الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاشْتَرَطَ خِدْمَتَهَا، فَقَال لَهُ عُمَرُ لَا تَقْرَبْهَا وَفِيهَا مَثْنَوِيَّةٌ (1) .
وَأَمَّا إِذَا جَعَل تَأْجِيل تَسْلِيمِ الْعَيْنِ لِمَصْلَحَةِ أَجْنَبِيٍّ عَنِ الْعَقْدِ، كَمَا إِذَا بَاعَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا فُلَانٌ " الأَْجْنَبِيُّ عَنِ الْعَقْدِ " شَهْرًا، فَلَمْ يَرَ صِحَّةَ هَذَا أَحَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ غَيْرُ الْحَنَابِلَةِ (2) .
تَأْجِيل الدَّيْنِ
الدَّيْنُ: هُوَ مَالٌ حُكْمِيٌّ يَحْدُثُ فِي الذِّمَّةِ بِبَيْعٍ أَوِ اسْتِهْلَاكٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (3) .
مَشْرُوعِيَّةُ تَأْجِيل الدُّيُونِ:
34 -
لَقَدْ شُرِعَ جَوَازُ تَأْجِيل الدُّيُونِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ. أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ. . .} (4) فَهَذِهِ الآْيَةُ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَدُل عَلَى جَوَازِ تَأْجِيل سَائِرِ الدُّيُونِ، إِلَاّ أَنَّهَا تَدُل عَلَى أَنَّ مِنَ الدُّيُونِ مَا يَكُونُ مُؤَجَّلاً، وَهُوَ مَا نَقْصِدُهُ هُنَا مِنَ الاِسْتِدْلَال بِهَا عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الأَْجَل.
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رُوِيَ عَنِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رضي الله عنها
(1) فتح القدير5 / 215 - 218، ورد المحتار على الدر المختار 4 / 126ط 3 الأميرية، والمجموع شرح المهذب9 / 367، والغرر البهية 2 / 426، ونهاية المحتاج 3 / 59، ومغني المحتاج 2 / 31
(2)
كشاف القناع 3 / 191 ط الرياض.
(3)
بدائع الصنائع 5 / 174
(4)
سورة البقرة / 282، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 3 / 377 ط دار الكتب 1936، وأحكام القرآن للجصاص1 / 573
: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا لَهُ مِنْ حَدِيدٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَاللَّفْظُ لَهُ. فَهُوَ يَدُل عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَأْجِيل الأَْثْمَانِ، وَقَدْ أَجْمَعَتِ الأُْمَّةُ عَلَى ذَلِكَ (1) .
حِكْمَةُ قَبُول الدَّيْنِ التَّأْجِيل دُونَ الْعَيْنِ:
35 -
نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الأَْعْيَانِ وَالدُّيُونِ مِنْ حَيْثُ جَوَازُ التَّأْجِيل فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الأُْولَى: أَنَّ الأَْعْيَانَ مُعَيَّنَةٌ وَمُشَاهَدَةٌ، وَالْمُعَيَّنُ حَاصِلٌ وَمَوْجُودٌ، وَالْحَاصِل وَالْمَوْجُودُ لَيْسَ هُنَاكَ مَدْعَاةٌ لِجَوَازِ وُرُودِ الأَْجَل عَلَيْهِ. أَمَّا الدُّيُونُ: فَهِيَ مَالٌ حُكْمِيٌّ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، فَهِيَ غَيْرُ حَاصِلَةٍ وَلَا مَوْجُودَةٍ، وَمِنْ ثَمَّ شُرِعَ جَوَازُ تَأْجِيلِهَا، رِفْقًا بِالْمَدِينِ، وَتَمْكِينًا لَهُ مِنَ اكْتِسَابِهَا وَتَحْصِيلِهَا فِي الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ، حَتَّى إِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ عَيَّنَ النُّقُودَ الَّتِي اشْتَرَى بِهَا لَمْ يَصِحَّ تَأْجِيلُهَا.
الدُّيُونُ مِنْ حَيْثُ جَوَازُ التَّأْجِيل وَعَدَمُهُ:
36 -
أَوْضَحَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الدُّيُونَ تَكُونُ حَالَّةً، وَأَنَّهُ يَجُوزُ تَأْجِيلُهَا إِذَا قَبِل الدَّائِنُ، وَاسْتَثْنَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنْ هَذَا الأَْصْل عِدَّةَ دُيُونٍ:
أ -
رَأْسُ مَال السَّلَمِ:
37 -
وَذَلِكَ لأَِنَّ حَقِيقَتَهُ شِرَاءُ آجِلٍ، وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ (وَهُوَ السِّلْعَةُ) ، بِعَاجِلٍ، وَهُوَ رَأْسُ الْمَال (وَهُوَ الثَّمَنُ) فَرَأْسُ مَال السَّلَمِ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ حَالًّا، عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ هَذَا
(1) مصطلح " سلم ".