الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِهِمْ ذَوُو الأَْرْحَامِ مِنَ الْوَرَثَةِ مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، وَهَذَا قَوْل يَحْيَى بْنِ آدَمَ وَضِرَارٍ. وَيُعْرَفُ الْقَائِلُونَ بِالأَْوَّل بِأَصْحَابِ:(اعْتِبَارِ مَا بَقِيَ) . وَالْقَائِلُونَ بِالثَّانِي بِأَصْحَابِ: (اعْتِبَارِ الأَْصْل) . وَلَا خِلَافَ فِي التَّوْرِيثِ إِذَا كَانَ ذَوُو الأَْرْحَامِ يُدْلُونَ بِذِي فَرْضٍ فَقَطْ، أَوْ بِعَصَبَةٍ فَقَطْ، وَإِنَّمَا يَقَعُ الْخِلَافُ إِذَا كَانَ بَعْضُهُمْ يُدْلِي بِعَصَبَةٍ، وَبَعْضُهُمْ يُدْلِي بِذِي فَرْضٍ. فَلَوْ مَاتَتِ امْرَأَةٌ، عَنْ زَوْجٍ، وَبِنْتِ بِنْتٍ، وَخَالَةٍ، وَبِنْتِ عَمٍّ شَقِيقٍ أَوْ لأَِبٍ. فَعِنْدَ أَهْل الْقَرَابَةِ: لِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْبِنْتِ وَحْدَهَا. وَعَلَى قَوْل أَهْل التَّنْزِيل: لِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِبِنْتِ الْبِنْتِ نِصْفُ الْبَاقِي، وَلِلْخَالَةِ سُدُسُ الْبَاقِي، وَلِبِنْتِ الْعَمِّ الْبَاقِي. فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ: لِلزَّوْجِ مِنْهَا سِتَّةٌ، وَلِبِنْتِ الْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْخَالَةِ وَاحِدٌ، وَلِبِنْتِ الْعَمِّ اثْنَانِ. وَعَلَى الْقَوْل الثَّانِي: إِذَا نَزَلُوا حَصَل مَعَ الزَّوْجِ أُمٌّ، وَعَمٌّ، وَبِنْتٌ بِالتَّنْزِيل، وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ بِنْتُ ابْنٍ وَهِيَ كَالْبِنْتِ فِي التَّنْزِيل لَا فِي الْحَجْبِ، فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ. يَخْرُجُ نَصِيبُ الزَّوْجِ أَوَّلاً الرُّبُعُ، ثَلَاثَةٌ، ثُمَّ يَخْرُجُ تَمَامُ نَصِيبِ النِّصْفِ لِلزَّوْجِ لِعَدَمِ الْحَجْبِ الْحَقِيقِيِّ، فَيَبْقَى سِتَّةٌ، تُقْسَمُ عَلَى التِّسْعَةِ، فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ، وَلِبِنْتِ الْبِنْتِ سِتَّةٌ، وَلِلْخَالَةِ اثْنَانِ، وَلِبِنْتِ الْعَمِّ وَاحِدٌ. (1)
الْمِيرَاثُ مِنْ جِهَتَيْنِ:
103 -
قَدْ يَكُونُ لأَِحَدِ الْوَرَثَةِ جِهَتَانِ لِلْمِيرَاثِ. فَإِذَا كَانَتِ الْجِهَتَانِ مَعًا مِنْ طَرِيقِ الْعُصُوبَةِ وَرِثَ
(1) العذب الفائض 2 / 50، 51، والمغني 7 / 93 ط المنار الأولى.
بِأَقْوَاهِمَا. فَإِذَا مَاتَتِ امْرَأَةٌ عَنِ ابْنٍ، هُوَ ابْنُ ابْنِ عَمٍّ. فَإِنَّ التَّرِكَةَ تَكُونُ لَهُ بِاعْتِبَارِهِ ابْنًا وَلَا شَيْءَ لَهُ بِالْقَرَابَةِ الأُْخْرَى، لأَِنَّ الْبُنُوَّةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْعُمُومَةِ.
