الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْكَلَامَ (1) . هَذَا هُوَ الْقَوْل الْمُقَدَّمُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ، وَيُشْتَرَطُ لِتَحَقُّقِ الاِتِّصَال أَنْ يَنْوِيَ الاِسْتِثْنَاءَ فِي الْكَلَامِ السَّابِقِ، فَلَوْ لَمْ يَنْوِ إِلَاّ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: الْعُمْدَةُ مُجَرَّدُ الاِتِّصَال سَوَاءٌ نَوَى أَوَّل الْكَلَامِ، أَوْ أَثْنَاءَهُ، أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ.
وَقَدْ نُقِل خِلَافُ هَذَا عَنْ قَوْمٍ. فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَجُوزُ الاِسْتِثْنَاءُ إِلَى شَهْرٍ، وَقِيل أَبَدًا. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: إِلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَعَنْ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ: يَجُوزُ فِي الْمَجْلِسِ، وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ فِي الاِسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ (2)، وَعَنْ مُجَاهِدٍ: إِلَى سَنَتَيْنِ. وَقِيل: مَا لَمْ يَأْخُذْ فِي كَلَامٍ آخَرَ. وَقِيل:
إِنْ نَوَى الاِسْتِثْنَاءَ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ جَازَ التَّأْخِيرُ بَعْدَهُ. وَنُسِبَ هَذَا الْقَوْل إِلَى الإِْمَامِ أَحْمَدَ.
وَقِيل: يَجُوزُ التَّأْخِيرُ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى خَاصَّةً.
وَمَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا حَرَّمَ مَكَّةَ، وَقَال: لَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، قَال الْعَبَّاسُ: يَا رَسُول اللَّهِ إِلَاّ الإِْذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ، فَقَال: إِلَاّ الإِْذْخِرَ (3) فَهَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْفَصِلٌ. فَحُمِل عَلَى أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَحْذُوفٍ مُقَدَّرٍ.
(1) الدر المختار مع حاشية ابن عابدين 4 / 458، وحاشية الدسوقي 2 / 388
(2)
روضة الناظر ص 132
(3)
حديث: " لا يختلى شوكها. . . " أخرجه البخاري " فتح الباري 12 / 205 ط السلفية " والقين: الحداد، واختلى الشوك: جزه رطبا، وعضد الشجر: ضربه ليسقط ورقه.
فَكَأَنَّهُ كَرَّرَ الْقَوْل، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْكَلَامِ الْمَذْكُورِ أَوَّلاً (1)
وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ الْقَائِلِينَ بِوُجُوبِ الاِتِّصَال؛ أَنَّ الْقَوْل بِجَوَازِ الاِسْتِثْنَاءِ غَيْرِ الْمُتَّصِل يَسْتَلْزِمُ أَلَاّ يَجْزِمَ بِصِدْقٍ أَوْ كَذِبٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الأَْخْبَارِ لاِحْتِمَال الاِسْتِثْنَاءِ، وَكَذَلِكَ لَا يَثْبُتُ عَقْدٌ مِنَ الْعُقُودِ، وَلإِِجْمَاعِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ عَلَى وُجُوبِ الاِتِّصَال. فَلَوْ قَال: لَهُ عَشَرَةٌ، ثُمَّ زَادَ بَعْدَ شَهْرٍ: إِلَاّ ثَلَاثَةً يُعَدُّ لَغْوًا.
وَلَعَل مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَنْ قَال شِبْهَ قَوْلِهِ، إِنَّمَا قُصِدَ بِهِ أَنَّ مَنْ نَسِيَ أَنْ يَقُول:" إِنْ شَاءَ اللَّهُ " يَقُولُهَا مَتَى تَذَكَّرَ ذَلِكَ، وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، امْتِثَالاً لِلآْيَةِ، وَلَيْسَ فِي الاِسْتِثْنَاءِ الْمُوجِبِ رَفْعُ حُكْمِ الْمُسْتَثْنَى (2) كَمَا تَقَدَّمَ.
الشَّرْطُ الثَّانِي:
17 -
وَيُشْتَرَطُ فِي الاِسْتِثْنَاءِ أَلَاّ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى مُسْتَغْرِقًا لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَإِنَّ الاِسْتِثْنَاءَ الْمُسْتَغْرِقَ لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا، إِلَاّ عِنْدَ مَنْ شَذَّ.
وَادَّعَى الْبَعْضُ الإِْجْمَاعَ عَلَيْهِ. فَلَوْ قَال: " لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلَاّ عَشَرَةً " لَغَا قَوْلُهُ " إِلَاّ عَشَرَةً " وَلَزِمَهُ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ. وَمِمَّنْ شَذَّ ابْنُ طَلْحَةَ الْمَالِكِيُّ فِي الْمَدْخَل، نَقَل عَنْهُ الْقَرَافِيُّ أَنَّهُ قَال فِيمَنْ قَال لِزَوْجَتِهِ:" أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَاّ ثَلَاثًا ": لَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ (3) .
(1) شرح مسلم الثبوت 1 / 320، 321
(2)
تفسير القرطبي 10 / 385، وشرح جمع الجوامع وحاشية البناني 2 / 10 وما بعدها
(3)
جمع الجوامع وشرحه 2 / 14