الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ - أَوْ رَضِيَ أَوْلِيَاءُ الدَّمِ وَرَضِيَ الْقَاتِل بِدَفْعِهَا كَمَا هُوَ رَأْيُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ) ، وَفِي شِبْهِ الْعَمْدِ، وَفِي الْخَطَأِ، وَلَمَّا كَانَ الْفُقَهَاءُ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ أَدَائِهَا فِي كُل نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْقَتْل الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ، كَانَ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ آرَائِهِمْ فِيمَا يَكُونُ مِنْهَا حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلاً.
الدِّيَةُ فِي الْقَتْل الْعَمْدِ:
43 -
يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) أَنَّهَا تَجِبُ فِي مَال الْقَاتِل حَالَّةً غَيْرَ مُؤَجَّلَةٍ وَلَا مُنَجَّمَةٍ، وَذَلِكَ لأَِنَّ مَا وَجَبَ بِالْقَتْل الْعَمْدِ كَانَ حَالًّا، كَالْقِصَاصِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ حَالًّا، وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الدِّيَةِ الَّتِي تَجِبُ بِالصُّلْحِ، فَيَجْعَلُونَهَا حَالَّةً فِي مَال الْقَاتِل، وَبَيْنَ الَّتِي تَجِبُ بِسُقُوطِ الْقِصَاصِ بِشُبْهَةٍ، كَمَا إِذَا قَتَل الأَْبُ ابْنَهُ عَمْدًا، فَإِنَّهَا تَجِبُ فِي مَال الْقَاتِل فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى الْقَتْل الْخَطَأِ (1) .
الدِّيَةُ فِي الْقَتْل شِبْهِ الْعَمْدِ:
44 -
تَجِبُ الدِّيَةُ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْقَتْل عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَهُوَ رَأْيُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، (وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم، وَبِهِ قَال الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ) . وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا قَضَيَا بِالدِّيَةِ عَلَى
(1) فتح القدير 9 / 204، 231 وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 250، 253، ومغني المحتاج 4 / 95، 97، والروض المربع 2 / 337، 344
الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ (1) ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا فِي عَصْرِهِمَا فَكَانَ إِجْمَاعًا، وَلأَِنَّ الْمَرْوِيَّ عَنْهُمَا كَالْمَرْوِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لأَِنَّهُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِالرَّأْيِ (2) .
الدِّيَةُ فِي الْقَتْل الْخَطَأِ:
45 -
يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الدِّيَةَ فِي الْقَتْل الْخَطَأِ تَكُونُ مُؤَجَّلَةً لِمُدَّةِ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ، يُؤْخَذُ فِي كُل سَنَةٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَيَجِبُ فِي آخِرِ كُل سَنَةٍ، وَهُوَ رَأْيُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَقَدْ قَال هَذَا أَيْضًا عَلِيٌّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَقَدْ عَزَاهُ الإِْمَامُ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ إِلَى قَضَاءِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ نَقَل الرَّافِعِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ الإِْجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ (3) .
ب -
الْمُسْلَمُ فِيهِ
(4) :
46 -
لَمَّا كَانَ السَّلَمُ هُوَ شِرَاءُ آجِلٍ بِعَاجِلٍ، وَالآْجِل هُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ، فَقَدِ اشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ
(1) روي أن عمر وعليا رضى الله عنهما " قضيا بالدية على العاقلة في ثلاث سنين " قضاء عمر: رواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق. (نصب الراية 4 / 398) . ورواه البيهقى (8 / 109) وقضاء على: رواه البيهقي (8 / 110) .
(2)
فتح القدير 9 / 144، والمغني والشرح الكبير 9 / 492 مع ملاحظة أن المالكية يرون أن الجناية إما عمد أو خطأ ولا ثالث لهما.
(3)
نيل الأوطار 7 / 76، والمغني والشرح الكبير 9 / 497، والدسوقي 4 / 285، ونهاية المحتاج 7 / 301، وابن عابدين 5 / 411.
(4)
راجع مصطلح: " سلم ".