الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَجَازَ الإِْحْرَامُ بِهِ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ كَالْعُمْرَةِ، أَوْ: أَحَدِ الْمِيقَاتَيْنِ، فَصَحَّ الإِْحْرَامُ قَبْلَهُ، كَمِيقَاتِ الْمَكَانِ (1) .
وَوَجَّهَ الْحَنَفِيَّةُ الْمَسْأَلَةَ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِمْ بِأَنَّهُ شَرْطٌ عِنْدَهُمْ، فَأَشْبَهَ الطَّهَارَةَ فِي جَوَازِ التَّقْدِيمِ عَلَى الْوَقْتِ، وَثَبَتَتِ الْكَرَاهَةُ لِشَبَهِهِ بِالرُّكْنِ (2) . وَاسْتَدَل الشَّافِعِيَّةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} . (3)
وَوَجْهُ الاِسْتِدْلَال أَنَّ ظَاهِرَهُ التَّقْدِيرُ الآْخَرُ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ النُّحَاةُ، وَهُوَ (وَقْتُ الْحَجِّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) فَخَصَّصَهُ بِهَا مِنْ بَيْنِ سَائِرِ شُهُورِ السَّنَةِ، فَدَل عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبْلَهَا، كَمِيقَاتِ الصَّلَاةِ. وَاسْتَدَلُّوا مِنَ الْمَعْقُول: بِأَنَّ الإِْحْرَامَ نُسُكٌ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ، فَكَانَ مُؤَقَّتًا، كَالْوُقُوفِ وَالطَّوَافِ (4) .
36 -
اتَّفَقُوا بَعْدَ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَوْ فَعَل أَيَّ شَيْءٍ مِنْ أَفْعَال الْحَجِّ قَبْل أَشْهُرِ الْحَجِّ لَمْ يُجْزِهِ، حَتَّى لَوْ صَامَ الْمُتَمَتِّعُ أَوِ الْقَارِنُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَبْل أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا يَجُوزُ، وَكَذَا السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ لَا يَقَعُ عَنْ سَعْيِ الْحَجِّ إِلَاّ فِيهَا.
ثَانِيًا: الْمِيقَاتُ الزَّمَانِيُّ لِلإِْحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ:
37 -
اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مِيقَاتَ الْعُمْرَةِ الزَّمَانِيَّ هُوَ جَمِيعُ الْعَامِ، فَيَصِحُّ أَنْ تُفْعَل فِي جَمِيعِ السَّنَةِ، وَيَنْعَقِدُ إِحْرَامُهَا، وَذَلِكَ لِعَدَمِ الْمُخَصِّصِ لَهَا بِوَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ.
(1) المغني 3 / 271
(2)
فتح القدير 2 / 221
(3)
سورة البقرة 197
(4)
المهذب 7 / 124، 125
وَكَذَلِكَ قَرَّرُوا أَنَّهَا أَفْضَل فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ. وَعَبَّرَ الْحَنَفِيَّةُ بِقَوْلِهِمْ: " تُنْدَبُ فِي رَمَضَانَ "، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (1) .
38 -
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي أَوْقَاتٍ يُكْرَهُ فِيهَا الإِْحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ أَوْ لَا يُكْرَهُ. وَهِيَ:
أ - يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ: ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِيهَا، لَكِنْ قَال الرَّمْلِيُّ الشَّافِعِيُّ:" وَهِيَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَالْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَيْسَتْ كَفَضْلِهَا فِي غَيْرِهَا؛ لأَِنَّ الأَْفْضَل فِعْل الْحَجِّ فِيهَا ".
وَاسْتَدَلُّوا لِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ بِأَنَّ الأَْصْل عَدَمُ الْكَرَاهَةِ، وَلَا دَلِيل عَلَيْهَا.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ تُكْرَهُ تَحْرِيمًا يَوْمَ عَرَفَةَ وَأَرْبَعَةَ أَيَّامٍ بَعْدَهُ، حَتَّى يَجِبَ الدَّمُ عَلَى مَنْ فَعَلَهَا فِي ذَلِكَ عِنْدَهُمْ. وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل عَائِشَةَ رضي الله عنها: حَلَّتِ الْعُمْرَةُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إِلَاّ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ: يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ (2) . " وَلأَِنَّ هَذِهِ الأَْيَّامَ أَيَّامُ شُغْلٍ بِأَدَاءِ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةُ فِيهَا تَشْغَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَرُبَّمَا يَقَعُ الْخَلَل فِيهِ فَتُكْرَهُ ".
ب - اسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْ سَعَةِ الْوَقْتِ لِلإِْحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ، فَقَالُوا: الْحَاجُّ وَقْتُ إِحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ مِنْ وَقْتِ تَحَلُّلِهِ مِنَ الْحَجِّ، وَذَلِكَ " بِالْفَرَاغِ مِنْ
(1) البخاري (باب عمرة في رمضان) 3 / 3، ومسلم 4 / 61، 62 وفي لفظ لمسلم " حجة معي " وفي الحديث قصة لم نذكرها.
(2)
نصب الراية 3 / 146، 147