الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفُسُوقُ وَالْجِدَال:
94 -
الْفُسُوقُ: هُوَ الْخُرُوجُ عَنِ الطَّاعَةِ. وَهُوَ حَرَامٌ فِي كُل حَالٍ، وَفِي حَال الإِْحْرَامِ آكَدُ وَأَغْلَظُ، لِذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْكِتَابِ الْكَرِيمِ:{وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَال فِي الْحَجِّ} . (1) وَقَدِ اخْتَارَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ وَالْمُحَقِّقُونَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي الآْيَةِ إِتْيَانُ مَعَاصِي اللَّهِ تَعَالَى. وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَالصَّوَابُ، لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنَ اسْتِعْمَال الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالشَّرْعِ لِكَلِمَةِ الْفِسْقِ بِمَعْنَى الْخُرُوجِ عَنِ الطَّاعَةِ.
وَالْجِدَال: الْمُخَاصَمَةُ. وَقَدْ قَال جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ الْمُتَقَدِّمِينَ: أَنْ تُمَارِيَ صَاحِبَكَ حَتَّى تُغْضِبَهُ. وَهَذَا يَقْتَضِي النَّهْيَ عَنْ كُل مَسَاوِئِ الأَْخْلَاقِ وَالْمُعَامَلَاتِ. لَكِنْ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ الأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ لَا يَدْخُل فِي حَظْرِ الْجِدَال.
الْفَصْل السَّادِسُ
مَكْرُوهَاتُ الإِْحْرَامِ
95 -
وَهِيَ أُمُورٌ يَكُونُ فَاعِلُهَا مُسِيئًا، لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ جَزَاءٌ لَوْ فَعَلَهَا. وَفِي بَيَانِهَا تَنْبِيهٌ هَامٌّ، وَإِزَاحَةٌ لِمَا قَدْ يَقَعُ مِنَ اشْتِبَاهٍ.
96 -
فَمِنْهَا غَسْل الرَّأْسِ وَالْجَسَدِ وَاللِّحْيَةِ بِالسِّدْرِ وَنَحْوِهِ، عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ يَقْتُل الْهَوَامَّ وَيُلَيِّنُ الشَّعْرَ (2)
97 -
وَمَشْطُ الرَّأْسِ بِقُوَّةٍ، وَحَكُّهُ، وَكَذَا حَكُّ
(1) سورة البقرة / 197
(2)
شرح اللباب ص 82
الْجَسَدِ حَكًّا شَدِيدًا، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى قَطْعِ الشَّعْرِ أَوْ نَتْفِهِ. أَمَّا لَوْ فَعَل ذَلِكَ بِرِفْقٍ فَإِنَّهُ مُبَاحٌ، لِذَلِكَ قَالُوا: يَحُكُّ بِبُطُونِ أَنَامِلِهِ (1) . قَال النَّوَوِيُّ: " وَأَمَّا حَكُّ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ فَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي إِبَاحَتِهِ بَل هُوَ جَائِزٌ (2) ".
98 -
وَالتَّزَيُّنُ، صَرَّحَ بِكَرَاهَتِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَعِبَارَاتُ غَيْرِهِمْ تَدُل عَلَيْهِ. قَال الْحَنَفِيَّةُ فِي الاِكْتِحَال بِكُحْلٍ غَيْرِ مُطَيِّبٍ لِقَصْدِ الزِّينَةِ إِنَّهُ مَكْرُوهٌ، فَإِنِ اكْتَحَل لَا لِقَصْدِ الزِّينَةِ بِكُحْلٍ غَيْرِ مُطَيِّبٍ بَل لِلتَّدَاوِي أَوْ لِتَقْوِيَةِ الْبَاصِرَةِ فَمُبَاحٌ (3) . أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَالاِكْتِحَال بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ مَحْظُورٌ عِنْدَهُمْ، وَفِيهِ الْفِدَاءُ، إِلَاّ لِضَرُورَةٍ فَلَا فِدَاءَ فِيهِ (4) .
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ (5) وَالْحَنَابِلَةِ (6) الاِكْتِحَال بِمَا لَا طِيبَ فِيهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ زِينَةٌ، غَيْرُ مَكْرُوهٍ، كَالْكُحْل الأَْبْيَضِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ زِينَةٌ كَالإِْثْمِدِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ فِيهِ فِدْيَةٌ. فَإِنِ اكْتَحَل بِمَا فِيهِ زِينَةٌ لِحَاجَةٍ كَالرَّمَدِ فَلَا كَرَاهَةَ. أَمَّا الاِكْتِحَال بِكُحْلٍ مُطَيِّبٍ فَإِنَّهُ مَحْظُورٌ اتِّفَاقًا عَلَى الرِّجَال وَالنِّسَاءِ.
مَا يُبَاحُ فِي الإِْحْرَامِ
99 -
الأُْمُورُ الَّتِي تُبَاحُ فِي الإِْحْرَامِ كُل مَا لَيْسَ
(1) المسلك المتقسط شرح اللباب ص 82 - 84
(2)
المجموع 7 / 253
(3)
المسلك المتقسط ص 82، 83
(4)
متن خليل والشرح الكبير وحاشيته 2 / 61
(5)
المجموع 7 / 283، ونهاية المحتاج 2 / 454
(6)
الكافي 1 / 559، ومطالب أولي النهى 2 / 353
مَحْظُورًا وَلَا مَكْرُوهًا، لأَِنَّ الأَْصْل فِي الأَْشْيَاءِ الإِْبَاحَةُ. وَنَذْكُرُ مِنْهَا مَا يَلِي:
100 -
الاِغْتِسَال بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ، وَمَاءِ الصَّابُونِ وَنَحْوِهِ (1) .
