، وَإِلَاّ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ هَذِهِ الْمُدَّةِ؛ لأَِنَّهُ عَيْنُ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ، فَيَجِبُ أَنْ يَقْبِضَ رَأْسَ الْمَال بِالْمَجْلِسِ أَوْ مَا يَقْرَبُ مِنْهُ. وَفِي فَسَادِ السَّلَمِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ (بِلَا شَرْطٍ إِنْ لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا - بِأَلَاّ يَحِل أَجَل الْمُسْلَمِ فِيهِ -) وَعَدَمِ فَسَادِهِ قَوْلَانِ لِمَالِكٍ (4) .
(1) رد المحتار 4 / 217، وبدائع الصنائع 5 / 202 الطبعة الأولى سنة 1328 هـ - 1910م، ومغني المحتاج 2 / 102
(2)
حديث " نهى عن بيع الكالئ بالكالئ ". رواه الحاكم والدارقطني. وقال الإمام أحمد ليس في هذا حديث يصح. وقال الإمام الشافعي: أهل الحديث يوهنون هذا الحديث. وجزم الدارقطني في العلل بذلك. (تلخيص الحبير3 / 26) .
(3)
انظر الروض المربع 2 / 186، وكشاف القناع 3 / 304 ط الرياض.
(4)
الخرشي 4 / 112، وحاشية الدسوقي3 / 195
ب -
بَدَل الصَّرْفِ:
38 -
مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّرْفِ (1) تَقَابُضُ الثَّمَنَيْنِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، أَيْ قَبْل افْتِرَاقِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِأَبْدَانِهِمَا، فَلَوِ اشْتُرِطَ الأَْجَل فِيهِ فَسَدَ؛ لأَِنَّ الأَْجَل يَمْنَعُ الْقَبْضَ، وَإِذَا لَمْ يَتَحَقَّقِ الْقَبْضُ لَمْ يَتَحَقَّقْ شَرْطُ صِحَّتِهِ، وَهَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ (2) وَالْمَالِكِيَّةُ (3) وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ. فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَْجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ (4) أَيْ مُقَابَضَةً. قَال الرَّافِعِيُّ: وَمِنْ لَوَازِمِهِ الْحُلُول (5) .
وَقَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُل مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُتَصَارِفَيْنِ إِذَا افْتَرَقَا قَبْل أَنْ يَتَقَابَضَا أَنَّ الصَّرْفَ فَاسِدٌ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَاّ هَاءَ وَهَاءَ (6) ، وَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام بِيعُوا الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ. (7)
(1) انظر مصطلح صرف، وهو بيع الثمن بالثمن.
(2)
رد المحتار على الدر المختار 4 / 244.
(3)
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير3 / 29 ط المكتبة التجارية.
(4)
حديث " الذهب بالذهب. . . " رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه. (الفتح الكبير 2 / 123)
(5)
مغني المحتاج 2 / 24
(6)
" الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء ". رواه مالك والشيخان والترمذي وأبو داود والنسائي. (جامع الأصول 1 / 544)
(7)
المغني والشرح الكبير 4 / 165، وكشاف القناع3 / 266، وجاء فيه أنه إن طال المجلس قبل القبض وتقابضا قبل التفرقة جاز. وحديث:" بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يدا بيد ". رواه مسلم والترمذي وأبو داود والنسائي من حديث عبادة بن الصامت مرفوعا (جامع الأصول1 / 553) .