الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عُصُورِهِمْ فِي تَحْدِيدِ الْحِرَفِ الدَّنِيئَةِ (1) .
هَذَا، وَإِنَّ مَا جَاءَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ مِنْ وَصْفِ بَعْضِ أَنْوَاعٍ مِنَ الْحِرَفِ بِالدَّنَاءَةِ - تَبَعًا لأَِوْضَاعٍ زَمَنِيَّةٍ - فَإِنَّ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ تَزُول كَرَاهَةُ الاِحْتِرَافِ بِحِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ إِذَا كَانَ احْتِرَافُهَا لِلْقِيَامِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ، إِذْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي كُل بَلَدٍ جَمِيعُ الصَّنَائِعِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهَا (2) .
التَّحَوُّل مِنْ حِرْفَةٍ إِلَى حِرْفَةٍ:
9 -
قَال ابْنُ مُفْلِحٍ فِي الآْدَابِ الشَّرْعِيَّةِ: قَال الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: يُسْتَحَبُّ إِذَا وَجَدَ الْخَيْرَ فِي نَوْعٍ مِنَ التِّجَارَةِ أَنْ يَلْزَمَهُ، وَإِنْ قَصَدَ إِلَى جِهَةٍ مِنَ التِّجَارَةِ فَلَمْ يُقْسَمْ لَهُ فِيهَا رِزْقُهُ، عَدَل إِلَى غَيْرِهِ، لِمَا رَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مَرْفُوعًا: إِذَا رُزِقَ أَحَدُكُمْ فِي الْوَجْهِ مِنَ التِّجَارَةِ فَلْيَلْزَمْهُ (3) .
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَال: مَنِ اتَّجَرَ فِي شَيْءٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمْ يُصِبْ فِيهِ فَلْيَتَحَوَّل إِلَى غَيْرِهِ (4) . وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: مَنِ اتَّجَرَ فِي شَيْءٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يُصِبْ فِيهِ، فَلْيَتَحَوَّل إِلَى غَيْرِهِ (5) .
(1) انظر: حاشية الدسوقي 2 / 25، والبهجة شرح التحفة 1 / 261، والمغني 7 / 377، والآداب الشرعية لابن مفلح 3 / 302، 303، والقليوبي 3 / 235، ونهاية المحتاج 6 / 254، وروضة الطالبين 7 / 82، ومغني المحتاج 3 / 167، والبحر الرائق 3 / 143، وابن عابدين 2 / 321، والجوهرة شرح القدوري 2 / 12
(2)
الآداب الشرعية 3 / 305
(3)
الآداب الشرعية 3 / 305
(4)
كنز العمال 9865 ط دمشق
(5)
الآداب الشرعية 2 / 305
وَلَكِنْ هَل لِهَذَا التَّحَوُّل أَثَرٌ فِي الْكَفَاءَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي الْحِرْفَةِ؟ (ر: كَفَاءَةٌ. نِكَاحٌ)
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِلاِحْتِرَافِ تَفْصِيلاً:
10 -
أ - يُنْدَبُ لِلْمَرْءِ أَنْ يَخْتَارَ حِرْفَةً لِكَسْبِ رِزْقِهِ، قَال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِنِّي لأََرَى الرَّجُل فَيُعْجِبُنِي، فَأَقُول: لَهُ حِرْفَةٌ؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا، سَقَطَ مِنْ عَيْنِي (1) .
ب - وَيَجِبُ - عَلَى الْكِفَايَةِ - أَنْ يَتَوَفَّرَ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ أُصُول الْحِرَفِ جَمِيعِهَا، احْتِيجَ إِلَيْهَا أَوْ لَا. قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: قَال غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرُهُمْ كَالْغَزَالِيِّ، وَابْنِ الْجَوْزِيِّ، وَغَيْرِهِمْ: إِنَّ هَذِهِ الصِّنَاعَاتِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، فَإِنَّهُ لَا تَتِمُّ مَصْلَحَةُ النَّاسِ إِلَاّ بِهَا. (2)
وَقَدِ اخْتَارَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَنَّ احْتِرَافَ بَعْضِ الْحِرَفِ يُصْبِحُ فَرْضَ كِفَايَةٍ إِذَا احْتَاجَ الْمُسْلِمُونَ إِلَيْهَا، فَإِنِ اسْتَغْنَوْا عَنْهَا بِمَا يَجْلِبُونَهُ أَوْ يُجْلَبُ إِلَيْهِمْ فَقَدْ سَقَطَ وُجُوبُ احْتِرَافِهَا (3) . فَإِذَا امْتَنَعَ الْمُحْتَرِفُونَ عَنِ الْقِيَامِ بِهَذَا الْفَرْضِ أَجْبَرَهُمُ الإِْمَامُ عَلَيْهِ بِعِوَضِ الْمِثْل. قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: إِنَّ هَذِهِ الأَْعْمَال الَّتِي هِيَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ مَتَى لَمْ يَقُمْ بِهَا إِلَاّ إِنْسَانٌ بِعَيْنِهِ صَارَتْ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَيْهِ، إِنْ كَانَ غَيْرُهُ عَاجِزًا عَنْهَا، فَإِذَا كَانَ النَّاسُ مُحْتَاجِينَ إِلَى فِلَاحَةِ قَوْمٍ أَوْ نِسَاجَتِهِمْ أَوْ بِنَائِهِمْ
(1) كنز العمال برقم 9859
(2)
فتاوى ابن تيمية 28 / 79، 29 / 194 ط مطابع الرياض 1383 هـ
(3)
فتاوى ابن تيمية 28 / 82، 86 و 29 / 194 والآداب الشرعية 3 / 305