الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّوْعُ الأَْوَّل: مَنْ كَانَ الْغَالِبُ مِنْ حَالِهِ الْهَلَاكَ، وَهُوَ مَنْ يُفْقَدُ فِي مُهْلِكَةٍ كَاَلَّذِي يُفْقَدُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، أَوْ فِي مَفَازَةٍ يَهْلَكُ فِيهَا النَّاسُ، أَوْ يُفْقَدُ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ، أَوْ يَخْرُجُ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ، أَوْ لِحَاجَةٍ قَرِيبَةٍ فَلَا يَرْجِعُ، وَلَا يُعْلَمُ خَبَرُهُ، فَهَذَا يُنْتَظَرُ بِهِ أَرْبَعُ سِنِينَ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ خَبَرٌ قُسِمَ مَالُهُ، وَاعْتَدَّتِ امْرَأَتُهُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، وَحَلَّتْ لِلأَْزْوَاجِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ الإِْمَامُ أَحْمَدُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ. وَذَكَرَ الْقَاضِي: أَنَّهُ لَا يُقْسَمُ مَالُهُ حَتَّى تَمْضِيَ عِدَّةُ الْوَفَاةِ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ. لأَِنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي يُبَاحُ لاِمْرَأَتِهِ التَّزَوُّجُ فِيهِ، وَالأَْوَّل أَصَحُّ، لأَِنَّ الْعِدَّةَ إِنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْوَفَاةِ. فَإِذَا حُكِمَ بِوَفَاتِهِ فَلَا وَجْهَ لِلْوُقُوفِ عَنْ قَسْمِ مَالِهِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: مَنْ لَيْسَ الْغَالِبُ مِنْ حَالِهِ الْهَلَاكَ، كَالْمُسَافِرِ لِتِجَارَةٍ، أَوْ طَلَبِ عِلْمٍ، أَوْ سِيَاحَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَمْ يُعْلَمْ خَبَرُهُ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: لَا يُقْسَمُ مَالُهُ، وَلَا تَتَزَوَّجُ امْرَأَتُهُ، حَتَّى يَتَيَقَّنَ مَوْتَهُ، أَوْ يَمْضِيَ عَلَيْهِ مُدَّةٌ لَا يَعِيشُ لِمِثْلِهَا، وَذَلِكَ مَرْجِعُهُ اجْتِهَادُ الْحَاكِمِ. قَال صَاحِبُ الْمُغْنِي:(لأَِنَّ الأَْصْل حَيَاتُهُ، وَالتَّقْدِيرُ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِلَاّ بِتَوْقِيفٍ، وَلَا تَوْقِيفَ هُنَا، فَوَجَبَ التَّوَقُّفُ عَنْهُ)
الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ يُنْتَظَرُ بِهِ تَتِمَّةُ تِسْعِينَ سَنَةً مُنْذُ وُلِدَ، لأَِنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا (1) .
120 -
وَيُوقَفُ لِلْمَفْقُودِ حِصَّتُهُ مِنْ مَال مَوْرُوثِهِ الَّذِي مَاتَ فِي مُدَّةِ الاِنْتِظَارِ، فَإِنْ مَضَتِ الْمُدَّةُ، وَلَمْ
(1) مطالب أولي النهى 4 / 630، وكشاف القناع 4 / 391
يُعْلَمْ خَبَرُهُ، رُدَّ الْمَوْقُوفُ إِلَى وَرَثَةِ مَوْرُوثِ الْمَفْقُودِ.
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَرِثُ الْمَفْقُودَ إِلَاّ الأَْحْيَاءُ مِنْ وَرَثَتِهِ يَوْمَ قَسْمِ مَالِهِ، لَا مَنْ مَاتَ قَبْل ذَلِكَ، وَلَوْ بِيَوْمٍ.
121 -
وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ مَاتَ وَفِي وَرَثَتِهِ مَفْقُودٌ، فَمَذْهَبُ الإِْمَامِ أَحْمَدَ وَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ: أَنَّهُ يُعْطَى كُل وَارِثٍ مِنْ وَرَثَتِهِ نَصِيبَهُ الْمُتَيَقَّنَ، وَيُوقَفُ الْبَاقِي حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ، أَوْ تَمْضِي مُدَّةُ الاِنْتِظَارِ. وَذَلِكَ إِذَا كَانَ وُجُودُ الْمَفْقُودِ يُنْقِصُ أَنْصِبَةَ الْوَرَثَةِ الآْخَرِينَ، فَإِنْ كَانَ يَحْجُبُهُمْ حَجْبَ حِرْمَانٍ فَلَا يُعْطَى أَحَدٌ مِنْهُمْ شَيْئًا مِنَ التَّرِكَةِ، بَل تُوقَفُ كُلُّهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ مَوْتُهُ أَوْ حَيَاتُهُ (1) .
مِيرَاثُ الأَْسِيرِ:
122 -
الأَْسِيرُ لُغَةً: الأَْخِيذُ وَالْمُقَيَّدُ وَالْمَسْجُونُ (2) .
وَفِي الاِصْطِلَاحِ: يُطْلَقُ عَلَى كُل مَنْ أُخِذَ سَوَاءٌ شُدَّ أَوْ لَمْ يُشَدَّ (3) .
123 -
وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ إِذَا عُلِمَتْ حَيَاتُهُ فَإِنَّهُ يَرِثُ (4) .
فَإِنْ فَارَقَ دِينَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ؛ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَرْتَدَّ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ، ثُمَّ يَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَبَيْنَ أَنْ يَرْتَدَّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَيُقِيمَ فِيهَا، فَهُوَ فِي الْحَالَيْنِ يَصِيرُ حَرْبِيًّا.
فَإِذَا لَمْ تُعْلَمْ رِدَّتُهُ وَلَا حَيَاتُهُ وَلَا مَوْتُهُ فَحُكْمُهُ
(1) السراجية ص 329، والحطاب 6 / 423، والتحفة 6 / 44، والمغني 6 / 205 - 208
(2)
القاموس
(3)
السراجية ص 335
(4)
المغني 7 / 131 ط المنار.