الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْجَنِينِ أَيْضًا (1) .
مَنْ تَلْزَمُهُ الْغُرَّةُ:
15 -
الْغُرَّةُ تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ فِي سَنَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَنِينِ الْحُرِّ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ، لِلْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالْغُرَّةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي سَنَةٍ، وَلَا يَرِثُ الْجَانِي وَهَذَا هُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، فَقَدْ قَالُوا: الْغُرَّةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي وَلَوِ الْحَامِل نَفْسَهَا؛ لأَِنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى الْجَنِينِ لَا عَمْدَ فِيهَا حَتَّى يُقْصَدَ بِالْجِنَايَةِ، بَل يَجْرِي فِيهَا الْخَطَأُ وَشِبْهُ الْعَمْدِ. سَوَاءٌ أَكَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى أُمِّهِ خَطَأً أَمْ عَمْدًا أَمْ شِبْهَ عَمْدٍ (2) . وَلِلْحَنَفِيَّةِ تَفْصِيلٌ: فَلَوْ ضَرَبَ الرَّجُل بَطْنَ امْرَأَتِهِ، فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، فَعَلَى عَاقِلَةِ الأَْبِ الْغُرَّةُ، وَلَا يَرِثُ فِيهَا، وَالْمَرْأَةُ إِنْ أَجْهَضَتْ نَفْسَهَا مُتَعَمِّدَةً دُونَ إِذْنِ الزَّوْجِ، فَإِنَّ عَاقِلَتَهَا تَضْمَنُ الْغُرَّةَ وَلَا تَرِثُ فِيهَا، وَأَمَّا إِنْ أَذِنَ الزَّوْجُ، أَوْ لَمْ تَتَعَمَّدْ، فَقِيل. لَا غُرَّةَ؛ لِعَدَمِ التَّعَدِّي، لأَِنَّهُ هُوَ الْوَارِثُ وَالْغُرَّةُ حَقُّهُ، وَقَدْ أَذِنَ بِإِتْلَافِ حَقِّهِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْغُرَّةَ وَاجِبَةٌ عَلَى عَاقِلَتِهَا أَيْضًا؛ لأَِنَّهُ بِالنَّظَرِ إِلَى أَنَّ الْغُرَّةَ حَقُّهُ لَمْ يَجِبْ بِضَرْبِهِ شَيْءٌ، وَلَكِنْ لأَِنَّ الآْدَمِيَّ لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ إِهْدَارَ آدَمِيَّتِهِ وَجَبَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَاقِلَةٌ فَقِيل فِي مَالِهَا، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ: فِي بَيْتِ الْمَال، وَقَالُوا: إِنَّ الزَّوْجَةَ لَوْ أَمَرَتْ غَيْرَهَا أَنْ تُجْهِضَهَا، فَفَعَلَتْ، لَا
(1) شرح المنهج بحاشية الجمل 5 / 100 والمغني 7 / 816 ط الرياض.
(2)
أسنى المطالب 4 / 94
تَضْمَنُ الْمَأْمُورَةُ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الزَّوْجِ (1) . وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وُجُوبَ الْغُرَّةِ فِي مَال الْجَانِي فِي الْعَمْدِ مُطْلَقًا، وَكَذَا فِي الْخَطَأِ، إِلَاّ أَنْ يَبْلُغَ ثُلُثَ دِيَتِهِ فَأَكْثَرَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ، كَمَا لَوْ ضَرَبَ مَجُوسِيٌّ حُرَّةً حُبْلَى، فَأَلْقَتْ جَنِينًا، فَإِنَّ الْغُرَّةَ الْوَاجِبَةَ هُنَا أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ دِيَةِ الْجَانِي (2) . وَيُوَافِقُهُمُ الشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ غَيْرِ صَحِيحٍ عِنْدَهُمْ فِيمَا إِذَا كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَمْدًا، إِذْ قَالُوا: وَقِيل: إِنْ تَعَمَّدَ الْجِنَايَةَ فَعَلَيْهِ الْغُرَّةُ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ، بِنَاءً عَلَى تَصَوُّرِ الْعَمْدِ فِيهِ وَالأَْصَحُّ عَدَمُ تَصَوُّرِهِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى عِلْمِ وُجُودِهِ وَحَيَاتِهِ (3) .
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ جَعَلُوا الْغُرَّةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ إِذَا مَاتَ الْجَنِينُ مَعَ أُمِّهِ وَكَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَيْهَا خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ. أَمَّا إِذَا كَانَ الْقَتْل عَمْدًا، أَوْ مَاتَ الْجَنِينُ وَحْدَهُ، فَتَكُونُ فِي مَال الْجَانِي، وَمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ يَجِبُ مُؤَجَّلاً فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَقِيل: مَنْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ فَفِي مَالِهِ مُطْلَقًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَقِيل مَا حَمَلَهُ بَيْتُ الْمَال مِنْ خَطَأِ الإِْمَامِ
(1) حاشية ابن عابدين والدر المختار 5 / 377 فما بعدها، وتبيين الحقائق وحاشية الشلبي 6 / 140 فما بعدها.
(2)
لأن دية الجاني المجوسي ستة وستون دينارا وثلث، ثلثها اثنان وعشرون دينارا وسدس وثلث السدس. بينما دية الأم هنا خمسمائة دينار. عشرها خمسون دينارا وهي أكثر من ثلث دية الجاني - حاشية الدسوقي 4 / 368
(3)
حاشية الدسوقي 4 / 268، ومواهب الجليل والتاج والإكليل بهامشه 6 / 257، 258، ونهاية المحتاج 7 / 363