الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زَوْجُهَا فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا إِحْدَادَ عَلَيْهَا؛ لأَِنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَأَنَّ بَقَاءَ الزَّوَاجِ الْفَاسِدِ نِقْمَةٌ، وَزَوَالُهُ نِعْمَةٌ، فَلَا مَحَل لِلإِْحْدَادِ.
وَذَهَبَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى وُجُوبِ الإِْحْدَادِ عَلَيْهَا تَبَعًا لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ، وَذَهَبَ الْقَاضِي الْبَاجِيُّ الْمَالِكِيُّ إِلَى أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا الْمُتَوَفِّي شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ، كَالتَّوَارُثِ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، وَيَلْزَمُهَا الإِْحْدَادُ (1) .
6 -
أَمَّا إِحْدَادُ الْمَرْأَةِ عَلَى قَرِيبٍ غَيْرِ زَوْجٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِمُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقَطْ، وَيَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا. وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَتْهُ زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَتْ: لَمَّا أَتَى أُمَّ حَبِيبَةَ نَعْيُ أَبِي سُفْيَانَ دَعَتْ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ بِصُفْرَةٍ، فَمَسَحَتْ بِهِ ذِرَاعَيْهَا وَعَارِضَيْهَا، وَقَالَتْ: كُنْتُ عَنْ هَذَا غَنِيَّةً، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُول: لَا يَحِل لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَاّ عَلَى زَوْجٍ فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَاللَّفْظُ لَهُ (2) .
وَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنَ الإِْحْدَادِ عَلَى الْقَرِيبِ.
(1) فتح القدير 4 / 164 ط الميمنية، وابن عابدين 2 / 617 ط أولى، وبدائع الصنائع 3 / 209 ط الأولى - الجمالية بمصر، والخرشي 3 / 287 ط أولى - الشرقية، والباجي على الموطأ 4 / 145 مكتبة السعادة بمصر، والأم 5 / 232 مطبعة الكليات الأزهرية، والمجموع شرح المهذب للشيرازي 27 / 32 نشر مكتبة الإرشاد بجدة، ونهاية المحتاج 7 / 140 ط الحلبي، والمغني لابن قدامة 9 / 166، 167 ط المنار، والكافي لابن قدامة 2 / 950 نشر المكتب الإسلامي بدمشق، ومغني المحتاج لشرح المنهاج 9 / 399 الحلبي 1377 هـ.
(2)
صحيح مسلم بتحقيق عبد الباقي 2 / 1126
إِحْدَادُ زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ:
7 -
الْمَفْقُودُ: هُوَ مَنِ انْقَطَعَ خَبَرُهُ، وَلَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ مِنْ مَمَاتِهِ. فَإِذَا حُكِمَ بِاعْتِبَارِهِ مَيِّتًا فَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ زَوْجَتَهُ تَعْتَدُّ عِدَّةَ وَفَاةٍ مِنْ حِينِ الْحُكْمِ، وَلَكِنْ أَيَجِبُ عَلَيْهَا الإِْحْدَادُ؟ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى وُجُوبِهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ عِدَّةَ وَفَاةٍ، فَتَأْخُذُ حُكْمَهَا. وَذَهَبَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فَإِنَّهُ لَا إِحْدَادَ عَلَيْهَا (1) .
بَدْءُ مُدَّةِ الإِْحْدَادِ:
8 -
يَبْدَأُ الإِْحْدَادُ عَقِيبَ الْوَفَاةِ سَوَاءٌ عَلِمَتِ الزَّوْجَةُ بِوَقْتِهَا، أَوْ تَأَخَّرَ عِلْمُهَا، وَعَقِيبَ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ عِنْدَ مَنْ يَرَى ذَلِكَ. هَذَا إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ وَالطَّلَاقُ مَعْلُومَيْنِ. أَمَّا إِذَا مَاتَ الزَّوْجُ، أَوْ طَلَّقَهَا، وَهُوَ بَعِيدٌ عَنْهَا فَيَبْدَأُ الإِْحْدَادُ مِنْ حِينِ عِلْمِهَا. وَلَيْسَ عَلَيْهَا قَضَاءُ مَا فَاتَ، وَيَنْقَضِي بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَإِذَا انْتَهَتْ مُدَّةُ الإِْحْدَادِ وَبَقِيَتْ مُحِدَّةً بِلَا قَصْدٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهَا.
حِكْمَةُ تَشْرِيعِ الإِْحْدَادِ:
9 -
شُرِعَ إِحْدَادُ الْمَرْأَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَفَاءً لِلزَّوْجِ، وَمُرَاعَاةً لِحَقِّهِ الْعَظِيمِ عَلَيْهَا، فَإِنَّ الرَّابِطَةَ
(1) الفتاوى الهندية 2 / 300 ط الأميرية سنة 1310 هـ، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي على 2 / 478 مطبعة إحياء الكتب العربية، وشرح الخرشي على مختصر خليل 3 / 287، 288 ط الشرقية سنة 1316 هـ، وشرح روض الطالب 3 / 400 نشر المكتبة الإسلامية ببيروت، والمقنع في فقه الحنابلة لابن قدامة 3 / 281، والكافي في فقه الحنابلة لابن قدامة 2 / 937، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 2 / 479 ط الحلبي.