101 -
وَلُبْسُ الْخَاتَمِ جَائِزٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (2) أَوِ الشَّافِعِيَّةِ (3) وَالْحَنَابِلَةِ (4) لِلرِّجَال وَالنِّسَاءِ. وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (5) لِلرَّجُل الْمُحْرِمِ لُبْسُ الْخَاتَمِ، وَفِيهِ الْفِدَاءُ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ: فَيَجُوزُ لَهَا لُبْسُ الْمُحِيطِ لِسَائِرِ أَعْضَائِهَا، مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ عِنْدَ الثَّلَاثَةِ، وَمَا عَدَا الْوَجْهَ فَقَطْ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (6) . وَشَدُّ الْهِمْيَانِ وَالْمِنْطَقَةِ جَائِزٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (7) بِإِطْلَاقٍ وَكَذَا الشَّافِعِيَّةُ (8) . وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ (9) وَالْحَنَابِلَةُ (10) إِبَاحَةَ شَدِّهِمَا بِالْحَاجَةِ لِنَفَقَتِهِ.
102 -
وَالنَّظَرُ فِي الْمِرْآةِ مُبَاحٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (11)
(1) عبر الحنفية هنا بـ " ماء الصابون " خلافا لعبارتهم في المكروهات " بالصابون. . . " كما وقع في المسلك المتقسط ص 83، فأفاد أن الماء الذي ذاب فيه الصابون لا كراهة فيه.
(2)
المسلك المتقسط ص 83
(3)
المجموع 7 / 260، ونهاية المحتاج 2 / 449
(4)
مطالب أولي النهى 2 / 353
(5)
الشرح الكبير 2 / 55
(6)
لما سبق من الخلاف في وجوب كشف المرأة للكفين وقول الحنفية بعدمه (ف. . .)
(7)
المسلك المتقسط ص 83
(8)
المجموع 7 / 260، ونهاية المحتاج 2 / 449
(9)
الشرح الكبير، وحاشيته 2 / 58، 59
(10)
مطالب أولي النهى 2 / 330
(11)
المسلك المتقسط ص 83
وَالشَّافِعِيَّةِ (1) مُطْلَقًا. وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (2) جَائِزٌ لِحَاجَةٍ لَا لِزِينَةٍ، وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ (3) فَيُكْرَهُ عِنْدَهُمُ النَّظَرُ فِي الْمِرْآةِ، خِيفَةَ أَنْ يَرَى شُعْثًا فَيُزِيلَهُ.
103 -
وَالسِّوَاكُ نَصَّ عَلَى إِبَاحَتِهِ الْحَنَفِيَّةُ (4) وَلَيْسَ هُوَ مَحَل خِلَافٍ.
104 -
وَنَزْعُ الظُّفُرِ الْمَكْسُورِ مُبَاحٌ بِاتِّفَاقِ الأَْئِمَّةِ (5) ، وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَلَاّ يُجَاوِزَ الْقِسْمَ الْمَكْسُورَ، وَهَذَا لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ.
105 -
وَالْفَصْدُ وَالْحِجَامَةُ بِلَا نَزْعِ شَعْرٍ جَائِزَةٌ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ. وَمِثْلُهُمَا الْخِتَانُ. لَكِنْ تَحَفَّظَ الْمَالِكِيَّةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَصْدِ، فَقَالُوا: يَجُوزُ الْفَصْدُ لِحَاجَةٍ إِنْ لَمْ يَعْصِبِ الْعُضْوَ الْمَفْصُودَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَاجَةٌ لِلْفَصْدِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَإِنْ عَصَبَهُ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ (6) .
106 -
وَالاِرْتِدَاءُ وَالاِتِّزَارُ بِمَخِيطٍ أَوْ مُحِيطٍ أَيْ أَنْ يَجْعَل الثَّوْبَ الْمَخِيطَ أَوِ الْمُحِيطَ رِدَاءً أَوْ إِزَارًا، دُونَ لُبْسٍ. وَكَذَا إِلْقَاؤُهُ عَلَى جِسْمِهِ كُل ذَلِكَ مُبَاحٌ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا (7) .
107 -
وَذَبْحُ الإِْبِل وَالْبَقَرِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَْهْلِيَّةِ
(1) نهاية المحتاج 2 / 452
(2)
مطالب أولي النهى 2 / 354
(3)
الشرح الكبير مع حاشيته 2 / 60
(4)
المسلك المتقسط ص 83.
(5)
المرجع السابق ص 84، ومطالب أولي النهى 2 / 325، ونهاية المحتاج 2 / 456، والشرح الكبير 2 / 56
(6)
تنوير الأبصار 2 / 225، والشرح الكبير 2 / 58، 60، ونهاية المحتاج 2 / 454، والكافي 1 / 560
(7)
المسلك المتقسط ص 84، والشرح الكبير 2 / 56، والمجموع 7 / 260، والمطالب 2 / 330