الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ فِي طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ فَقَتَلُوهُ بِطَرَفِ الْقَدُومِ، فَسَأَلْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي، فَإِنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَسْكَنٍ يَمْلِكُهُ وَلَا نَفَقَةَ. قَالَتْ: فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ. قَالَتْ: فَخَرَجْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي الْحُجْرَةِ، أَوْ فِي الْمَسْجِدِ دَعَانِي، أَوْ أَمَرَ بِي فَدُعِيتُ لَهُ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ قُلْتِ؟ فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَال: امْكُثِي فِي بَيْتِكِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ، فَاعْتَدَّتْ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه أَرْسَل إِلَيَّ فَسَأَلَنِي عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَاتَّبَعَهُ وَقَضَى بِهِ. رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ (1) .
وَذَهَبَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعَطَاءٌ مِنَ التَّابِعِينَ إِلَى أَنَّهَا تَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَعَائِشَةَ رضي الله عنهم.
وَحَاصِل مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ: أَنَّ الآْيَةَ الَّتِي جَعَلَتْ عِدَّةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (2) نَسَخَتِ الآْيَةَ الَّتِي جَعَلَتْ عِدَّةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا حَوْلاً، وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَِزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْل غَيْرَ
(1) حديث فريعة بنت مالك: في الموطأ بتحقيق محمد عبد الباقي ص 405 ط دار النفائس. بيروت. ورواه أبو داود 2 / 390، والنسائي 6 / 199 المطبعة المصرية بالأزهر. قال الشوكاني: رواه الخمسة وصححه الترمذي ولم يذكر النسائي وابن ماجه إرسال عثمان (نيل الأوطار 7 / 100 ط بيروت) .
(2)
سورة البقرة / 234
إِخْرَاجٍ} . (1) وَالنَّسْخُ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى مَا زَادَ عَنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، فَبَقِيَ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَْحْكَامِ، ثُمَّ جَاءَ الْمِيرَاثُ فَأَسْقَطَ تَعَلُّقَ حَقِّ إِسْكَانِهَا بِالتَّرِكَةِ.
مُسَوِّغَاتُ تَرْكِ مَسْكَنِ الإِْحْدَادِ:
20 -
إِنْ طَرَأَ عَلَى الْمُحِدَّةِ مَا يَقْتَضِي تَحَوُّلَهَا عَنِ الْمَسْكَنِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهَا الإِْحْدَادُ فِيهِ، جَازَ لَهَا الاِنْتِقَال إِلَى مَسْكَنٍ آخَرَ تَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِهَا، كَأَنْ خَافَتْ هَدْمًا أَوْ عَدُوًّا، أَوْ أُخْرِجَتْ مِنَ السَّكَنِ مِنْ مُسْتَحِقٍّ أَخْذَهُ، كَمَا لَوْ كَانَ عَارِيَّةً أَوْ إِجَارَةً انْقَضَتْ مُدَّتُهَا، أَوْ مُنِعَتِ السُّكْنَى تَعَدِّيًا، أَوْ طُلِبَ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْل. وَإِذَا انْتَقَلَتْ تَنْتَقِل حَيْثُ شَاءَتْ إِلَاّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، فَعَلَيْهَا أَنْ تَنْتَقِل إِلَى أَقْرَبِ مَا يُمْكِنُهَا الاِنْتِقَال إِلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا وَجَبَتِ الزَّكَاةُ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا فِي مَكَانِ وُجُوبِهَا، فَإِنَّهَا تُنْقَل إِلَى أَقْرَبِ مَوْضِعٍ يَجِدُهُمْ فِيهِ. وَلِلْجُمْهُورِ أَنَّ الْوَاجِبَ سَقَطَ لِعُذْرٍ وَلَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ لَهُ بِبَدَلٍ فَلَا يَجِبُ، وَلِعَدَمِ النَّصِّ عَلَى اخْتِيَارِ الأَْقْرَبِ.
أَمَّا الْبَدَوِيَّةُ إِذَا انْتَقَل جَمِيعُ أَهْل الْمَحَلَّةِ الَّذِينَ هِيَ مَعَهُمْ أَوْ بَقِيَ مِنْهُمْ مَنْ لَا تَأْمَنُ مَعَهُ عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِهَا فَإِنَّهَا تَنْتَقِل عَنِ السَّكَنِ الَّذِي بَدَأَتْ فِيهِ الإِْحْدَادَ كَذَلِكَ. وَإِذَا مَاتَ رُبَّانُ السَّفِينَةِ، أَوْ أَحَدُ الْعَامِلِينَ فِيهَا، وَكَانَتْ مَعَهُ زَوْجَتُهُ، وَلَهَا مَسْكَنٌ خَاصٌّ بِهَا فِي
(1) سورة البقرة / 240