الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْحَنَابِلَةُ وَالأَْوْزَاعِيُّ لِصِحَّةِ السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مُؤَجَّلاً إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ الْحَال لِقَوْل النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام: مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. (1) فَأَمَرَ بِالأَْجَل، وَأَمْرُهُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ؛ وَلأَِنَّهُ أَمَرَ بِهَذِهِ الأُْمُورِ تَبْيِينًا لِشُرُوطِ السَّلَمِ، وَمَنْعًا مِنْهُ بِدُونِهَا، وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ إِذَا انْتَفَى الْكَيْل وَالْوَزْنُ، فَكَذَلِكَ الأَْجَل؛ وَلأَِنَّ السَّلَمَ إِنَّمَا جَازَ رُخْصَةً لِلرِّفْقِ، وَلَا يَحْصُل الرِّفْقُ إِلَاّ بِالأَْجَل، فَإِذَا انْتَفَى الأَْجَل انْتَفَى الرِّفْقُ، فَلَا يَصِحُّ، كَالْكِتَابَةِ؛ وَلأَِنَّ الْحُلُول يُخْرِجُهُ عَنِ اسْمِهِ وَمَعْنَاهُ (2) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ السَّلَمُ فِي الْحَال؛ لأَِنَّهُ عَقْدٌ يَصِحُّ مُؤَجَّلاً فَصَحَّ حَالًّا، كَبُيُوعِ الأَْعْيَانِ؛ وَلأَِنَّهُ إِذَا جَازَ مُؤَجَّلاً، فَحَالًّا أَجْوَزُ، وَمِنَ الْغَرَرِ أَبْعَدُ (3) .
ج -
مَال الْكِتَابَةِ:
47 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ تَأْجِيل الْعِوَضِ الْمُكَاتَبِ بِهِ إِلَى أَجَلٍ مُعَيَّنٍ: فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ، وَابْنُ رُشْدٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالرُّويَانِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ
(1) ونصه في صحيح مسلم عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين، فقال:" من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم إلى أجل معلوم ".
(2)
رد المحتار 4 / 215، وكشاف القناع 3 / 299، والدسوقي 3 / 206، والمغني والشرح الكبير 4 / 328
(3)
مغني المحتاج 2 / 105
ذَلِكَ، بَل تَصِحُّ بِمَالٍ مُؤَجَّلٍ وَبِمَالٍ حَالٍّ، وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ - عَلَى الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ - وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: أَنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَاّ بِمَالٍ مُؤَجَّلٍ مُنَجَّمٍ تَيْسِيرًا عَلَى الْمُكَاتَبِ فِي الْجُمْلَةِ (1) .
د -
تَوْقِيتُ الْقَرْضِ:
48 -
سَبَقَ بَيَانُ آرَاءِ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ تَأْجِيل بَدَل الْقَرْضِ وَعَدَمِهِ. أَمَّا عَقْدُ الْقَرْضِ فَهُوَ عَقْدٌ لَا يَصْدُرُ إِلَاّ مُؤَقَّتًا، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ عَقْدُ تَبَرُّعٍ ابْتِدَاءً، وَمُعَاوَضَةٍ انْتِهَاءً، أَوْ دَفْعِ مَالٍ إِرْفَاقًا لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ وَيَرُدُّ بَدَلَهُ. وَالاِنْتِفَاعُ بِهِ يَكُونُ بِمُضِيِّ فَتْرَةٍ يَنْتَفِعُ فِيهَا الْمُقْتَرِضُ بِمَال الْقَرْضِ، وَذَلِكَ بِاسْتِهْلَاكِ عَيْنِهِ؛ لأَِنَّهُ لَوْ كَانَ الاِنْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ كَانَ إِعَارَةً لَا قَرْضًا، ثُمَّ يَرُدُّ مِثْلَهُ إِذَا كَانَ مِثْلِيًّا وَقِيمَتَهُ إِذَا كَانَ قِيَمِيًّا، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا هَذَا الْعَقْدُ: فَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ فِي حَقِّ الطَّرَفَيْنِ طَوَال الْمُدَّةِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي الْعَقْدِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ اشْتِرَاطٌ فَلِلْمُدَّةِ الَّتِي اعْتِيدَ اقْتِرَاضُ مِثْلِهِ لَهَا، وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ عَقْدَ الْقَرْضِ عَقْدٌ لَازِمٌ بِالْقَبْضِ فِي حَقِّ الْمُقْرِضِ، جَائِزٌ فِي حَقِّ الْمُقْتَرِضِ، وَيَثْبُتُ الْعِوَضُ عَنِ الْقَرْضِ فِي ذِمَّةِ الْمُقْتَرِضِ حَالًّا، وَإِنْ أَجَّلَهُ؛ لأَِنَّهُ عَقْدٌ مُنِعَ فِيهِ مِنَ التَّفَاضُل، فَمَنْعُ الأَْجَل فِيهِ، كَالصَّرْفِ، إِذِ الْحَال لَا يَتَأَجَّل
(1) تكملة فتح القدير 8 / 97، والدسوقي 4 / 346 وكشاف القناع 4 / 539، ومغني المحتاج 4 / 518