الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزَّمَنِ يُعْرَفُ فِي الْعَادَةِ، لَا يُتَفَاوَتُ فِيهِ تَفَاوُتًا كَبِيرًا، فَأَشْبَهَ مَا إِذَا قَال رَأْسَ السَّنَةِ (1) .
الْمَبْحَثُ الثَّانِي
الأَْجَل الْمَجْهُول
التَّأْجِيل إِلَى فِعْلٍ غَيْرِ مُنْضَبِطِ الْوُقُوعِ:
81 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ (2) عَلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّأْجِيل إِلَى مَا لَا يُعْلَمُ وَقْتُ وُقُوعِهِ - حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا - وَلَا يَنْضَبِطُ، وَهُوَ الأَْجَل الْمَجْهُول، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ إِلَى قُدُومِ زَيْدٍ مِنْ سَفَرِهِ، أَوْ نُزُول مَطَرٍ، أَوْ هُبُوبِ رِيحٍ. وَكَذَا إِذَا بَاعَهُ إِلَى مَيْسَرَةٍ، وَقَدِ اسْتَدَلُّوا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الأَْجَل بِالآْثَارِ الَّتِي اسْتُدِل بِهَا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّأْجِيل بِالْفِعْل الَّذِي يَقَعُ فِي زَمَانٍ مُعْتَادٍ، كَالْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ، بَل هَذَا النَّوْعُ أَوْلَى؛ لأَِنَّ الْجَهَالَةَ هُنَاكَ مُتَقَارِبَةٌ، وَهُنَا الْجَهَالَةُ فِيهَا مُتَفَاوِتَةٌ. وَلأَِنَّ التَّأْجِيل بِمِثْل ذَلِكَ غَيْرُ مَعْلُومٍ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ: يَقْرَبُ وَيَبْعُدُ، يَتَقَدَّمُ وَيَتَأَخَّرُ (3) ، وَلأَِنَّ جَهَالَتَهُ تُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ فِي التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ، فَهَذَا
(1) المغني المطبوع مع الشرح الكبير4 / 328
(2)
رد المحتار على الدر المختار 4 / 126، وفتح القدير 5 / 87، وبدائع الصنائع4 / 181، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 67، والخرشي 3 / 438، ومغني المحتاج 2 / 105، والمهذب للشيرازي 1 / 266، 299، وكشاف القناع 3 / 189، 194، 300، والمغني المطبوع مع الشرح الكبير4 / 328
(3)
المهذب1 / 299، وكشاف القناع 3 / 300، والمغني المطبوع مع الشرح الكبير4 / 328
يُطَالِبُهُ فِي قَرِيبِ الْمُدَّةِ، وَذَاكَ فِي بِعِيدِهَا؛ وَلأَِنَّ الأَْجَل الْمَجْهُول لَا يُفِيدُ؛ لأَِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الْغَرَرِ (1) .
أَثَرُ التَّأْجِيل إِلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ جَهَالَةً مُطْلَقَةً:
82 -
سَبَقَ بَيَانُ اتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّأْجِيل إِلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ جَهَالَةً مُطْلَقَةً. وَاخْتَلَفُوا فِي أَثَرِ هَذَا التَّأْجِيل عَلَى التَّصَرُّفِ فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ رَأْيٌ لِلْحَنَابِلَةِ، أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ أَيْضًا، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ أَجَلٌ فَاسِدٌ فَأَفْسَدَ الْعَقْدَ؛ لأَِنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ رَضِيَا بِهِ مُؤَجَّلاً إِلَى هَذَا الأَْجَل، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ الأَْجَل، فَالْقَوْل بِصِحَّتِهِ حَالًّا يُخَالِفُ إِرَادَتَهُمَا وَمَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ، وَالْبَيْعُ - وَنَحْوُهُ - يَقُومُ عَلَى التَّرَاضِي، فَأَفْسَدَ الْعَقْدَ (2) . غَيْرَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَرَوْنَ أَنَّهُ إِنْ أَبْطَل الْمُشْتَرِي الأَْجَل الْمَجْهُول الْمُتَفَاوِتَ قَبْل التَّفَرُّقِ، وَنَقْدِ الثَّمَنِ، انْقَلَبَ جَائِزًا، وَعِنْدَ زُفَرَ لَا يَنْقَلِبُ جَائِزًا، وَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْل الإِْبْطَال تَأَكَّدَ الْفَسَادُ، وَلَا يَنْقَلِبُ جَائِزًا بِإِجْمَاعِ الْحَنَفِيَّةِ (3) .
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ الأَْجَل الْمَجْهُول فِي الْبَيْعِ يَفْسُدُ، وَيَصِحُّ الْبَيْعُ، وَفِي السَّلَمِ يَفْسُدُ الأَْجَل وَالسَّلَمُ، وَقَدِ اسْتَدَلُّوا عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ وَبُطْلَانِ الأَْجَل
(1) الشرح الصغير2 / 87
(2)
فتح القدير5 / 83، ورد المحتار 4 / 126، وحاشية الدسوقي 3 / 67، والخرشي 3 / 438، والمهذب للشيرازي1 / 266، 299، ومغني المحتاج 2 / 105، وكشاف القناع 3 / 189، 194، 300، والمغني والشرح الكبير4 / 53، 328
(3)
رد المحتار4 / 126