الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبِتَوْجِيهٍ آخَرَ (1) : أَنَّهُ تَعَالَى " ذَكَرَ الْهَدْيَ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ بَدَلاً، وَلَوْ كَانَ لَهُ بَدَلٌ لَذَكَرَهُ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ ". وَاسْتَدَلُّوا بِالْعَقْل وَذَلِكَ " لأَِنَّ التَّحَلُّل بِالدَّمِ قَبْل إِتْمَامِ مُوجِبِ الإِْحْرَامِ عُرِفَ بِالنَّصِّ، بِخِلَافِ الْقِيَاسِ، فَلَا يَجُوزُ إِقَامَةُ غَيْرِهِ مَقَامَهُ بِالرَّأْيِ (2) ".
ثَالِثًا: الْحَلْقُ أَوِ التَّقْصِيرُ:
42 -
مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ - وَمُحَمَّدٍ (3) وَمَالِكٍ (4) وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (5) الْحَلْقُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِتَحَلُّل الْمُحْصَرِ مِنَ الإِْحْرَامِ. وَيَحِل الْمُحْصَرُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِالذَّبْحِ بِدُونِ الْحَلْقِ، وَإِنْ حَلَقَ فَحَسَنٌ، وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْحَلْقَ سُنَّةٌ.
وَقَال أَبُو يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ ثَانِيَةٍ: إِنَّهُ وَاجِبٌ، وَلَوْ تَرَكَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. أَيْ أَنَّهُ سُنَّةٌ، وَفِي رِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَال فِي الْحَلْقِ لِلْمُحْصَرِ:" هُوَ وَاجِبٌ لَا يَسَعُهُ تَرْكُهُ " وَهُوَ قَوْلُهُ آخِرًا، وَأَخَذَ بِهِ الطَّحَاوِيُّ (6) .
وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (7) وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ (8)
(1) المجموع مع المهذب 8 / 243
(2)
البدائع الموضع السابق.
(3)
الهداية 2 / 298، والبدائع 2 / 180، وانظر المسلك المتقسط ص 280، ورد المحتار 2 / 321، ففيهما تفصيل أقوال أبي يوسف وصرح في رد المحتار بأن قول أبي يوسف في الحلق: ينبغي أن يفعل وإلا فلا شيء عليه. وهو ظاهر الرواية.
(4)
مواهب الجليل 3 / 198، وحاشية الدسوقي 2 / 94
(5)
وهو المذهب كما في مطالب أولي النهى 2 / 455
(6)
مختصر الطحاوي ص 72، ورد المحتار 2 / 321، وانظر الجوهرة النيرة ص 231
(7)
المجموع والمهذب 8 / 243، و 247، وشرح المنهاج للمحلي 2 / 148
(8)
المغني 3 / 361، والكافي 1 / 626، ومطالب أولي النهى 2 / 456
أَنَّ الْحَلْقَ أَوِ التَّقْصِيرَ شَرْطٌ لِلتَّحَلُّل، وَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى الْقَوْل بِأَنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ الرَّاجِحُ فِي الْمَذْهَبَيْنِ (1) ، وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّحَلُّل بِالْحَلْقِ أَوِ التَّقْصِيرِ لِمَا ذُكِرَ فِي النِّيَّةِ عِنْدَ الذَّبْحِ.
اسْتَدَل أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ مَعَهُ بِالْقِرَانِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} وَوَجْهُ دَلَالَةِ الآْيَةِ: أَنَّ الْمَعْنَى: " إِنْ أُحْصِرْتُمْ وَأَرَدْتُمْ أَنْ تَحِلُّوا فَاذْبَحُوا مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ. جَعَل ذَبْحَ الْهَدْيِ فِي حَقِّ الْمُحْصَرِ إِذَا أَرَادَ الْحِل كُل مُوجَبِ الإِْحْصَارِ، فَمَنْ أَوْجَبَ الْحَلْقَ فَقَدْ جَعَلَهُ بَعْضَ الْمُوجَبِ، وَهَذَا خِلَافُ النَّصِّ (2) ".
وَاسْتَدَل الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ: بِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَإِنَّهُ حَلَقَ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَحْلِقُوا (3) ، وَلَمَّا تَبَاطَئُوا عَظُمَ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَادَرَ فَحَلَقَ بِنَفْسِهِ، فَأَقْبَل النَّاسُ فَحَلَقُوا وَقَصَّرُوا، فَدَعَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ؟ ، فَقَال وَالْمُقَصِّرِينَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ (4) .
وَلَوْلَا أَنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ مَا دَعَا لَهُمْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَإِذَا كَانَ نُسُكًا وَجَبَ فِعْلُهُ كَمَا يَجِبُ
(1) انظر المنهاج وحاشية عميرة 2 / 127، ونهابة المحتاج 2 / 441، والمغني 3 / 435 و 436.
(2)
بدائع الصنائع 2 / 180
(3)
الهداية 2 / 298، والمهذب 8 / 243، والمغني 3 / 361، وقد خرجنا أصل الحديث (فقرة 6) .
(4)
سيرة ابن هشام ج 2 ص 319