الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأَِنَّ النِّكَاحَ إِذَا صَحَّ قَبْل الْبُلُوغِ وَأَثْنَاءِ الْجُنُونِ فَإِنَّ الْوَطْءَ يُصْبِحُ تَبَعًا لَهُ. وَحُجَّةُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الرَّجْمَ عُقُوبَةُ الثَّيِّبِ، وَلَوِ اعْتُبِرَتِ الثُّيُوبَةُ حَاصِلَةً بِالْوَطْءِ قَبْل الْبُلُوغِ وَأَثْنَاءَ الْجُنُونِ لَوَجَبَ رَجْمُ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ، وَهَذَا مَا لَا يَقُول بِهِ أَحَدٌ.
وَعِنْدَ مَالِكٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَوَجْهٌ لِلْحَنَابِلَةِ، أَنَّهُ يَكْفِي أَنْ تَتَوَفَّرَ شُرُوطُ الإِْحْصَانِ فِي أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِيَكُونَ مُحْصَنًا بِغَضِّ النَّظَرِ عَمَّا إِذَا كَانَ الزَّوْجُ الآْخَرُ تَتَوَفَّرُ فِيهِ هَذِهِ الشُّرُوطُ أَمْ لَا، إِلَاّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ لَا يَعْتَبِرُونَ الزَّوْجَةَ مُحْصَنَةً إِلَاّ إِذَا كَانَ وَاطِئُهَا بَالِغًا: فَشَرْطُ تَحْصِينِ الذَّكَرِ أَنْ تَتَوَفَّرَ فِيهِ شُرُوطُ الإِْحْصَانِ مَعَ إِطَاقَةِ مَوْطُوءَتِهِ لَهُ وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً، وَتَتَحَصَّنُ الأُْنْثَى عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ بِتَوَفُّرِ شُرُوطِ الإِْحْصَانِ فِيهَا وَبِبُلُوغِ وَاطِئِهَا وَلَوْ كَانَ مَجْنُونًا.
وَاشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ - وَهُوَ مُقَابِل الصَّحِيحِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَوَجْهٌ لِلْحَنَابِلَةِ - الْبُلُوغَ وَالْعَقْل فِي الطَّرَفَيْنِ عِنْدَ الْوَطْءِ لِيَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُحْصَنًا فَإِنْ تَوَافَرَ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ لَمْ يُعْتَبَرْ أَيٌّ مِنْهُمَا مُحْصَنًا. وَلِلْحَنَابِلَةِ وَجْهٌ آخَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّغِيرَةِ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ تِسْعًا وَلَا يُشْتَهَى مِثْلُهَا فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ وَطْءُ الْبَالِغِ الْعَاقِل لَهَا إِحْصَانًا.
7 -
ثَالِثًا: الْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ:
يُشْتَرَطُ لِقِيَامِ الإِْحْصَانِ أَنْ يُوجَدَ وَطْءٌ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَأَنْ يَكُونَ الْوَطْءُ فِي الْقُبُل، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ الْجَلْدُ وَالرَّجْمُ، وَالثُّيُوبَةُ تَحْصُل بِالْوَطْءِ فِي الْقُبُل، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ الْخَالِيَ مِنَ الْوَطْءِ لَا يَحْصُل بِهِ إِحْصَانٌ وَلَوْ حَصَلَتْ فِيهِ خَلْوَةٌ صَحِيحَةٌ أَوْ وَطْءٌ فِيمَا دُونَ
الْفَرْجِ، أَوْ وَطْءٌ فِي الدُّبُرِ؛ لأَِنَّ هَذِهِ أُمُورٌ لَا تُعْتَبَرُ بِهَا الْمَرْأَةُ ثَيِّبًا، وَلَا تَخْرُجُ عَنِ الأَْبْكَارِ اللَاّئِي حَدُّهُنَّ الْجَلْدُ. وَالْوَطْءُ الْمُعْتَبَرُ هُوَ الإِْيلَاجُ فِي الْقُبُل عَلَى وَجْهٍ يُوجِبُ الْغُسْل سَوَاءٌ أَنْزَل أَوْ لَمْ يُنْزِل. وَإِنْ كَانَ الْوَطْءُ فِي غَيْرِ نِكَاحٍ كَالزِّنَى وَوَطْءِ الشُّبْهَةِ فَلَا يَصِيرُ الْوَاطِئُ بِهِ مُحْصَنًا بِاتِّفَاقٍ. وَيُشْتَرَطُ فِي النِّكَاحِ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا، فَإِنْ كَانَ فَاسِدًا فَإِنَّ الْوَطْءَ فِيهِ لَا يُحْصِنُ، وَهَذَا رَأْيُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ؛ لأَِنَّهُ وَطْءٌ فِي غَيْرِ مِلْكٍ فَلَا يَحْصُل بِهِ إِحْصَانٌ كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ.
وَيُشْتَرَطُ إِذَا كَانَ الْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَلَاّ يَكُونَ وَطْئًا مُحَرَّمًا كَالْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ أَوِ الإِْحْرَامِ، فَإِنَّ الْوَطْءَ الَّذِي يُحَرِّمُهُ الشَّارِعُ لَا يُحْصِنُ وَلَوْ كَانَ فِي النِّكَاحِ صَحِيحٌ. وَزَادَ الْمَالِكِيَّةُ اشْتِرَاطَ أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ لَازِمًا. وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَيْبٌ أَوْ غَرَرٌ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ فَلَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الإِْحْصَانُ (1) . وَقَال أَبُو ثَوْرٍ: يَحْصُل الإِْحْصَانُ بِالْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ اللَّيْثِ وَالأَْوْزَاعِيِّ؛ لأَِنَّ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ سَوَاءٌ فِي أَكْثَرِ الأَْحْكَامِ مِثْل وُجُوبِ الْمَهْرِ وَتَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ وَأُمِّ الْمَرْأَةِ وَلُحُوقِ الْوَلَدِ، فَكَذَلِكَ فِي الإِْحْصَانِ.
8 -
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُل مَا يَلِي:
أ - وَطْءُ الْخَصِيِّ إِذَا كَانَ لَا يُجَامِعُ، وَكَذَلِكَ الْمَجْبُوبُ وَالْعِنِّينُ لَا يُحْصِنُ الْمَوْطُوءَةَ، عَلَى أَنَّهُ إِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ وَثَبَتَ نَسَبُهُ مِنَ الزَّوْجِ فَالْخَصِيُّ وَالْعِنِّينُ يُحْصِنَانِ الزَّوْجَةَ؛ لأَِنَّ الْحُكْمَ بِثُبُوتِ النَّسَبِ حُكْمٌ بِالدُّخُول. وَالْمَجْبُوبُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لَا تَصِيرُ الزَّوْجَةُ
(1) الخرشي 8 / 81