الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِهِ مُحْصَنَةً لِعَدَمِ الآْلَةِ. وَلَا يُتَصَوَّرُ الْجِمَاعُ بِدُونِهَا وَثُبُوتُ حُكْمِ الإِْحْصَانِ يَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ زُفَرُ؛ لأَِنَّ الْحُكْمَ بِثُبُوتِ النَّسَبِ مِنَ الْمَجْبُوبِ يَجْعَل الزَّوْجَةَ مُحْصَنَةً.
ب - وَطْءُ الرَّتْقَاءِ لَا يُحْصِنُهَا لاِنْعِدَامِ الْجِمَاعِ مَعَ الرَّتْقِ، كَمَا أَنَّهُ لَا يُصْبِحُ مُحْصَنًا بِذَلِكَ إِلَاّ إِذَا وَطِئَ غَيْرَهَا بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ.
رَابِعًا الْحُرِّيَّةُ:
9 -
الرَّقِيقُ لَيْسَ بِمُحْصَنٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُبَعَّضًا أَوْ مُسْتَوْلَدَةً لأَِنَّهُ عَلَى النِّصْفِ مِنَ الْحُرِّ، وَالرَّجْمُ لَا نِصْفَ لَهُ وَإِيجَابُهُ كُلَّهُ يُخَالِفُ النَّصَّ مَعَ مُخَالَفَةِ الإِْجْمَاعِ. قَال اللَّهُ تَعَالَى:{فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} . (1)
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ أَبُو ثَوْرٍ وَقَال: الْعَبْدُ وَالأَْمَةُ هُمَا مُحْصَنَانِ يُرْجَمَانِ إِذَا زَنَيَا. وَحُكِيَ عَنِ الأَْوْزَاعِيِّ فِي الْعَبْدِ تَحْتَهُ حُرَّةٌ هُوَ مُحْصَنٌ، وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ أَمَةٌ لَمْ يُرْجَمْ. ثُمَّ ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا عَتَقَ مَعَ امْرَأَتِهِ الأَْمَةِ فَإِنْ جَامَعَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ يَكُونَا مُحْصَنَيْنِ، عَلِمَا بِالْعِتْقِ أَوْ لَمْ يَعْلَمَا. وَكَذَا لَوْ نَكَحَ الْحُرُّ أَمَةً أَوِ الْحُرَّةَ عَبْدٌ فَلَا إِحْصَانَ إِلَاّ أَنْ يَطَأَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ.
خَامِسًا: الإِْسْلَامُ:
10 -
أَمَّا شَرْطُ الإِْسْلَامِ فَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو يُوسُفَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَشْتَرِطُونَ الإِْسْلَامَ فِي إِحْصَانِ الرَّجْمِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ ذِمِّيَّةً فَوَطِئَهَا صَارَا مُحْصَنَيْنِ، لِمَا رَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ
(1) سورة النساء / 25
أَنَّهُ قَال: جَاءَ الْيَهُودُ إِلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلاً مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ وَلأَِنَّ الْجِنَايَةَ بِالزِّنَى اسْتَوَتْ مِنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ، فَيَجِبُ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الْحَدِّ. وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الذِّمِّيَّانِ مُحْصَنَيْنِ. وَحَدُّهُمَا الرَّجْمُ إِذَا زَنَيَا فَبِالأَْوْلَى إِذَا كَانَتِ الذِّمِّيَّةُ زَوْجَةً لِمُسْلِمٍ (1) .
وَجَعَل مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ الإِْسْلَامَ شَرْطًا مِنْ شُرُوطِ الإِْحْصَانِ، فَلَا يَكُونُ الْكَافِرُ مُحْصَنًا، وَلَا تُحْصِنُ الذِّمِّيَّةُ مُسْلِمًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لأَِنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ لَمَّا أَرَادَ الزَّوَاجَ مِنْ يَهُودِيَّةٍ نَهَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَال: إِنَّهَا لَا تُحْصِنُكَ (2)، وَلأَِنَّهُ إِحْصَانٌ مِنْ شَرْطِهِ الْحُرِّيَّةُ فَكَانَ الإِْسْلَامُ شَرْطًا فِيهِ كَإِحْصَانِ الْقَذْفِ. وَعَلَى هَذَا فَالْمُسْلِمُ الْمُتَزَوِّجُ مِنْ كِتَابِيَّةٍ إِذَا زَنَى يُرْجَمُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَلَا يُرْجَمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لأَِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مُحْصَنًا؛ لأَِنَّ الْكِتَابِيَّةَ عِنْدَهُ لَا تُحْصِنُ الْمُسْلِمَ. وَنَظَرًا لأَِنَّ مَالِكًا - وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَوَجْهٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - لَا يَعْتَبِرُ تَوَفُّرَ شُرُوطِ الإِْحْصَانِ فِي الزَّوْجَيْنِ فَقَدْ قَال بِرَأْيِ الْجُمْهُورِ: أَنَّ الذِّمِّيَّةَ تُحْصِنُ الْمُسْلِمَ، وَيَسْتَحِقُّ الرَّجْمَ إِذَا زَنَى (3) .
أَمَّا وُجُودُ الْكَمَال فِي الطَّرَفَيْنِ بِمَعْنَى وُجُودِ شُرُوطِ الإِْحْصَانِ فِي الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ حَال الْوَطْءِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الإِْحْصَانُ فَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ - وَهُوَ رَأْيٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - أَنَّ هَذَا مِنْ شُرُوطِ الإِْحْصَانِ، فَيَطَأُ مَثَلاً الرَّجُل الْعَاقِل امْرَأَةً عَاقِلَةً. وَإِذَا لَمْ تَتَوَفَّرْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فِي أَحَدِهِمَا فَهُمَا غَيْرُ مُحْصَنَيْنِ.
(1) الشرح الكبير 4 / 284، والمغني 10 / 129
(2)
قال الدارقطني فيه أبو بكر بن مريم ضعيف (3 / 148)
(3)
المنتقى شرح الموطأ 3 / 331