الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَل شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ (1) نَفَى الْحُرْمَةَ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالشِّفَاءِ، فَصَارَ مَعْنَى الْحَدِيثِ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَذِنَ لَكُمْ بِالتَّدَاوِي، وَجَعَل لِكُل دَاءٍ دَوَاءً، فَإِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ الدَّوَاءِ شَيْءٌ مُحَرَّمٌ وَعَلِمْتُمْ أَنَّ فِيهِ الشِّفَاءَ فَقَدْ زَالَتْ حُرْمَةُ اسْتِعْمَالِهِ (2) ؛ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَل شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ. وَأَيَّدَ هَذَا ابْنُ حَزْمٍ.
أَمَّا إِذَا كَانَ التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ لِتَعْجِيل الشِّفَاءِ فَفِي الْمَسْأَلَةِ رَأْيَانِ لِلْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ. فَبَعْضُهُمْ مَنَعَهُ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ فِي ذَلِكَ مَا دَامَ هُنَاكَ مَا يَحِل مَحَلَّهُ. وَبَعْضُهُمْ أَجَازَهُ إِذَا أَشَارَ بِذَلِكَ طَبِيبٌ مُسْلِمٌ حَاذِقٌ (3) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ رَأْيٌ لِلْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الطِّلَاءُ وَلَا الاِحْتِقَانُ وَالتَّدَاوِي بِالْخَمْرِ وَالنَّجِسِ، وَلَوْ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى الْهَلَاكِ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَل شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا؛ وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذُكِرَ لَهُ النَّبِيذُ يُصْنَعُ لِلدَّوَاءِ فَقَال: إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ وَلَكِنَّهُ دَاءٌ. (4)
(1) حديث: " إن الله لم جعل شفاءكم فما حرم عليكم " رواه الطبراني في الكبير، وابن أبي شيبة والحاكم وآخرون موقوفا على ابن مسعود. ورواه ابن حبان وأبو يعلى والبيهقي من حديث أم سلمة مرفوعا (المقاصد الحسنة ص 119) قال الهيثمي: إسناده منقطع ورجاله رجال الصحيح (فيض القدير 2 / 252)
(2)
ابن عابدين 5 / 249، وشرح البهجة 5 / 104 ط الميمنية، والقليوبي 4 / 203، والبجيرمي على الخطيب 1 / 276 ط دار المعرفة، والمغني 1 / 407 ف 552، والمحلى 1 / 168 ط المنيرية.
(3)
ابن عابدين 5 / 249، والقليوبي 4 / 203
(4)
المغني 11 / 83 ط المنار، والخرشي 5 / 351، وحديث " إنه ليس بدواء ولكنه داء " رواه مسلم وابن ماجه وأحمد (الفتح الكبير 1 / 445)
حَقْنُ الصَّغِيرِ بِاللَّبَنِ وَأَثَرُهُ فِي تَحْرِيمِ النِّكَاحِ:
16 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَرْجُوحِ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ رَأْيٌ لِكُلٍّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، إِلَى أَنَّهُ إِذَا حُقِنَ الصَّغِيرُ فِي الشَّرَجِ بِاللَّبَنِ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُرْمَةُ النِّكَاحِ. وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم حَرَّمَ بِالرَّضَاعَةِ الَّتِي تُقَابِل الْمَجَاعَةَ (1) ، وَلَمْ يُحَرِّمْ بِغَيْرِهَا شَيْئًا، فَلَا يَقَعُ تَحْرِيمٌ مَا لَمْ تُقَابَل بِهِ الْمَجَاعَةُ؛ وَلأَِنَّهُ لَا يُنْبِتُ اللَّحْمَ، وَلَا يَنْشِزُ الْعَظْمَ، وَلَا يَكْتَفِي بِهِ الصَّبِيُّ (2) .
وَفِي رَأْيٍ لِكُلٍّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ. وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّ مَا فِي الْحُقْنَةِ يَصِل إِلَى الْجَوْفِ فَيَكُونُ غِذَاءً. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ حَقْنُ الصَّغِيرِ بِاللَّبَنِ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ لِلْغِذَاءِ وَقَبْل أَنْ يَسْتَغْنِيَ، فَالرَّاجِحُ تَرَتُّبُ التَّحْرِيمِ (3) .
نَظَرُ الْحَاقِنِ إِلَى الْعَوْرَةِ:
17 -
مَنَعَ الْعُلَمَاءُ النَّظَرَ إِلَى الْعَوْرَةِ إِلَاّ فِي حَالَاتِ الضَّرُورَةِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الأَْحْوَال. وَعَدُّوا مِنْ
(1) حديث " إنما الرضاعة من المجاعة " متفق عليه (الفتح الكبير 1 / 282)
(2)
ابن عابدين 2 / 410، والقليوبي 4 / 63، والمغني 8 / 174 نشر مكتبة القاهرة، والمحلى 10 / 9، وحاشية الدسوقي 2 / 503، والخرشي 4 / 177
(3)
الدسوقي 2 / 503، والمغني 8 / 174، والخرشي 4 / 177، والقليوبي 4 / 63