الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا يُحْرَقُ لِلْغَال وَمَا لَا يُحْرَقُ
35 -
الْغَال هُوَ الَّذِي يَكْتُمُ مَا يَأْخُذُهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ، فَلَا يُطْلِعُ الإِْمَامَ عَلَيْهِ، وَلَا يَضُمُّهُ إِلَى الْغَنِيمَةِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْرِيقِ مَال الْغَال لِلْغَنِيمَةِ، فَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَاللَّيْثُ: لَا يُحْرَقُ مَالُهُ. وَاسْتَدَلُّوا بِفِعْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَدَمِ تَحْرِيقِهِ فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَال: جَاءَ رَجُلٌ بِزِمَامٍ مِنْ شَعْرٍ، فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ هَذَا فِيمَا كُنَّا أَصَبْنَا مِنَ الْغَنِيمَةِ، فَقَال: سَمِعْتَ بِلَالاً نَادَى ثَلَاثًا؟ قَال: نَعَمْ. قَال: فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَجِيءَ بِهِ؟ فَاعْتَذَرَ. فَقَال؛ كُنْ أَنْتَ تَجِيءُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَنْ أَقْبَلَهُ مِنْكَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ (1) . وَلأَِنَّ إِحْرَاقَ الْمَتَاعِ إِضَاعَةٌ لَهُ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ إِضَاعَةِ الْمَال (2) وَقَال بِإِحْرَاقِ مَال الْغَال الْحَنَابِلَةُ وَفُقَهَاءُ الشَّامِ، مِنْهُمْ مَكْحُولٌ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَالْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ.
وَقَدْ أُتِيَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بِغَالٍّ فَجَمَعَ مَالَهُ وَأَحْرَقَهُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَاضِرُ ذَلِكَ فَلَمْ يَعِبْهُ (3) قَال يَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: السُّنَّةُ فِي الَّذِي يَغُل أَنْ يُحْرَقَ رَحْلُهُ. رَوَاهُمَا سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ.
وَقَدِ اسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَى صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ، قَال: دَخَلْتُ مَعَ مَسْلَمَةَ أَرْضَ الرُّومِ، فَأُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ غَل، فَسَأَل سَالِمًا عَنْهُ، فَقَال: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: إِذَا وَجَدْتُمُ الرَّجُل قَدْ غَل فَأَحْرِقُوا مَتَاعَهُ وَاضْرِبُوهُ. قَال: فَوَجَدْنَا فِي مَتَاعِهِ
(1) سكت عنه المنذري وصححه الحاكم (نيل الأوطار 7 / 318)
(2)
حديث النهي عن إضاعة المال: متفق عليه.
(3)
صوابه " مسلمة بن عبد الملك ". وفي سنده إسحاق بن عبد الله، وهو متروك (تقريب التهذيب) .
مُصْحَفًا. فَسَأَل سَالِمًا عَنْهُ، فَقَال: بِعْهُ وَتَصَدَّقْ بِثَمَنِهِ (1) . وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ أَحْرَقُوا مَتَاعَ الْغَال (2)
36 -
قَال أَحْمَدُ: إِنْ لَمْ يُحْرِقْ رَحْلَهُ حَتَّى اسْتَحْدَثَ مَتَاعًا آخَرَ وَكَذَلِكَ إِنْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ، أُحْرِقَ مَا كَانَ مَعَهُ حَال الْغُلُول.
37 -
وَيُشْتَرَطُ فِي الْغَال أَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلاً حُرًّا، فَتُوقَعُ عُقُوبَةُ الإِْحْرَاقِ فِي مَتَاعِ الرَّجُل وَالْخُنْثَى وَالْمَرْأَةِ وَالذِّمِّيِّ؛ لأَِنَّهُمْ مِنْ أَهْل الْعُقُوبَةِ. وَإِنْ كَانَ الْغَال صَبِيًّا لَمْ يُحْرَقْ مَتَاعُهُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالأَْوْزَاعِيِّ؛ لأَِنَّ الإِْحْرَاقَ عُقُوبَةٌ، وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْل الْعُقُوبَةِ.
38 -
وَيَسْقُطُ إِحْرَاقُ مَتَاعِ الْغَال إِذَا مَاتَ قَبْل إِحْرَاقِ رَحْلِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، لأَِنَّهَا عُقُوبَةٌ فَتَسْقُطُ بِالْمَوْتِ، كَالْحُدُودِ؛ وَلأَِنَّهُ بِالْمَوْتِ انْتَقَل الْمَتَاعُ إِلَى وَرَثَتِهِ، فَإِحْرَاقُهُ يَكُونُ عُقُوبَةً لِغَيْرِ الْجَانِي. وَإِنِ انْتَقَل مِلْكُهُ إِلَى غَيْرِ الْغَال بِالْبَيْعِ أَوِ الْهِبَةِ احْتَمَل عَدَمُ تَحْرِيقِهِ، لِصَيْرُورَتِهِ لِغَيْرِهِ فَأَشْبَهَ انْتِقَالَهُ لِلْوَارِثِ بِالْمَوْتِ، وَاحْتَمَل أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ وَيُحْرَقَ، لأَِنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ سَابِقٌ عَلَى الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ كَالْقِصَاصِ فِي حَقِّ الْجَانِي.
39 -
وَمَا لَا يُحْرَقُ لِلْغَال بِالاِتِّفَاقِ الْمُصْحَفُ، وَالْحَيَوَانُ أَمَّا الْمُصْحَفُ فَلَا يُحْرَقُ، لِحُرْمَتِهِ، وَلِمَا تَقَدَّمَ
(1) رواه أحمد وأبو داود وصحح وقفه، والترمذي وفيه صالح بن أبي زائدة، ضعيف. وقال الدارقطني المحفوظ أن سالما أمر بذلك. (تلخيص الحبير 4 / 114) .
(2)
أخرجه أبو داود والحاكم والبيهقي والراجح وقفه (نيل الأوطار 7 / 300)