الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمَّا إِذَا كَانَ الإِْقْطَاعُ مُطْلَقًا، أَوْ مَشْكُوكًا فِيهِ، فَإِنَّهُ يُحْمَل عَلَى إِقْطَاعِ الإِْرْفَاقِ؛ لأَِنَّهُ الْمُحَقَّقُ (1) .
الْحِمَى:
21 -
الْحِمَى لُغَةً: مَا مُنِعَ النَّاسُ عَنْهُ، وَاصْطِلَاحًا: أَنْ يَمْنَعَ الإِْمَامُ مَوْضِعًا لَا يَقَعُ فِيهِ التَّضْيِيقُ عَلَى النَّاسِ لِلْحَاجَةِ الْعَامَّةِ لِذَلِكَ، لِمَاشِيَةِ الصَّدَقَةِ، وَالْخَيْل الَّتِي يُحْمَل عَلَيْهَا (2) .
وَقَدْ كَانَ لِلرَّسُول صلى الله عليه وسلم أَنْ يَحْمِيَ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ، لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ: لَا حِمَى إِلَاّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ (3) ، لَكِنَّهُ لَمْ يَحْمِ لِنَفْسِهِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا حَمَى لِلْمُسْلِمِينَ، فَقَدْ رَوَى ابْنُ عُمَرَ، قَال: حَمَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم النَّقِيعَ (4) لِخَيْل الْمُسْلِمِينَ (5) .
وَأَمَّا سَائِرُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَحْمُوا لأَِنْفُسِهِمْ شَيْئًا، وَلَكِنْ لَهُمْ أَنْ يَحْمُوا مَوَاضِعَ لِتَرْعَى فِيهَا خَيْل الْمُجَاهِدِينَ، وَنَعَمُ الْجِزْيَةِ، وَإِبِل الصَّدَقَةِ، وَضَوَال النَّاسِ، عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ مَنْ سِوَاهُ مِنَ النَّاسِ. وَهَذَا مَذْهَبُ الأَْئِمَّةِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ
(1) المجموع 6 / 95، والجمل على شرح المنهج 3 / 564، والمغني 5 / 578، وحاشية القليوبي 3 / 79، وشرح العناية 9 / 4، ومنتهى الإرادات 1 / 544 - 545 ط دار العروبة. الرهوني 7 / 105، والهندية 5 / 386
(2)
التاج والإكليل 6 / 3، 4 ط ليبيا.
(3)
حديث " لا حمى إلا لله ولرسوله " رواه البخاري من حديث الصعب بن جثامة (تلخيص الحبير 2 / 280)
(4)
النقيع موضع قرب المدينة بينه وبين المدينة عشرون فرسخا، وهو غير نقيع الخضمات (معجم البلدان 5 / 301)
(5)
حديث ابن عمر حمى النبي النقيع أخرجه أحمد وابن حبان (تلخيص الحبير 2 / 281) قال ابن حجر في الفتح (5 / 45) في اسناده العمري، وهو ضعيف
وَالشَّافِعِيِّ فِي صَحِيحِ قَوْلَيْهِ.
وَقَال فِي الآْخَرِ: لَيْسَ لِغَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَحْمِيَ، لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: لَا حِمَى إِلَاّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ.
وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ (1) بِأَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ حَمَيَا (2) ، وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ فِي الصَّحَابَةِ، فَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِمَا، فَكَانَ إِجْمَاعًا.
وَمَا حَمَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَيْسَ لأَِحَدٍ نَقْضُهُ وَلَا تَغْيِيرُهُ مَعَ بَقَاءِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَمَنْ أَحْيَا مِنْهُ شَيْئًا لَمْ يَمْلِكْهُ. وَإِنْ زَالَتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ، وَدَعَتْ حَاجَةٌ لِنَقْضِهِ، فَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ جَوَازُ نَقْضِهِ. وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَجْهَانِ. وَاسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ جَوَازَ نَقْضِهِ إِنْ لَمْ يَقُمِ الدَّلِيل عَلَى إِرَادَةِ الاِسْتِمْرَارِ.
وَمَا حَمَاهُ غَيْرُهُ مِنَ الأَْئِمَّةِ فَغَيْرُهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ مِنَ الأَْئِمَّةِ جَازَ، وَإِنْ أَحْيَاهُ إِنْسَانٌ مَلَكَهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِلْحَنَابِلَةِ؛ لأَِنَّ حِمَى الأَْئِمَّةِ اجْتِهَادٌ، وَمِلْكُ الأَْرْضِ بِالإِْحْيَاءِ نَصٌّ، وَالنَّصُّ يُقَدَّمُ عَلَى الاِجْتِهَادِ. وَالْوَجْهُ الآْخَرُ لِلْحَنَابِلَةِ: لَا يَمْلِكُهُ؛ لأَِنَّ اجْتِهَادَ الإِْمَامِ لَا يَجُوزُ نَقْضُهُ، كَمَا لَا يَجُوزُ نَقْضُ حُكْمِهِ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، كَذَلِكَ.
(1) القليوبي وعميرة 3 / 92 ط الحلبي، والمغني 5 / 581
(2)
الأثر في ذلك عن عمر رضي الله عنه رواه البخاري (تعليق محمد حامد الفقي على الأموال لأبي عبيد ص 298 وما بعدها، وهو في الأموال أيضا) . وأما عن عثمان رضي الله عنه فلم نجده إلا فيما رواه البيهقي (في السنن الكبرى 6 / 147) عن أبي أسيد الأنصاري. / 3 247 / 3