الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَيْرِ الْمُحْصَرِ، بِاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ (1) .
إِلَاّ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَكْثَرُهُمْ وَقَال الْمِرْدَاوِيُّ: إِنَّهُ الْمَذْهَبُ. قَالُوا: مَنْ كَانَ مُحْصَرًا فَنَوَى التَّحَلُّل قَبْل ذَبْحِ الْهَدْيِ - أَوِ الصَّوْمِ عِنْدَ عَدَمِ الْهَدْيِ - لَمْ يَحِل. لِفَقْدِ شَرْطِهِ، وَهُوَ الذَّبْحُ أَوِ الصَّوْمُ بِالنِّيَّةِ: أَيْ بِنِيَّةِ التَّحَلُّل، وَلَزِمَ دَمٌ لِكُل مَحْظُورٍ فَعَلَهُ بَعْدَ التَّحَلُّل، وَدَمٌ لِتَحَلُّلِهِ بِالنِّيَّةِ.
فَزَادُوا عَلَى الْجُمْهُورِ دَمًا لِتَحَلُّلِهِ بِالنِّيَّةِ، وَوَجْهُهُ عِنْدَهُمْ: أَنَّهُ عَدَل عَنِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ مِنْ هَدْيٍ أَوْ صَوْمٍ - أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الْهَدْيِ - فَلَزِمَهُ دَمٌ (2) .
مَا يَجِبُ عَلَى الْمُحْصَرِ بَعْدَ التَّحَلُّل
قَضَاءُ مَا أُحْصِرَ عَنْهُ الْمُحْرِمُ
قَضَاءُ النُّسُكِ الْوَاجِبِ الَّذِي أُحْصِرَ عَنْهُ الْمُحْرِمُ:
49 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُحْصَرِ قَضَاءُ النُّسُكِ الَّذِي أُحْصِرَ عَنْهُ إِذَا كَانَ وَاجِبًا، كَحَجَّةِ الإِْسْلَامِ، وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الْمَنْذُورَيْنِ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ، وَكَعُمْرَةِ الإِْسْلَامِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَلَا يَسْقُطُ هَذَا الْوَاجِبُ عَنْهُ بِسَبَبِ الإِْحْصَارِ (3) .
(1) البدائع 2 / 178، وشرح الدردير وحاشية الدسوقي عليه 2 / 95 والمجموع 8 / 250، والمغني 3 / 362
(2)
مطالب أولي النهى 2 / 456.
(3)
البدائع 2 / 182، وشرح اللباب ص 282، وشرح الدردير 2 / 95. والمجموع 8 / 248، والمغني 3 / 357
وَهَذَا ظَاهِرٌ؛ لأَِنَّ الْخِطَابَ بِالْوُجُوبِ لَا يَسْقُطُ عَنِ الْمُكَلَّفِ إِلَاّ بِأَدَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ.
لَكِنَّ الشَّافِعِيَّةَ فَصَلُوا بَيْنَ الْوَاجِبِ الْمُسْتَقِرِّ وَبَيْنَ الْوَاجِبِ غَيْرِ الْمُسْتَقِرِّ، فَقَالُوا:" إِنْ كَانَ وَاجِبًا مُسْتَقِرًّا كَالْقَضَاءِ، وَالنَّذْرِ، وَحَجَّةِ الإِْسْلَامِ الَّتِي اسْتَقَرَّ وُجُوبُهَا قَبْل هَذِهِ السَّنَةِ بَقِيَ الْوُجُوبُ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا كَانَ، وَإِنَّمَا أَفَادَهُ الإِْحْصَارُ جَوَازَ الْخُرُوجِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ، وَهِيَ حَجَّةُ الإِْسْلَامِ فِي السَّنَةِ الأُْولَى مِنْ سِنِي الإِْمْكَانِ سَقَطَتِ الاِسْتِطَاعَةُ فَلَا حَجَّ عَلَيْهِ إِلَاّ أَنْ تَجْتَمِعَ فِيهِ شُرُوطُ الاِسْتِطَاعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ. فَلَوْ تَحَلَّل بِالإِْحْصَارِ ثُمَّ زَال الإِْحْصَارُ وَالْوَقْتُ وَاسِعٌ وَأَمْكَنَهُ الْحَجُّ مِنْ سَنَتِهِ اسْتَقَرَّ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ لِوُجُودِ الاِسْتِطَاعَةِ لَكِنْ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الْحَجَّ عَنْ هَذِهِ السَّنَةِ لأَِنَّ الْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي (1) ".
50 -
أَمَّا مَنْ أُحْصِرَ عَنْ نُسُكِ التَّطَوُّعِ فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَجَعَ عَنِ الْبَيْتِ فِي عَامِ الْحُدَيْبِيَةِ لَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَا مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ أَنْ يَقْضُوا شَيْئًا وَلَا أَنْ يَعُودُوا لِشَيْءٍ، وَلَا حُفِظَ ذَلِكَ عَنْهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَلَا قَال فِي الْعَامِ الْمُقْبِل: إِنَّ عُمْرَتِي هَذِهِ قَضَاءٌ عَنِ الْعُمْرَةِ الَّتِي حُصِرْتُ فِيهَا. وَلَمْ يُنْقَل ذَلِكَ عَنْهُ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ عُمْرَةَ الْقَضَاءِ وَعُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ لأَِنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاضَى قُرَيْشًا وَصَالَحَهُمْ فِي ذَلِكَ الْعَامِ عَلَى الرُّجُوعِ عَنِ الْبَيْتِ، وَقَصْدِهِ مِنْ قَابِلٍ فَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ.
(1) المجموع 8 / 306 ط أولى.