الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذَهَبَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ دُخَانَ النَّجَاسَةِ نَجِسٌ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ. وَبُخَارُ النَّجَاسَةِ إِذَا تَصَاعَدَ بِوَاسِطَةِ نَارٍ نَجِسٌ؛ لأَِنَّ أَجْزَاءَ النَّجَاسَةِ تَفْصِلُهَا النَّارُ بِقُوَّتِهَا فَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ.
وَإِذَا طُبِخَ طَعَامٌ بِرَوْثِ آدَمِيٍّ، أَوْ بَهِيمَةٍ، أَوْ أُوقِدَ بِهِ تَحْتَ هِبَابٍ فَصَارَ نَشَادِرًا، فَالطَّعَامُ طَاهِرٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَا أَصَابَهُ مِنْ دُخَانِ النَّجَاسَةِ كَثِيرًا، وَإِلَاّ تَنَجَّسَ. وَكَذَا النَّشَادِرُ إِنْ كَانَ هِبَابُهُ طَاهِرًا، وَإِلَاّ فَهُوَ نَجِسٌ. فَالْهِبَابُ الْمَعْرُوفُ الْمُتَّخَذُ مِنْ دُخَانِ السِّرْجِينِ أَوِ الزَّيْتِ الْمُتَنَجِّسِ إِذَا أُوقِدَ بِهِ نَجِسٌ، كَالرَّمَادِ، وَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ؛ لأَِنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلُبُ التَّيْسِيرَ (1) .
التَّيَمُّمُ بِالرَّمَادِ:
10 -
كُل شَيْءٍ أُحْرِقَ حَتَّى صَارَ رَمَادًا لَمْ يَجُزِ التَّيَمُّمُ بِهِ بِالإِْجْمَاعِ. أَمَّا مَا أُحْرِقَ وَلَمْ يَصِرْ رَمَادًا فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ أَصَحُّ الأَْقْوَال عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، إِلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ مِنْهُ؛ لأَِنَّهُ بِالإِْحْرَاقِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ أَصْلِهِ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَقَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِكُل مَا احْتَرَقَ، لِخُرُوجِهِ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ صَعِيدًا.
(1) الفتاوى الهندية 1 / 47، وحاشية ابن عابدين 1 / 325، وحاشية الدسوقي 1 / 38، 58، ومغني المحتاج 1 / 81، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج مع حاشية الشبراملسي القاهري 1 / 229، 230، 2 / 173، وروضة الطالبين 2 / 61، والمغني لابن قدامة 1 / 60
وَتَفْصِيل مَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ مِنْهُ وَمَا لَا يَصِحُّ فِي مُصْطَلَحِ (تَيَمُّمٌ) . (1)
الْمَاءُ الْمُتَجَمِّعُ تَحْتَ الْجِلْدِ بِالاِحْتِرَاقِ (النَّفِطَةُ) :
11 -
النَّفِطَةُ تَحْتَ الْجِلْدِ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِنَجَاسَةٍ وَلَا نَقْضٍ لِلْوُضُوءِ. أَمَّا إِذَا خَرَجَ مَاؤُهَا فَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى نَجَاسَتِهِ، وَيُعْفَى عَمَّا يُعْتَبَرُ مِنْهُ قَلِيلاً تَبَعًا لِكُل مَذْهَبٍ فِي ضَابِطِ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فِي الْمَعْفُوَّاتِ. أَمَّا نَقْضُ الْوُضُوءِ بِخُرُوجِهِ فَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ إِنْ سَال عَنْ مَكَانِهِ، وَالْحَنَابِلَةِ إِنْ كَانَ فَاحِشًا، خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فَهُوَ غَيْرُ نَاقِضٍ عِنْدَهُمْ، كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِهِمْ لَهُ بَيْنَ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ (2) .
تَغْسِيل الْمَيِّتِ الْمُحْتَرِقِ:
12 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ مَنِ احْتَرَقَ بِالنَّارِ يُغَسَّل كَغَيْرِهِ مِنَ الْمَوْتَى إِنْ أَمْكَنَ تَغْسِيلُهُ؛ لأَِنَّ الَّذِي لَا يُغَسَّل إِنَّمَا هُوَ شَهِيدُ الْمَعْرَكَةِ وَلَوْ كَانَ مُحْتَرِقًا بِفِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِهَا. أَمَّا الْمُحْتَرِقُ خَارِجَ الْمَعْرَكَةِ فَهُوَ مِنْ شُهَدَاءِ الآْخِرَةِ. وَلَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ شُهَدَاءِ الْمَعْرَكَةِ (3) .
فَإِنْ خِيفَ تَقَطُّعُهُ بِالْغُسْل يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ صَبًّا
(1) ابن عابدين 1 / 241، وحاشية السوقي 1 / 156، ونهاية المحتاج 1 / 261، 274، 275، والمغني لابن قدامة 1 / 249، 250، ومغني المحتاج 1 / 96، وروضة الطالبين 1 / 109
(2)
الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 48، والدسوقي 1 / 56، 57، 73، ونهاية المحتاج - ونواقض الوضوء والمغني مع الشرح الكبير 1 / 177
(3)
حاشية ابن عابدين 2 / 249، والفتاوى الهندية 1 / 167، 168، وفتح القدير 1 / 474، وبدائع الصنائع 1 / 323، والمغني 2 / 401، وحاشية الدسوقي 1 / 407