الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى أَنَّ النُّفَسَاءَ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، إِلَاّ أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْل ذَلِكَ، فَتَغْتَسِل وَتُصَلِّيَ. وَقَال أَبُو عُبَيْدٍ: وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ النَّاسِ، وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ وَأُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنهم، وَبِهِ قَال الثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَى أَبُو سَهْلٍ كَثِيرُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُسَّةَ الأَْزْدِيَّةِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَتِ النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً.
وَرَوَى الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ عَنْ مُسَّةَ الأَْزْدِيَّةِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: كَمْ تَجْلِسُ الْمَرْأَةُ إِذَا وَلَدَتْ؟ قَال: أَرْبَعِينَ يَوْمًا، إِلَاّ أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْل ذَلِكَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلأَِنَّهُ قَوْل مَنْ سَمَّيْنَا مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ نَعْرِفْ لَهُمْ مُخَالِفًا فِي عَصْرِهِمْ فَكَانَ إِجْمَاعًا، وَقَدْ حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ إِجْمَاعًا، وَنَحْوَهُ حَكَى أَبُو عُبَيْدٍ.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّ أَكْثَرَهُ سِتُّونَ يَوْمًا، وَحَكَى ابْنُ عُقَيْلٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رِوَايَةً مِثْل قَوْلِهِمَا، لأَِنَّهُ رُوِيَ عَنِ الأَْوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قَال: عِنْدَنَا امْرَأَةٌ تَرَى النِّفَاسَ شَهْرَيْنِ، وَرُوِيَ مِثْل ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ وَجَدَهُ، وَالْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إِلَى الْوُجُودِ، وَقَال
الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ غَالِبَهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا (1) .
سِنُّ الْبُلُوغِ:
26 -
لَقَدْ جَعَل الشَّارِعُ الْبُلُوغَ أَمَارَةً عَلَى تَكَامُل الْعَقْل؛ لأَِنَّ الاِطِّلَاعَ عَلَى تَكَامُل الْعَقْل مُتَعَذِّرٌ، فَأُقِيمَ الْبُلُوغُ مَقَامَهُ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي سِنِّ الْبُلُوغِ: فَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (2) وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَبِرَأْيِهِمَا يُفْتَى فِي الْمَذْهَبِ، وَالأَْوْزَاعِيُّ، أَنَّ الْبُلُوغَ بِالسِّنِّ يَكُونُ بِتَمَامِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَمَرِيَّةً لِلذَّكَرِ وَالأُْنْثَى (تَحْدِيدِيَّةٌ كَمَا صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ) ، لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ. عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْنِي وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْتُ، وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَأَجَازَنِي، وَرَآنِي بَلَغْتُ. رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ (3) قَال الشَّافِعِيُّ: رَدَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَبْعَةَ عَشَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، لأَِنَّهُ لَمْ يَرَهُمْ بَلَغُوا، ثُمَّ عُرِضُوا عَلَيْهِ وَهُمْ أَبْنَاءُ خَمْسَ عَشْرَةَ، فَأَجَازَهُمْ، مِنْهُمْ
(1) فتح القدير 1 / 165، والخرشي 1 / 210، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير1 / 136، ومغني المحتاج1 / 119، والمغني والشرح الكبير1 / 363
(2)
حاشيه البرماوي 249، والمغني والشرح الكبير 4 / 514
(3)
غزوة أحد كانت في شوال سنة ثلاث من الهجرة، والخندق كانت في جمادى سنة خمس من الهجرة، وقد فسر قوله رضي الله عنه وأنا ابن أربع عشرة سنة - أي طعنت فيها - وبقوله وأنا ابن خمس عشرة سنة أي استكملتها. ويراجع سبل السلام 3 / 38 مطبعة الاستقامة سنة 1357 هـ