الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُوَ قَوْل جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَاحْتَجَّ عُثْمَانُ لِلرَّدِّ عَلَى الزَّوْجَيْنِ بِأَنَّ الْغُنْمَ بِالْغُرْمِ، فَكَمَا أَنَّ بِالْعَوْل تَنْقُصُ سِهَامُهُمَا، فَيَجِبُ أَنْ تُزَادَ بِالرَّدِّ.
وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: يُرَدُّ عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ إِلَاّ عَلَى سِتَّةٍ: الزَّوْجَيْنِ، وَابْنَةِ الاِبْنِ مَعَ ابْنَةِ الصُّلْبِ، وَالأُْخْتِ لأَِبٍ مَعَ الأُْخْتِ الشَّقِيقَةِ، وَ
أَوْلَا
دِ الأُْمِّ مَعَ الأُْمِّ، وَالْجَدَّةِ مَعَ ذِي سَهْمٍ أَيًّا كَانَ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ اسْتَثْنَى جِهَةَ الرَّدِّ عَلَى الزَّوْجَيْنِ، وَأَوْلَادِ الأُْمِّ مَعَ الأُْمِّ، وَالْجَدَّةِ مَعَ ذِي سَهْمٍ فَقَطْ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ يُرَدُّ عَلَى أَصْحَابِ الْفُرُوضِ إِلَاّ ثَلَاثَةً: الزَّوْجَيْنِ وَالْجَدَّةَ. (1)
وَقَدْ أَجْمَعَ مُتَأَخِّرُو فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُمْ مَنْ بَعْدِ الأَْرْبَعِمِائَةِ، عَلَى أَنَّهُ يُرَدُّ عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ، وَيُورَثُ ذَوُو الأَْرْحَامِ إِذَا كَانَ بَيْتُ الْمَال غَيْرَ مُنْتَظِمٍ، وَذَلِكَ بِأَلَاّ يَكُونَ هُنَاكَ إِمَامٌ أَصْلاً، أَوْ وُجِدَ وَفَقَدَ بَعْضَ شُرُوطِهِ، وَقَال بَعْضُهُمْ: إِذَا فَقَدَ الإِْمَامُ بَعْضَ الشُّرُوطِ لَكِنْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ الْعَدَالَةُ، وَأَوْصَل الْحُقُوقَ إِلَى أَصْحَابِهَا، كَانَ بَيْتُ الْمَال مُنْتَظِمًا.
أَدِلَّةُ الْقَائِلِينَ بِالرَّدِّ:
66 -
اسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِالرَّدِّ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ:
أَوَّلاً: بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُولُوا الأَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} (2) فَإِنَّ مَعْنَاهَا بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِمِيرَاثِ بَعْضٍ بِسَبَبِ الرَّحِمِ، فَقَدْ دَلَّتْ
(1) السراجية ص 229، والمبسوط 29 / 192 ط دار المعرفة والمغني 6 / 296، وحاشية الشرواني 6 / 12
(2)
سورة الأنفال / 75
عَلَى أَنَّ ذَوِي الرَّحِمِ يَسْتَحِقُّونَ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ بِصِلَةِ الرَّحِمِ. وَالْمُتَبَادِرُ مِنَ الْمِيرَاثِ الْمُرَادُ فِي الآْيَةِ مَجْمُوعُهُ. وَإِرَادَةُ الْبَعْضِ خِلَافُ الظَّاهِرِ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الأَْوْلَوِيَّةَ الْمَفْهُومَةَ مِنَ الآْيَةِ تَحْصُل بِإِعْطَاءِ كُل ذِي فَرْضٍ فَرْضَهُ، لأَِنَّ إِعْطَاءَ الْفَرْضِ حَصَل مِنْ آيَةٍ أُخْرَى هِيَ آيَةُ النِّسَاءِ، وَحَمْل آيَةِ الأَْنْفَال عَلَى التَّأْسِيسِ وَإِفَادَةُ حُكْمٍ جَدِيدٍ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهَا عَلَى تَأْكِيدِ مَا فِي آيَةِ الْفَرْضِ، فَيَجِبُ الْعَمَل بِمَا فِي الآْيَتَيْنِ، وَمِنْ أَجْل ذَلِكَ فَلَا يُرَدُّ عَلَى الزَّوْجَيْنِ، لاِنْعِدَامِ الرَّحِمِ فِي حَقِّهِمَا.
ثَانِيًا:
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَخَل عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ قَال سَعْدٌ: أَمَا إِنَّهُ لَا يَرِثُنِي إِلَاّ ابْنَةٌ لِي، أَفَأُوصِي بِجَمِيعِ مَالِي؟ إِلَى أَنْ قَال عليه الصلاة والسلام: الثُّلُثُ خَيْرٌ. وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ. (1) لَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ سَعْدًا اعْتَقَدَ أَنَّ الْبِنْتَ تَرِثُ جَمِيعَ الْمَال، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام، وَمَنَعَهُ عَنِ الْوَصِيَّةِ بِمَا زَادَ عَنِ الثُّلُثِ، مَعَ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ إِلَاّ ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ، فَدَل ذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْل بِالرَّدِّ؛ إِذْ لَوْ لَمْ تَكُنِ ابْنَتُهُ تَسْتَحِقُّ مَا زَادَ عَلَى فَرْضِهَا - وَهُوَ النِّصْفُ بِطَرِيقِ الرَّدِّ - لَجَوَّزَ لَهُ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم الْوَصِيَّةَ بِالنِّصْفِ.
ثَالِثًا:
أَنَّ الرَّسُول عليه الصلاة والسلام وَرَّثَ الْمُلَاعَنَةَ لِجَمِيعِ مَال وَلَدِهَا، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَاّ بِطَرِيقِ الرَّدِّ.
وَفِي حَدِيثِ وَاثِلَةَ بْنِ الأَْسْقَعِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَال: تُحْرِزُ الْمَرْأَةُ مِيرَاثَ لَقِيطِهَا وَعَتِيقِهَا
(1) حديث " الثلث خير. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 164، 9 / 497 ط السلفية) ومسلم (3 / 1253 - ط عيسى الحلبي)