الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَيِّتِ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ ".
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ عِنْدَ الْمَيِّتِ سُورَةَ الرَّعْدِ (1) . وَقَالَتِ الْمَالِكِيَّةُ: يُكْرَهُ قِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ وَعَلَى الْقُبُورِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَمَل السَّلَفِ (2) .
ثَالِثًا: التَّوْجِيهُ:
10 -
يُوَجَّهُ الْمُحْتَضَرُ لِلْقِبْلَةِ عِنْدَ شُخُوصِ بَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، لَا قَبْل ذَلِكَ، لِئَلَاّ يُفْزِعَهُ، وَيُوَجَّهُ إِلَيْهَا مُضْطَجِعًا عَلَى شِقِّهِ الأَْيْمَنِ اعْتِبَارًا بِحَال الْوَضْعِ فِي الْقَبْرِ؛ لأَِنَّهُ أَشْرَفُ عَلَيْهِ (3) . وَفِي تَوْجِيهِ الْمُحْتَضَرِ إِلَى الْقِبْلَةِ وَرَدَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ سَأَل عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ. فَقَالُوا: تُوُفِّيَ وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لَكَ، وَأَنْ يُوَجَّهَ لِلْقِبْلَةِ لَمَّا احْتُضِرَ. فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَصَابَ الْفِطْرَةَ، وَقَدْ رَدَدْتُ ثُلُثَ مَالِهِ عَلَى وَلَدِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَقَال: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَأَدْخِلْهُ جَنَّتَكَ، وَقَدْ فَعَلْتَ (4) . قَال الْحَاكِمُ: وَلَا أَعْلَمُ فِي تَوْجِيهِ الْمُحْتَضَرِ إِلَى الْقِبْلَةِ غَيْرَهُ.
وَفِي اضْطِجَاعِهِ عَلَى شِقِّهِ الأَْيْمَنِ قِيل: يُمْكِنُ الاِسْتِدْلَال عَلَيْهِ بِحَدِيثِ النَّوْمِ، فَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:
(1) المصنف لابن أبي شيبة.
(2)
الشرح الصغير 1 / 228
(3)
فتح القدير 1 / 446، وبدائع الصنائع 1 / 299
(4)
رواه البيهقي والحاكم وصححه عن أبي قتادة.
إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَْيْمَنِ، وَقُل: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ. . . إِلَى أَنْ قَال: فَإِنْ مِتَّ مِتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ (1) وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْقِبْلَةِ.
وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ شَاهِينَ فِي بَابِ الْمُحْتَضَرِ مِنْ كِتَابِ الْجَنَائِزِ لَهُ غَيْرَ أَثَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَال: " يُسْتَقْبَل بِالْمَيِّتِ الْقِبْلَةُ " وَزَادَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: " عَلَى شِقِّهِ الأَْيْمَنِ. مَا عَلِمْتُ أَحَدًا تَرَكَهُ مِنْ مَيِّتٍ "، وَلأَِنَّهُ قَرِيبٌ مِنَ الْوَضْعِ فِي الْقَبْرِ، وَمِنَ اضْطِجَاعِهِ فِي مَرَضِهِ، وَالسُّنَّةُ فِيهِمَا ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ فِيمَا قَرُبَ مِنْهُمَا. وَيُسْتَدَل عَلَيْهِ أَيْضًا بِمَا رَوَى أَحْمَدُ أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها عِنْدَ مَوْتِهَا اسْتَقْبَلَتِ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ تَوَسَّدَتْ يَمِينَهَا.
وَيَصِحُّ أَنْ يُوَجَّهَ الْمُحْتَضَرُ إِلَى الْقِبْلَةِ مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ، فَذَلِكَ أَسْهَل لِخُرُوجِ الرُّوحِ، وَأَيْسَرُ لِتَغْمِيضِهِ وَشَدِّ لَحْيَيْهِ، وَأَمْنَعُ مِنْ تَقَوُّسِ أَعْضَائِهِ، ثُمَّ إِذَا أُلْقِيَ عَلَى الْقَفَا يُرْفَعُ رَأْسُهُ قَلِيلاً لِيَصِيرَ وَجْهُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ دُونَ السَّمَاءِ (2) .
وَيَقُول بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إِنَّهُ لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ فِي تَوْجِيهِ الْمُحْتَضَرِ إِلَى الْقِبْلَةِ، بَل كَرِهَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ تَوْجِيهَهُ إِلَيْهَا. فَقَدْ وَرَدَ عَنْ زُرْعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: " أَنَّهُ شَهِدَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فِي مَرَضِهِ، وَعِنْدَهُ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَغُشِيَ عَلَى سَعِيدٍ، فَأَمَرَ أَبُو سَلَمَةَ أَنْ يُحَوَّل فِرَاشُهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَأَفَاقَ، فَقَال: حَوَّلْتُمْ فِرَاشِي؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَنَظَرَ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ
(1) أخرجه البخاري ومسلم.
(2)
فتح القدير 1 / 446، والهندية 1 / 154