الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَمِيعِ أَفْعَالِهِ مِنْ طَوَافٍ وَسَعْيٍ وَرَمْيِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ (1) ، أَوْ قَدْرِ رَمْيِهِ لِمَنْ تَعَجَّل فَنَفَرَ فِي ثَالِثِ أَيَّامِ النَّحْرِ، فَإِنَّ هَذَا يَنْتَظِرُ إِلَى أَنْ يَمْضِيَ - بَعْدَ الزَّوَال مِنَ الْيَوْمِ الرَّابِعِ - مَا يَسَعُ الرَّمْيَ حَتَّى يَبْدَأَ وَقْتُ الإِْحْرَامِ لَهُ لِلْعُمْرَةِ ".
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ قَرَّرَ الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ قَبْل ذَلِكَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لَمْ يَنْعَقِدْ إِحْرَامُهُ، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ الإِْحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ بَعْدَ التَّحَلُّل بِالْفَرَاغِ مِنْ جَمِيعِ أَفْعَال الْحَجِّ وَقَبْل غُرُوبِ شَمْسِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ (2) .
الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ
الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ: مِيقَاتٌ مَكَانِيٌّ لِلإِْحْرَامِ بِالْحَجِّ، وَمِيقَاتٌ مَكَانِيٌّ لِلإِْحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ.
أَوَّلاً: الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ لِلإِْحْرَامِ بِالْحَجِّ:
39 -
يَخْتَلِفُ الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ لِلإِْحْرَامِ بِالْحَجِّ بِاخْتِلَافِ مَوَاقِعِ النَّاسِ، فَإِنَّهُمْ فِي حَقِّ الْمَوَاقِيتِ الْمَكَانِيَّةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ، وَهِيَ: الصِّنْفُ الأَْوَّل: الآْفَاقِيُّ.
(1) أما الحلق فيستثنى من عدم صحة الإحرام بالعمرة قبل إتمام أفعال الحج انظر مواهب الجليل 3 / 25، وشرح الزرقاني 2 / 250، 251
(2)
انظر في الميقات الزماني للعمرة: الهداية وفتح القدير 2 / 304، والبدائع 2 / 227، والملك المتقسط ص 308، ورد المحتار 2 / 207، 208، ومواهب الجليل 3 / 22 - 26، وشرح الزرقاني 2 / 250، والشرح الكبير بحاشيته 2 / 22، وشرح الرسالة بحاشية العدوي 1 / 497، 498، والمهذب مع المجموع 7 / 133 - 136، وشرح المنهاج 2 / 92، ونهاية المحتاج 2 / 389، والكافي 1 / 528، ومطالب أولي النهى 2 / 301، 302، 445
الصِّنْفُ الثَّانِي: الْمِيقَاتِيُّ. الصِّنْفُ الثَّالِثُ: الْحَرَمِيُّ. الصِّنْفُ الرَّابِعُ: الْمَكِّيُّ، وَيَشْتَرِكُ مَعَ الْحَرَمِيِّ فِي أَكْثَرِ مِنْ وَجْهٍ، فَيَكُونَانِ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً. ثُمَّ صِنْفٌ خَامِسٌ: هُوَ مَنْ تَغَيَّرَ مَكَانُهُ، مَا مِيقَاتُهُ؟ .
مِيقَاتُ الآْفَاقِيِّ:
وَهُوَ مَنْ مَنْزِلُهُ خَارِجَ مِنْطَقَةِ الْمَوَاقِيتِ.
40 -
اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَقْرِيرِ الأَْمَاكِنِ الآْتِيَةِ مَوَاقِيتَ لأَِهْل الآْفَاقِ الْمُقَابِلَةِ لَهَا، وَهَذِهِ الأَْمَاكِنُ هِيَ:
أ - ذُو الْحُلَيْفَةِ: مِيقَاتُ أَهْل الْمَدِينَةِ، وَمَنْ مَرَّ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا. وَتُسَمَّى الآْنَ " آبَارُ عَلِيٍّ " فِيمَا اشْتُهِرَ لَدَى الْعَامَّةِ (1) .
ب - الْجُحْفَةُ: مِيقَاتُ أَهْل الشَّامِ، وَمَنْ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا مِنْ مِصْرَ، وَالْمَغْرِبِ. وَيُحْرِمُ الْحُجَّاجُ مِنْ " رَابِغٍ "، وَتَقَعُ قَبْل الْجُحْفَةِ، إِلَى جِهَةِ الْبَحْرِ، فَالْمُحْرِمُ مِنْ " رَابِغٍ " مُحْرِمٌ قَبْل الْمِيقَاتِ. وَقَدْ قِيل إِنَّ الإِْحْرَامَ مِنْهَا أَحْوَطُ لِعَدَمِ التَّيَقُّنِ بِمَكَانِ الْجُحْفَةِ.
