الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا رُجُوعَ فِيهِ كَالإِْقْرَارِ وَالطَّلَاقِ ثَبَتَ حُكْمُ الأَْوَّل، وَلَمْ يُمْكِنْ إِبْطَالُهُ، فَلَوْ قَال الْمُقِرُّ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ، بَل أَلْفُ ثَوْبٍ، يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ؛ لأَِنَّهُمَا مِنْ جِنْسَيْنِ. وَلَوْ قَال: لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ، بَل أَلْفَانِ يَثْبُتُ الأَْلْفَانِ، قَال التَّفْتَازَانِيُّ:" لأَِنَّ التَّدَارُكَ فِي الأَْعْدَادِ يُرَادُ بِهِ نَفْيُ انْفِرَادِ مَا أَقَرَّ بِهِ أَوَّلاً، لَا نَفْيُ أَصْلِهِ، فَكَأَنَّهُ قَال أَوَّلاً: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ، ثُمَّ تَدَارَكَ ذَلِكَ الاِنْفِرَادَ وَأَبْطَلَهُ " وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافُ زُفَرَ إِذْ قَال: " بَل يَثْبُتُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ ".
وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ فِي أَنَّهُ لَوْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَل طَلْقَتَيْنِ أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ - فِي الْمَدْخُول بِهَا - ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ. وَوَجَّهَ صَاحِبُ مُسَلَّمِ الثُّبُوتِ وَشَارِحِهِ الْفَرْقَ بَيْنَ مَسْأَلَتَيِ الإِْقْرَارِ وَالطَّلَاقِ بِأَنَّ الإِْقْرَارَ إِخْبَارٌ عَلَى الأَْصَحِّ فَلَا يَثْبُتُ شَيْئًا، فَلَهُ أَنْ يُعْرِضَ عَنْ خَبَرٍ كَانَ أَخْبَرَ بِهِ، وَيُخْبِرَ بَدَلَهُ بِخَبَرٍ آخَرَ، بِخِلَافِ الإِْنْشَاءِ إِذْ بِهِ يَثْبُتُ الْحُكْمُ، وَلَيْسَ فِي يَدِهِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ أَنْ يُعْرِضَ عَنْهُ (1) .
أَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: فَلَا يَقَعُ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورَةِ إِلَاّ طَلْقَتَانِ، كَمَا لَا يَلْزَمُهُ فِي مَسْأَلَةِ الإِْقْرَارِ إِلَاّ أَلْفَانِ (2) .
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ:
أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ الثَّانِي مُتَرَاخِيًا عَنِ الأَْوَّل مُنْفَصِلاً عَنْهُ. فَلَهُ حَالَتَانِ:
الْحَالَةُ الأُْولَى: أَنْ يَكُونَ فِي كَلَامٍ لَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ عَنْهُ، وَلَا يُقْبَل مِنْهُ، كَالأَْقَارِيرِ وَالْعُقُودِ، فَلَا
(1) التلويح على التوضيح 1 / 362، وانظر شرح مسلم الثبوت 2 / 232
(2)
كشاف القناع 5 / 267، 6 / 484
يَكُونُ الإِْقْرَارُ الثَّانِي وَلَا الْعَقْدُ الثَّانِي رُجُوعًا عَنِ الأَْوَّل. فَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ سَكَتَ سُكُوتًا يُمْكِنُهُ الْكَلَامُ فِيهِ، ثُمَّ قَال " زَائِفَةٌ " أَوْ " إِلَى شَهْرٍ " لَزِمَهُ مِائَةٌ جَيِّدَةٌ حَالَّةٌ.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ رُجُوعُهُ مُمْكِنًا، كَالْوَصِيَّةِ وَعَزْل الإِْمَامِ أَحَدًا مِمَّنْ يُمْكِنُهُ عَزْلُهُمْ وَتَوْلِيَتُهُمْ، فَإِنْ صَرَّحَ بِرُجُوعِهِ عَنِ الأَْوَّل، أَوْ بِإِلْحَاقِهِ شَرْطًا، أَوْ تَقْيِيدِهِ بِحَالٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَحِقَ - وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ قَصَدَ الرُّجُوعَ - فَهَذَا يُشْبِهُ التَّعَارُضَ فِي الأَْدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ، فَهُوَ تَبْدِيلٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مُطْلَقًا. وَلَوْ كَانَ خَاصًّا بَعْدَ عَامٍّ أَوْ عَكْسَهُ فَالْعَمَل بِالثَّانِي بِكُل حَالٍ. وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ قَدْ يَجْرِي فِيهِ تَقْدِيمُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ سَوَاءٌ أَكَانَ الْخَاصُّ سَابِقًا أَمْ مُتَأَخِّرًا (1) .
اسْتِدْلَالٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
الاِسْتِدْلَال لُغَةً: طَلَبُ الدَّلِيل (2)، وَهُوَ مِنْ دَلَّهُ عَلَى الطَّرِيقِ دَلَالَةً: إِذَا أَرْشَدَهُ إِلَيْهِ (3) .
وَلَهُ فِي عُرْفِ الأُْصُولِيِّينَ إِطْلَاقَاتٌ (4) . أَهَمُّهَا اثْنَانِ:
الأَْوَّل: أَنَّهُ إِقَامَةُ الدَّلِيل مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ الدَّلِيل نَصًّا، أَمْ إِجْمَاعًا، أَمْ غَيْرَهُمَا.
(1) القواعد لابن رجب ص 270، وكشاف القناع 6 / 470
(2)
كشاف اصطلاحات الفنون، وكليات أبي البقاء 1 / 174 ط دمشق.
(3)
تاج العروس مادة: (دل) .
(4)
كشاف اصطلاحات الفنون 2 / 498، 499