الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَارَ هَذَا الْعَمَل وَاجِبًا يُجْبِرُهُمْ وَلِيُّ الأَْمْرِ عَلَيْهِ إِذَا امْتَنَعُوا عَنْهُ بِعِوَضِ الْمِثْل، وَلَا يُمَكِّنُهُمْ مِنْ مُطَالَبَةِ النَّاسِ بِزِيَادَةٍ عَنْ عِوَضِ الْمِثْل (1) .
11 -
ج - وَلَمَّا كَانَ إِقَامَةُ الصِّنَاعَاتِ فَرْضَ كِفَايَةٍ كَانَ تَوْفِيرُ الْمُحْتَرِفِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ فِي هَذِهِ الصِّنَاعَاتِ فَرْضًا، لأَِنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَاّ بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ، قَال الْقَلْيُوبِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ مَا مُفَادُهُ: يَجِبُ أَنْ يُسَلِّمَ الْوَلِيُّ الصَّغِيرَ لِذِي حِرْفَةٍ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ الْحِرْفَةَ (2) . وَرَغْمَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَالْمَالِكِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ لَمْ يَنُصُّوا عَلَى وُجُوبِ دَفْعِ الْوَلِيِّ الصَّغِيرَ إِلَى مَنْ يُعَلِّمُهُ الْحِرْفَةَ إِلَاّ أَنَّ كَلَامَهُمْ يَقْتَضِي ذَلِكَ. (3)
حُكْمُ الْحِرَفِ الدَّنِيئَةِ:
12 -
د - وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْمَكَاسِبَ غَيْرَ الْمُحَرَّمَةِ كُلُّهَا فِي الإِْبَاحَةِ سَوَاءٌ (4) . وَلَكِنَّ هَذِهِ الإِْبَاحَةَ تَكْتَنِفُهَا الْكَرَاهَةُ إِذَا اخْتَارَ الْمَرْءُ لِنَفْسِهِ أَوْ وَلَدِهِ حِرْفَةً دَنِيئَةً إِنْ وَسِعَهُ احْتِرَافُ مَا هُوَ أَصْلَحُ مِنْهَا (5) . وَمَعَ هَذَا فَقَدْ قَال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: مَكْسَبَةٌ فِيهَا بَعْضُ الدَّنَاءَةِ خَيْرٌ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ (6) . وَقَال ابْنُ عَقِيلٍ: يُكْرَهُ تَعَلُّمُ الصَّنَائِعِ الرَّدِيئَةِ مَعَ إِمْكَانِ مَا هُوَ أَصْلَحُ مِنْهَا (7) . وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى زَوَال هَذِهِ
(1) فتاوى ابن تيميه 28 / 82، 86
(2)
حاشية القليوبي 4 / 91
(3)
حاشية ابن عابدين 2 / 642 و 671، والمغني 9 / 304، والخرشي 3 / 348
(4)
المبسوط 30 / 258، وحاشية ابن عابدين 5 / 297
(5)
انظر: الآداب الشرعية 3 / 305، والقليوبي 4 / 91، والمبسوط 30 / 258
(6)
كنز العمال برقم 9854
(7)
الآداب الشرعية 3 / 305
الْكَرَاهَةِ إِذَا كَانَتِ الْحِرْفَةُ الدَّنِيئَةُ هِيَ حِرْفَةُ أَبِيهِ (1) . وَنَصَّ ابْنُ مُفْلِحٍ الْحَنْبَلِيُّ عَلَى زَوَال هَذِهِ الْكَرَاهَةِ إِذَا احْتَرَفَ الْمَرْءُ حِرْفَةً دَنِيئَةً لِلْقِيَامِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ (2) .
وَقَال بَعْضُ الْمُتَشَدِّدِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: مَا يَرْجِعُ إِلَى الدَّنَاءَةِ مِنَ الْمَكَاسِبِ فِي عُرْفِ النَّاسِ لَا يَسَعُ الإِْقْدَامُ عَلَيْهِ إِلَاّ عِنْدَ الضَّرُورَةِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يُذِل نَفْسَهُ (3) . وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مَعَالِيَ الأُْمُورِ وَيُبْغِضُ سَفْسَافَهَا (4) وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الأَْوَّل (5) .
الْحِرَفُ الْمَحْظُورَةُ:
13 -
أ - الأَْصْل أَنَّهُ لَا يَجُوزُ احْتِرَافُ عَمَلٍ مُحَرَّمٍ بِذَاتِهِ، وَمِنْ هُنَا مُنِعَ الاِتِّجَارُ بِالْخَمْرِ وَاحْتِرَافُ الْكِهَانَةِ.
ب - كَمَا لَا يَجُوزُ احْتِرَافُ مَا يُؤَدِّي إِلَى الْحَرَامِ أَوْ مَا يَكُونُ فِيهِ إِعَانَةٌ عَلَيْهِ، كَالْوَشْمِ: لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ وَكَكِتَابَةِ الرِّبَا: لِمَا فِيهِ مِنَ الإِْعَانَةِ عَلَى أَكْل أَمْوَال النَّاسِ بِالْبَاطِل وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَتَعَرَّضَ الْفُقَهَاءُ إِلَى اتِّخَاذِ حِرَفٍ يَتَكَسَّبُ مِنْهَا الْمُحْتَرِفُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبْذُل فِيهَا جَهْدًا، أَوْ يَزِيدَ زِيَادَةً،
(1)(القليوبي 4 / 91)
(2)
الآداب الشرعية 3 / 305
(3)
" ليس لمؤمن. . . " رواه الترمذي بلفظ " لا ينبغي لمؤمن. . . " وقال: حسن غريب. وضعفه غير الترمذي. ورواه أحمد وابن ماجه. انظر تحفة الأحوذي 6 / 531
(4)
رواه البيهقي بسند رجاله ثقات. (فيض القدير 2 / 296)
(5)
(انظر المبسوط 30 / 258)