ج - قَرْنُ الْمَنَازِل: وَيُقَال لَهُ " قَرْنٌ " أَيْضًا، مِيقَاتُ أَهْل نَجْدٍ، وَ " قَرْنٌ " جَبَلٌ مُطِلٌّ عَلَى عَرَفَاتِ. وَهُوَ أَقْرَبُ الْمَوَاقِيتِ إِلَى مَكَّةَ، وَتُسَمَّى الآْنَ " السَّيْل ".
(1) في قصة خرافية باطلة نسبت لسيدنا علي رضي الله عنه أنه قاتل في بئر فيها الجن. وهو كذب. كما يحذر من أي تقليد يفعل سوى شعائر الإحرام. انظر مواهب الجليل 3 / 30
د - يَلَمْلَمُ: مِيقَاتُ بَاقِي أَهْل الْيَمَنِ وَتِهَامَةَ، وَالْهِنْدِ. وَهُوَ جَبَلٌ مِنْ جِبَال تِهَامَةَ، جَنُوبِ مَكَّةَ.
هـ - ذَاتُ عِرْقٍ: مِيقَاتُ أَهْل الْعِرَاقِ، وَسَائِرِ أَهْل الْمَشْرِقِ.
أَدِلَّةُ تَحْدِيدِ مَوَاقِيتِ الآْفَاقِ:
41 -
وَالدَّلِيل عَلَى تَحْدِيدِهَا مَوَاقِيتَ لِلإِْحْرَامِ السُّنَّةُ وَالإِْجْمَاعُ:
أ - أَمَّا السُّنَّةُ فَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ نَذْكُرُ مِنْهَا هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ: حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَال: إِنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لأَِهْل الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَِهْل الشَّامِ الْجُحْفَةَ، وَلأَِهْل نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِل، وَلأَِهْل الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ. هُنَّ لَهُنَّ؛ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ، مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ. وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْل مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (1) .
وَحَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: يُهِل أَهْل الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَأَهْل الشَّامِ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَأَهْل نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ. قَال عَبْدُ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ - وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: وَيُهِل أَهْل الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (2)
(1) البخاري في الحج (باب مهل أهل مكة للحج والعمرة) 2 / 134 ومواضع أخرى، ومسلم 4 / 5، 6
(2)
البخاري (باب ميقات أهل المدينة) 2 / 134، ومسلم 4 / 6 من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر، وهي سلسلة الذهب، وهو عندهما كذلك في الصفحتين المذكورتين من طريق الزهري عن سالم عن أبيه، وهى سلسلة من الإسناد التي حكم لها أنها أصح الأسانيد.
فَهَذِهِ نُصُوصٌ فِي الْمَوَاقِيتِ عَدَا ذَاتِ عِرْقٍ.
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي دَلِيل تَوْقِيتِ ذَاتِ عِرْقٍ هَل وُقِّتَ بِالنَّصِّ أَمْ بِالاِجْتِهَادِ وَالإِْجْمَاعِ. فَقَال جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَمِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ ثَبَتَ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ رضي الله عنه وَأَقَرَّهُ الصَّحَابَةُ، فَكَانَ إِجْمَاعًا. وَصَحَّحَ الْحَنَفِيَّةُ (1) وَالْحَنَابِلَةُ (2) وَجُمْهُورُ الشَّافِعِيَّةِ (3) أَنَّ تَوْقِيتَ ذَاتِ عِرْقٍ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه لَمْ يَبْلُغْهُ تَحْدِيدُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَحَدَّدَهُ بِاجْتِهَادِهِ فَوَافَقَ النَّصَّ.
ب - وَأَمَّا دَلَالَةُ الإِْجْمَاعِ عَلَى هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ فَقَال النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ (4) : " قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ ". وَقَال أَبُو عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ: " أَجْمَعَ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ إِحْرَامَ الْعِرَاقِيِّ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ إِحْرَامٌ مِنَ الْمِيقَاتِ (5) ".
(1) فإنهم أثبتوا ذات عرق استنادا للحديث. انظر المبسوط 4 / 166، والهداية 2 / 131، ورد المحتار 2 / 207 وفيه تحسين الحديث نقلا عن النهر.
(2)
حتى صرح في غاية المنتهى وشرحه 2 / 296: " وهذه المواقيت ثبتت كلها بالنص لا باجتهاد عمر ".
(3)
كما ذكر النووي في المجموع 7 / 194 وأنه قول للشافعي ص 195
(4)
المغني 3 / 257