فَإِذَا اخْتَلَفَتْ جِهَتَا إِرْثٍ تَقْتَضِي كُلٌّ مِنْهُمَا الْمِيرَاثَ، وَرِثَ بِالْجِهَتَيْنِ. فَإِذَا مَاتَ شَخْصٌ عَنْ أَخَوَيْنِ لأُِمٍّ، أَحَدُهُمَا ابْنُ عَمٍّ شَقِيقٍ. فَإِنَّ لِلأَْخَوَيْنِ لأُِمٍّ الثُّلُثَ فَرْضًا مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا، وَالْبَاقِي يَنْفَرِدُ بِهِ الأَْخُ لأُِمٍّ الَّذِي هُوَ ابْنُ عَمٍّ شَقِيقٍ بِاعْتِبَارِهِ عَاصِبًا فَيَأْخُذُ الْبَاقِيَ.
وَقَدْ يُحْجَبُ الشَّخْصُ عَنِ الْمِيرَاثِ بِإِحْدَى الْجِهَتَيْنِ فَيَرِثُ بِالأُْخْرَى، لِعَدَمِ وُجُودِ حَاجِبٍ لَهُ فِيهَا، كَمَا إِذَا تُوُفِّيَ عَنْ بِنْتٍ، وَابْنَيْ عَمٍّ شَقِيقٍ أَحَدُهُمَا أَخٌ لأُِمٍّ، فَإِنَّ لِلْبِنْتِ النِّصْفَ فَرْضًا، وَالْبَاقِي لاِبْنَيِ الْعَمِّ الشَّقِيقِ تَعْصِيبًا مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا، وَلَا شَيْءَ لاِبْنِ الْعَمِّ الثَّانِي بِاعْتِبَارِهِ أَخًا لأُِمٍّ، لأَِنَّهُ مَحْجُوبٌ بِالْبِنْتِ.
مِيرَاثُ الْخُنْثَى:
104 -
الْخُنْثَى لُغَةً: مَنْ لَهُ مَا لِلرِّجَال وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا، جَمْعُهُ خَنَاثَى وَخَنَاثٌ. وَالْخَنِثُ كَكَتِفٍ مَنْ فِيهِ انْخِنَاثٌ، أَيْ تَكَسُّرٌ وَتَثَنٍّ. وَقَدْ خَنِثَ كَفَرِحَ وَانْخَنَثَ. (1)
وَفِي الاِصْطِلَاحِ: مَنْ لَهُ آلَةُ الرِّجَال وَآلَةُ النِّسَاءِ مَعًا. أَوْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا أَصْلاً (2)
، فَقَدْ سُئِل الشَّعْبِيُّ عَنْ مِيرَاثِ مَوْلُودٍ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الآْلَتَيْنِ وَيَخْرُجُ مِنْ سُرَّتِهِ شِبْهُ بَوْلٍ غَلِيظٍ، فَاعْتَبَرَهُ أُنْثَى.
(1) القاموس المحيط.
(2)
شرح السراجية ص 303 والعذب الفائض 2 / 53. والمغني 7 / 11 ط المنار الأولى، والرحبية ص 41
وَهُوَ يَنْقَسِمُ إِلَى مُشْكِلٍ وَغَيْرِ مُشْكِلٍ. فَاَلَّذِي يَتَبَيَّنُ فِيهِ عَلَامَاتُ الذُّكُورِيَّةِ أَوِ الأُْنُوثِيَّةِ، فَيُعْلَمُ أَنَّهُ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ فَلَيْسَ بِمُشْكِلٍ، إِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ فِيهِ خِلْقَةٌ زَائِدَةٌ، أَوِ امْرَأَةٌ فِيهَا خِلْقَةٌ زَائِدَةٌ.
