الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَال فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ (1) . " أَضَافَ التَّحْرِيمَ إِلَى الْعَيْنِ، فَيَكُونُ سَاقِطَ التَّقَوُّمِ فِي حَقِّهِ، كَالْخَمْرِ. وَأَنْتَ عَلِمْتَ أَنَّ إِضَافَةَ التَّحْرِيمِ إِلَى الْعَيْنِ تُفِيدُ مَنْعَ سَائِرِ الاِنْتِفَاعَاتِ ".
وَيُسْتَدَل أَيْضًا مِنَ السُّنَّةِ بِحَدِيثِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ أَنَّهُ أَهْدَى إِلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِمَارَ وَحْشٍ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَال: إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَاّ أَنَّا حُرُمٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (2) . وَيُسْتَدَل بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ (3) .
تَحْرِيمُ الاِنْتِفَاعِ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّيْدِ:
86 -
يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ أَكْل لَحْمِهِ، وَحَلْبُهُ، وَأَكْل بَيْضِهِ، وَشَيُّهُ.
وَذَلِكَ لِعُمُومِ الأَْدِلَّةِ الَّتِي سَبَقَتْ فِي تَحْرِيمِ تَمَلُّكِ الصَّيْدِ؛ وَلأَِنَّ الاِنْتِفَاعَ فَرْعٌ مِنَ الْمِلْكِ، فَإِذَا حُرِّمَ الْمِلْكُ لَمْ يَبْقَ مَحَلٌّ لأَِثَرِهِ.
87 -
إِذَا صَادَ الْحَلَال صَيْدًا فَهَل يَحِل لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ
؟
فِي الْمَسْأَلَةِ مَذَاهِبُ:
الْمَذْهَبُ الأَْوَّل: لَا يَحِل لِلْمُحْرِمِ الصَّيْدُ أَصْلاً، سَوَاءٌ أَمَرَ بِهِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَعَانَ عَلَى صَيْدِهِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَصَادَهُ الْحَلَال لَهُ أَمْ لَمْ يَصِدْهُ لَهُ. وَهَذَا قَوْل طَائِفَةٍ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ، مِنْهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ: عَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم
(1) الجامع لأحكام القرآن 6 / 321
(3)
انظر الاستدلال به في المهذب والمجموع وتفسير القرطبي والمغني في المواضع السابقة. وبأتي تخريجه مفصلا.
(1)
. وَكَرِهَ ذَلِكَ طَاوُسٌ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ (2) .
الْمَذْهَبُ الثَّانِي: مَا صَادَهُ الْحَلَال لِلْمُحْرِمِ وَمِنْ أَجْلِهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ، فَأَمَّا مَا لَمْ يَصِدْهُ مِنْ أَجْل الْمُحْرِمِ بَل صَادَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِحَلَالٍ آخَرَ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ أَكْلُهُ. وَهَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، الْمَالِكِيَّةِ (3) وَالشَّافِعِيَّةِ (4) الْحَنَابِلَةِ (5) . وَهُوَ قَوْل إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَأَبِي ثَوْرٍ (6) . وَقَال ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنْ عُثْمَانَ فِي هَذَا الْبَابِ (7) .
إِلَاّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَالُوا: مَا صِيدَ لِلْمُحْرِمِ هُوَ مَيْتَةٌ عَلَى كُل أَحَدٍ، الْمُحْرِمِ الْمَذْبُوحِ لَهُ وَغَيْرِهِ، وَعَلَى الْمُحْرِمِ الْجَزَاءُ إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ صِيدَ لِمُحْرِمٍ وَلَوْ غَيْرَهُ، وَأَكَل. وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَأَكَل مِنْهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ. وَوَافَقَهُمُ الْحَنَابِلَةُ فِي لُزُومِ الْجَزَاءِ، وَفَصَّلُوا فَأَوْجَبُوهُ كَامِلاً إِنْ أَكَلَهُ كُلَّهُ، وَقِسْطَهُ إِنْ أَكَل بَعْضَهُ، لَكِنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوهُ حَرَامًا إِلَاّ عَلَى مَنْ ذُبِحَ لَهُ.
(1) شرح مسلم للنووي 8 / 105
(2)
المجموع 7 / 331، وتعليق ابن القيم على سنن أبي داود 2 / 364 ونسب لهؤلاء الثلاثة المنع، بينما نسب لهم في المجموع القول بالكراهة نقلا عن ابن المنذر. ويمكن أن يكون المراد من الكراهه ذلك، لأن السلف كانوا يستعملون الكراهة في التحريم.
(3)
شرح الزرقاني 2 / 317، 318، والشرح الكبير 2 / 78
(4)
المهذب والمجموع 7 / 304، 307، 330، ونهاية المحتاج 2 / 466
(5)
المغني لابن قدامة 3 / 311، 312، ومطالب أولي النهى 2 / 337
(6)
تعليق ابن القيم 2 / 364، والمجموع 7 / 330.
(7)
تعليق ابن القيم الموضع السابق.