الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ. وَعَلَيْهِ جَزَاءُ مَا فَاتَهُ مِنْ وَاجِبَاتٍ، كَمَا سَيَأْتِي.
مَوَانِعُ الْمُتَابَعَةِ بَعْدَ طَوَافِ الإِْفَاضَةِ:
53 -
اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَاجَّ إِذَا مُنِعَ عَنِ الْمُتَابَعَةِ بَعْدَ أَدَاءِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَطَوَافِ الإِْفَاضَةِ فَلَيْسَ بِمُحْصَرٍ، أَيًّا كَانَ الْمَانِعُ عَدُوًّا أَوْ مَرَضًا أَوْ غَيْرَهُمَا وَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّل بِهَذَا الإِْحْصَارِ؛ لأَِنَّ صِحَّةَ الْحَجِّ لَا تَقِفُ عَلَى مَا بَعْدَ الْوُقُوفِ وَالطَّوَافِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ فِدَاءُ تَرْكِ مَا تَرَكَهُ مِنْ أَعْمَال الْحَجِّ.
فُرُوعٌ:
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَيْنِ الأَْصْلَيْنِ فُرُوعٌ فِي الْمَذَاهِبِ الْفِقْهِيَّةِ هِيَ.
54 -
قَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ مَانِعٌ لَا يَكُونُ مُحْصَرًا شَرْعًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَبْقَى مُحْرِمًا فِي حَقِّ كُل شَيْءٍ مِنْ مَحْظُورَاتِ الإِْحْرَامِ إِنْ لَمْ يَحْلِقْ، وَإِنْ حَلَقَ فَهُوَ مُحْرِمٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ لَا غَيْرُ إِلَى أَنْ يَطُوفَ لِلزِّيَارَةِ.
وَإِنْ مُنِعَ عَنْ بَقِيَّةِ أَفْعَال حَجِّهِ بَعْدَ وُقُوفِهِ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ فَعَلَيْهِ أَرْبَعَةُ دِمَاءٍ مُجْتَمِعَةٌ، لِتَرْكِ الْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَالرَّمْيِ، وَتَأْخِيرِ الطَّوَافِ، وَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ. وَعَلَيْهِ دَمٌ خَامِسٌ لَوْ حَلَقَ فِي الْحِل، بِنَاءً عَلَى الْقَوْل بِوُجُوبِهِ فِي الْحَرَمِ، وَسَادِسٌ لَوْ كَانَ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا لِفَوَاتِ التَّرْتِيبِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَطُوفَ لِلزِّيَارَةِ وَلَوْ إِلَى آخِرِ عُمُرِهِ، وَيَطُوفَ لِلصَّدْرِ إِنْ خَلَّى بِمَكَّةَ وَكَانَ آفَاقِيًّا (1) .
(1) شرح اللباب 275 - 276، وانظر البدائع 2 / 176، وشرح لعناية 2 / 302.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَا يَحِل إِلَاّ بِطَوَافِ الإِْفَاضَةِ إِذَا كَانَ قَدَّمَ السَّعْيَ قَبْل الْوُقُوفِ ثُمَّ حُصِرَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَأَمَّا إِنْ كَانَ حُصِرَ قَبْل سَعْيِهِ فَلَا يَحِل إِلَاّ بِالإِْفَاضَةِ وَالسَّعْيِ.
وَعَلَيْهِ هَدْيٌ وَاحِدٌ لِلرَّمْيِ وَمَبِيتُ لَيَالِي مِنًى وَنُزُول مُزْدَلِفَةَ إِذَا تَرَكَهَا لِلْحَصْرِ عَنْهَا، كَمَا لَوْ تَرَكَهَا بِنِسْيَانِهَا جَمِيعَهَا، فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَيْهِ هَدْيٌ وَاحِدٌ (1) . " وَكَأَنَّهُمْ لَاحَظُوا أَنَّ الْمُوجِبَ وَاحِدٌ، لَا سِيَّمَا وَهُوَ مَعْذُورٌ (2) ".
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ كَانَ الإِْحْصَارُ بَعْدَ الْوُقُوفِ، فَإِنْ تَحَلَّل فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَلَّل حَتَّى فَاتَهُ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ بِمِنًى فَهُوَ فِيمَا يَرْجِعُ إِلَى وُجُوبِ الدَّمِ لِفَوَاتِهِمَا كَغَيْرِ الْمُحْصَرِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ أُحْصِرَ عَنِ الْبَيْتِ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَلَهُ التَّحَلُّل؛ لأَِنَّ الْحَصْرَ يُفِيدُهُ التَّحَلُّل مِنْ جَمِيعِهِ فَأَفَادَ التَّحَلُّل مِنْ بَعْضِهِ.
وَإِنْ كَانَ مَا حُصِرَ عَنْهُ لَيْسَ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ كَالرَّمْيِ، وَطَوَافِ الْوَدَاعِ، وَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ، أَوْ بِمِنًى فِي لَيَالِيهَا فَلَيْسَ لَهُ تَحَلُّل الإِْحْصَارِ؛ لأَِنَّ صِحَّةَ الْحَجِّ لَا تَقِفُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِهِ ذَلِكَ، وَحَجُّهُ صَحِيحٌ، كَمَا لَوْ تَرَكَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ.
زَوَال الإِْحْصَارِ:
55 -
اخْتَلَفَتِ الْمَذَاهِبُ فِي الآْثَارِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى زَوَال الإِْحْصَارِ، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَأْتِي الأَْحْوَال الآْتِيَةُ. الْحَالَةُ الأُْولَى: أَنْ يَزُول الإِْحْصَارُ قَبْل بَعْثِ
(1) شرح الدردير 2 / 95، وانظر مواهب الجليل 3 / 199 - 200
(2)
مواهب الجيل 2 / 199