الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدَّيْنِ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ (1) .
تَقْسِيمُ الأَْجَل بِاعْتِبَارِ ضَبْطِهِ وَتَحْدِيدِهِ:
70 -
يَنْقَسِمُ الأَْجَل مِنْ حَيْثُ ضَبْطُهُ وَتَحْدِيدُهُ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَأَجَلٍ مَجْهُولٍ. وَمَعْلُومِيَّةُ الأَْجَل وَجَهَالَتُهُ لَهَا أَثَرٌ عَلَى صِحَّةِ الْعَقْدِ، وَعَدَمِ صِحَّتِهِ، لِمَا تُورِثُهُ الْجَهَالَةُ مِنَ الْغَرَرِ، إِلَاّ أَنَّ مِنَ الْجَهَالَةِ مَا كَانَ مُتَقَارِبًا، وَمِنْهَا مَا كَانَ مُتَفَاوِتًا، وَفِيمَا يَلِي آرَاءُ الْمَذَاهِبِ فِي ذَلِكَ.
الْمَبْحَثُ الأَْوَّل
الأَْجَل الْمَعْلُومُ
71 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى صِحَّةِ الأَْجَل (فِيمَا يَقْبَل التَّأْجِيل) إِذَا كَانَ الأَْجَل مَعْلُومًا (2) فَأَمَّا كَيْفِيَّةُ الْعِلْمِ بِهِ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ فِيهَا إِلَى أَنْ يَعْلَمَ بِزَمَانٍ بِعَيْنِهِ لَا يَخْتَلِفُ مِنْ شَخْصٍ إِلَى شَخْصٍ وَمِنْ جَمَاعَةٍ إِلَى جَمَاعَةٍ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا كَانَ مُحَدَّدًا بِالْيَوْمِ وَالشَّهْرِ وَالسَّنَةِ.
وَالدَّلِيل عَلَى اشْتِرَاطِ مَعْلُومِيَّةِ الأَْجَل: قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} .
وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال فِي مَوْضِعِ شَرْطِ الأَْجَل: مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ
(1) المغني المطبوع مع الشرح الكبير 4 / 429 والاختيار 2 / 236، والخرشي 4 / 153، ومغني المحتاج 2 / 132 وكشاف القناع 3 / 350 ط الرياض.
(2)
فتح القدير 5 / 83، 84 والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 357 ومغني المحتاج 2 / 105، والمغني مع الشرح الكبير 4 / 328
وَقَدِ انْعَقَدَ الإِْجْمَاعُ عَلَى صِحَّةِ التَّأْجِيل إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ.
وَلأَِنَّ جَهَالَةَ الأَْجَل تُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ فِي التَّسَلُّمِ وَالتَّسْلِيمِ، فَهَذَا يُطَالِبُهُ فِي قَرِيبِ الْمُدَّةِ، وَذَاكَ فِي بِعِيدِهَا، وَكُل مَا يُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ يَجِبُ إِغْلَاقُ بَابِهِ. وَلأَِنَّهُ. سَيُؤَدِّي إِلَى عَدَمِ الْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ، وَقَدْ أُمِرْنَا بِالْوَفَاءِ بِهَا.
72 -
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حَقِيقَةِ الْعِلْمِ بِالأَْجَل، أَوْ مَعْلُومِيَّةِ الأَْجَل: فَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الأَْجَل الْمَعْلُومَ هُوَ مَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ، كَشُهُورِ الْعَرَبِ (1) . وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ " مَا يَكُونُ مَعْلُومًا لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ وَلَوْ حُكْمًا، وَأَنَّ الأَْيَّامَ الْمَعْلُومَةَ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ كَالْمَنْصُوصَةِ، وَأَنَّ التَّأْجِيل بِالْفِعْل الَّذِي يُفْعَل فِي الأَْيَّامِ الْمُعْتَادَةِ كَالتَّأْجِيل بِالأَْيَّامِ (2) ". وَإِزَاءَ هَذَيْنِ الاِتِّجَاهَيْنِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ آرَاءِ الْفُقَهَاءِ فِي التَّأْجِيل إِلَى أَزْمِنَةٍ مَعْلُومَةٍ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، أَوْ إِلَى فُصُولٍ أَوْ مُنَاسَبَاتٍ، أَوْ إِلَى فِعْلٍ يَقَعُ فِي أَزْمِنَةٍ مُعْتَادَةٍ.
التَّأْجِيل إِلَى أَزْمِنَةٍ مَنْصُوصَةٍ
73 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى صِحَّةِ التَّأْجِيل إِلَى أَزْمِنَةٍ مَنْصُوصَةٍ، كَمَا لَوْ قَال " خُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا فِي إِرْدَبِّ قَمْحٍ إِلَى أَوَّل شَهْرِ رَجَبٍ مِنْ هَذَا الْعَامِ، أَوْ آخُذُهُ مِنْكَ بَعْدَ عِشْرِينَ يَوْمًا (3) ".
(1) المهذب للشيرازي 1 / 299
(2)
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 205
(3)
نفس المرجع السابق، وبدائع الصنائع 4 / 181، ومغني المحتاج 2 / 105، 106، 349، والمغني والشرح الكبير 4 / 328، وكشاف القناع 3 / 189