105 -
وَحُكْمُهُ فِي إِرْثِهِ وَسَائِرِ أَحْكَامِهِ: حُكْمُ مَا ظَهَرَتْ عَلَامَاتُهُ فِيهِ. وَيُعْتَبَرُ بِمَبَالِهِ فِي قَوْل الْفُقَهَاءِ، قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُل مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْخُنْثَى يُورَثُ مِنْ حَيْثُ يَبُول. فَإِنْ بَال مِنْ حَيْثُ يَبُول الرَّجُل فَهُوَ رَجُلٌ، وَإِنْ بَال مِنْ حَيْثُ تَبُول الْمَرْأَةُ فَهُوَ امْرَأَةٌ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ: عَلِيٌّ وَمُعَاوِيَةُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَأَهْل الْكُوفَةِ وَسَائِرُ أَهْل الْعِلْمِ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِل عَنْ مَوْلُودٍ لَهُ قُبُلٌ وَذَكَرٌ: مِنْ أَيْنَ يُورَثُ؟ قَال: مِنْ حَيْثُ يَبُول. وَرُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام أُتِيَ بِخُنْثَى مِنَ الأَْنْصَارِ فَقَال: وَرِّثُوهُ مِنْ أَوَّل مَا يَبُول مِنْهُ. (1)
وَلأَِنَّ خُرُوجَ الْبَوْل أَعَمُّ الْعَلَامَاتِ، لِوُجُودِهَا مِنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ. وَسَائِرُ الْعَلَامَاتِ إِنَّمَا تُوجَدُ بَعْدَ الْكِبَرِ مِثْل نَبَاتِ اللِّحْيَةِ، وَتَفَلُّكِ الثَّدْيِ (اسْتِدَارَتُهُ) ، وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ، وَالْحَيْضِ، وَالْحَبَل، وَإِنْ بَال مِنْهُمَا جَمِيعًا اُعْتُبِرَ أَسْبَقُهُمَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ.
فَإِنْ خَرَجَا مَعًا وَلَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا، فَقَال الإِْمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ: يَرِثُ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي يَنْزِل مِنْهُ
(1) حديث " ورثوه من أول. . . " من حديث ابن عباس، أخرجه ابن عدى في الكامل من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. وعنه البيهقي في سننه (6 / 261 - ط حيدر أباد الدكن) وقال:" الكلبي لا يحتج به ". وأورده ابن الجوزي في الموضوعات (3 / 230 - نشر المكتبة السلفية) .
أَكْثَرُ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الأَْوْزَاعِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ. وَتَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ الإِْمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ. وَلَمْ يَعْتَبِرْهُ الإِْمَامُ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ عَنْهُ، وَإِنِ اسْتَوَى الْمِقْدَارُ الْخَارِجُ مِنَ الْمَحَلَّيْنِ فَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لَا عِلْمَ لَنَا بِذَلِكَ، وَقَال الْحَنَابِلَةُ: فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ مُشْكِلاً.
106 -
فَإِنْ مَاتَ لَهُ مَنْ يَرِثُهُ. فَقَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: يُوقَفُ الأَْمْرُ حَتَّى يَبْلُغَ، فَيَتَبَيَّنَ فِيهِ عَلَامَاتُ الرِّجَال مِنْ نَبَاتِ اللِّحْيَةِ، وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ ذَكَرِهِ، وَكَوْنِهِ مَنِيَّ رَجُلٍ، أَوْ عَلَامَاتُ النِّسَاءِ مِنَ الْحَيْضِ، وَالْحَبَل، وَتَفَلُّكِ الثَّدْيَيْنِ. وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الإِْمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ.
فَإِنِ احْتِيجَ إِلَى قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ أُعْطِي هُوَ وَبَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ الْيَقِينَ، وَوُقِفَ الْبَاقِي إِلَى حِينِ بُلُوغِهِ، فَتَعْمَل الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ ثُمَّ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى، وَيَدْفَعُ إِلَى كُل وَارِثٍ أَقَل النَّصِيبَيْنِ، وَيُوقَفُ الْبَاقِي حَتَّى يَبْلُغَ.
107 -
وَإِنْ مَاتَ قَبْل بُلُوغِهِ، أَوْ بَلَغَ مُشْكِلاً فَلَمْ تَظْهَرْ فِيهِ عَلَامَةٌ. وَرِثَ نِصْفَ مِيرَاثِ ذَكَرٍ، وَنِصْفَ مِيرَاثِ أُنْثَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ عَبَّاسٍ وَالشَّعْبِيِّ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَهْل الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَالثَّوْرِيِّ وَاللُّؤْلُؤِيِّ وَشَرِيكٍ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَأَبِي يُوسُفَ وَيَحْيَى بْنِ آدَمَ وَضِرَارِ بْنِ صُرَدٍ وَنُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ. وَوَرَّثَهُ أَبُو حَنِيفَةَ بِأَسْوَأِ حَالَاتِهِ، وَأَعْطَى الْبَاقِيَ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ، وَأَعْطَاهُ الإِْمَامُ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ مَعَهُ الْيَقِينَ، وَوَقَفَ الْبَاقِي حَتَّى يَتَبَيَّنَ الأَْمْرُ أَوْ يَصْطَلِحَ الْوَرَثَةُ، وَبِهِ قَال أَبُو ثَوْرٍ