الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَقْرَبَ إِلَى بَيْتِ الزَّوْجِيَّةِ وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَعُودَ لِتَعْتَدَّ وَتُحِدَّ فِي بَيْتِ الزَّوْجِيَّةِ. وَإِنْ كَانَتْ أَقْرَبَ إِلَى مَقْصِدِهَا فَهِيَ مُخَيَّرَةٌ بَيْنَ الْمُضِيِّ إِلَى مَقْصِدِهَا وَبَيْنَ الْعَوْدَةِ، وَالْعَوْدَةُ أَوْلَى. إِلَاّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ يُوجِبُونَ الْعَوْدَةَ، وَلَوْ بَلَغَتْ مَقْصِدَهَا، مَا لَمْ تُقِمْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، إِلَاّ إِذَا كَانَتْ فِي حَجَّةِ الإِْسْلَامِ وَأَحْرَمَتْ فَإِنَّهَا تَمْضِي عِنْدَهُمْ فِي حَجَّتِهَا (1) .
اعْتِكَافُ الْمُحِدَّةِ:
24 -
الْمُعْتَكِفَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، لَزِمَهَا الْخُرُوجُ لِقَضَاءِ الْعِدَّةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّ خُرُوجَهَا لِقَضَاءِ الْعِدَّةِ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ، كَمَا إِذَا خَرَجَ الْمُعْتَكِفُ لِلْجُمُعَةِ وَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ، كَإِنْقَاذِ غَرِيقٍ، أَوْ إِطْفَاءِ حَرِيقٍ، أَوْ أَدَاءِ شَهَادَةٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، أَوْ لِفِتْنَةٍ يَخْشَاهَا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ مَالِهِ.
وَإِذَا خَرَجَتِ الْمُعْتَكِفَةُ لِهَذِهِ الضَّرُورَاتِ، فَهَل يَبْطُل اعْتِكَافُهَا؟ وَهَل تَلْزَمُهَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ، أَوْ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا؟ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيَّةِ، أَنَّهُ لَا يَبْطُل اعْتِكَافُهَا، فَتَقْضِي عِدَّتَهَا، ثُمَّ تَعُودُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَتَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنَ اعْتِكَافِهَا.
وَالْقَوْل الثَّانِي لِلشَّافِعِيَّةِ: يَبْطُل اعْتِكَافُهَا، وَقَدْ
(1) فتح القدير 3 / 298، 299، والدسوقي 2 / 485، والمواق 4 / 163، والخرشي 4 / 157، 158، والمغني 9 / 186 ط الأولى، وشرح الروض 3 / 404، والجمل 4 / 465
خَرَّجَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ، وَذَكَرَ الْبَغَوِيُّ أَنَّهَا إِذَا لَزِمَهَا الْخُرُوجُ لِلْعِدَّةِ، فَمَكَثَتْ فِي الاِعْتِكَافِ، عَصَتْ وَأَجْزَأَهَا الاِعْتِكَافُ. قَالَهُ الدَّارِمِيُّ (1) .
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيَقُولُونَ: " تَمْضِي الْمُعْتَكِفَةُ عَلَى اعْتِكَافِهَا إِنْ طَرَأَتْ عَلَيْهَا عِدَّةٌ مِنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ. وَبِهَذَا قَال رَبِيعَةُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ. أَمَّا إِذَا طَرَأَ اعْتِكَافٌ عَلَى عِدَّةٍ فَلَا تَخْرُجُ لَهُ، بَل تَبْقَى فِي بَيْتِهَا حَتَّى تُتِمَّ عِدَّتَهَا، فَلَا تَخْرُجُ لِلطَّارِئِ، بَل تَسْتَمِرُّ عَلَى السَّابِقِ (2) "(ر: اعْتِكَافٌ) .
عُقُوبَةُ غَيْرِ الْمُلْتَزِمَةِ بِالإِْحْدَادِ:
25 -
يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ فِي الإِْحْدَادِ أَنَّ الْمُحِدَّةَ الْمُكَلَّفَةَ لَوْ تَرَكَتِ الإِْحْدَادَ الْوَاجِبَ كُل الْمُدَّةِ أَوْ بَعْضَهَا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَنْ جَهْلٍ فَلَا حَرَجَ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا، فَقَدْ أَثِمَتْ مَتَى عَلِمَتْ حُرْمَةَ ذَلِكَ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ. وَلَكِنَّهَا لَا تُعِيدُ الإِْحْدَادَ؛ لأَِنَّ وَقْتَهُ قَدْ مَضَى، وَلَا يَجُوزُ عَمَل شَيْءٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ، وَانْقَضَتِ الْعِدَّةُ مَعَ الْعِصْيَانِ، كَمَا لَوْ فَارَقَتِ الْمُعْتَدَّةُ الْمَسْكَنَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهَا مُلَازَمَتُهُ بِلَا عُذْرٍ، فَإِنَّهَا تَعْصِي وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا. (ف 24) وَعَلَى وَلِيِّ غَيْرِ الْمُكَلَّفَةِ إِلْزَامُهَا بِالإِْحْدَادِ فِي مُدَّتِهِ وَإِلَاّ كَانَ آثِمًا.
(1) تبيين الحقائق شرح الكنز 1 / 351 ط الأمير بولاق سنة 1313 هـ، والبحر الرائق 2 / 326 المطبعة العلمية، والفتاوى الهندية 1 / 212، والمجموع 6 / 445، 446، والمغني لابن قدامة 3 / 207
(2)
الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 2 / 486