الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جِنَازَةٍ، فَرَأَى امْرَأَةً فِي يَدِهَا مِجْمَرٌ، فَصَاحَ عَلَيْهَا وَطَرَدَهَا حَتَّى تَوَارَتْ بِالآْكَامِ (1)، وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: لَا تُتْبَعُ الْجِنَازَةُ بِصَوْتٍ وَلَا نَارٍ (2)، وَقَدْ أَوْصَى كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ بِأَلَاّ يُتْبَعُوا بِنَارٍ بَعْدَ مَوْتِهِمْ (3) . وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ أَنَّ أَبَا مُوسَى حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَال: لَا تَتْبَعُونِي بِمِجْمَرٍ. قَالُوا لَهُ: أَوَ سَمِعْتَ فِيهِ شَيْئًا؟ قَال: نَعَمْ مِنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (4) .
فَإِنْ دُفِنَ لَيْلاً، فَاحْتَاجُوا إِلَى ضَوْءٍ، فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَإِنَّمَا كُرِهَ الْمَجَامِرُ الَّتِي فِيهَا الْبَخُورُ (5) .
الإِْحْرَاقُ الْمَضْمُونُ وَغَيْرُ الْمَضْمُونِ:
24 -
إِذَا أَوْقَدَ الشَّخْصُ نَارًا فِي أَرْضِهِ أَوْ فِي مِلْكِهِ، أَوْ فِي مَوَاتِ حِجْرِهِ، أَوْ فِيمَا يَسْتَحِقُّ الاِنْتِفَاعَ بِهِ، فَطَارَتْ شَرَارَةٌ إِلَى دَارِ جَارِهِ فَأَحْرَقَتْهَا، فَإِنْ كَانَ الإِْيقَادُ بِطَرِيقَةٍ مِنْ شَأْنِهَا أَلَاّ تَنْتَقِل النَّارُ إِلَى مِلْكِ الْغَيْرِ، فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ.
(1) حديث: " رأي امرأة. . . " " رواه أبو نعيم (كنز العمال 15 / 723) ولم نجد من تكلم على إسناده.
(2)
حديث: " لا تتبع الجنازة " رواه أبو داود. قال عبد الحق: سنده منقطع. قال ابن القطان: والحديث لا يصحح وإن كان متصلا (فيض القدير 6 / 387)
(3)
منهم أبو هريرة وعائشة وعمرو بن العاص (المدونة 1 / 180)
(4)
حديث أبي موسى في مسند أحمد 4 / 397 ط الميمنية.
(5)
حاشية ابن عابدين 2 / 237، وبدائع الصنائع 1 / 310، وحاشية الدسوقي 1 / 424، وبلغة السالك لأقرب المسالك 1 / 202، ونهاية المحتاج 3 / 23، وروضة الطالبين 2 / 116، والمغني لابن قدامة والشرح الكبير 2 / 364، ومغني المحتاج 1 / 360
أَمَّا إِنْ كَانَ الإِْيقَادُ بِطَرِيقَةٍ مِنْ شَأْنِهَا انْتِقَال النَّارِ إِلَى مِلْكِ الْغَيْرِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ النَّارُ، وَذَلِكَ كَأَنْ كَانَ الإِْيقَادُ وَالرِّيحُ عَاصِفَةٌ، أَوْ وَضَعَ مَادَّةً مِنْ شَأْنِهَا انْتِشَارُ النَّارِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ.
وَعَدَمُ الضَّمَانِ فِي الْحَالَةِ الأُْولَى مَرْجِعُهُ إِلَى قِيَاسِهَا عَلَى سِرَايَةِ الْجَرْحِ فِي قِصَاصِ الأَْطْرَافِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِسَبَبِ التَّقْصِيرِ. فَإِنْ أَوْقَدَ نَارًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ أَوْ مَا لَا يَمْلِكُ الاِنْتِفَاعَ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ النَّارُ؛ لأَِنَّهُ مُتَعَدٍّ (1) .
مِلْكِيَّةُ الْمَغْصُوبِ الْمُتَغَيِّرِ بِالإِْحْرَاقِ:
25 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ أَحْمَدَ، إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَغَيَّرَتِ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ بِفِعْل الْغَاصِبِ حَتَّى زَال اسْمُهَا وَأَعْظَمُ مَنَافِعِهَا زَال مِلْكُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَنْهَا، وَمَلَكَهَا الْغَاصِبُ وَضَمِنَهَا. وَلَا يَحِل لَهُ الاِنْتِفَاعُ بِهَا حَتَّى يُؤَدِّيَ بَدَلَهَا، كَمَنْ غَصَبَ شَاةً وَذَبَحَهَا وَشَوَاهَا أَوْ طَبَخَهَا، أَوْ حَدِيدًا فَاتَّخَذَهُ سَيْفًا، أَوْ نُحَاسًا فَعَمِلَهُ آنِيَةً. وَسَبَبُ انْتِقَال الْمِلْكِيَّةِ أَنَّ الْغَاصِبَ أَحْدَثَ صَنْعَةً مُتَقَوَّمَةً؛ لأَِنَّ قِيمَةَ الشَّاةِ تَزْدَادُ بِطَبْخِهَا أَوْ شَيِّهَا، وَبِهَذَا يُعْتَبَرُ حَقُّ الْمَالِكِ هَالِكًا مِنْ وَجْهٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ تَبَدَّل الاِسْمُ وَفَاتَ مُعْظَمُ الْمَقَاصِدِ. وَحَقُّ الْغَاصِبِ فِي الصَّنْعَةِ قَائِمٌ مِنْ كُل وَجْهٍ، وَمَا هُوَ قَائِمٌ
(1) حاشية ابن عابدين 5 / 227، 448 و 6 / 214، 446 والفتاوى الهندية 3 / 459، وشرح الخرشي 8 / 111، 112، ومواهب الجليل للحطاب 6 / 321، وكشاف القناع 2 / 367، والمهذب 2 / 152، ونهاية المحتاج 5 / 152، 333، 334 وروضة الطالبين 5 / 285، والمغني لابن قدامة 5 / 453، 6 / 183، وبلغة السالك لأقرب المسالك 2 / 176