الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْمُسْتَحَقِّ. غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ الشَّافِعِيَّةِ قَيَّدَ التَّعْيِينَ بِكَوْنِهِ فِي الْعَقْدِ لَا بَعْدَهُ.
فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِاسْتِحْقَاقِهِ، وَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ إِنْ كَانَ مُقَوَّمًا، وَبِمِثْلِهِ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا، مَعَ مُلَاحَظَةِ خِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِيمَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ بِهِ. (1)
زِيَادَةُ الْمَبِيعِ الْمُسْتَحَقِّ:
14 -
زِيَادَةُ الْمَبِيعِ الْمُسْتَحَقِّ مَحَل خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَتِ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً - كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ - وَثَبَتَ الاِسْتِحْقَاقُ بِالْبَيِّنَةِ فَهِيَ لِلْمُسْتَحِقِّ. وَاخْتُلِفَ هَل يَجِبُ الْقَضَاءُ بِالزِّيَادَةِ مَقْصُودًا أَوْ يُكْتَفَى بِالْقَضَاءِ بِالأَْصْل؟ عَلَى رَأْيَيْنِ.
أَمَّا إِذَا كَانَتِ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ - كَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ - وَاسْتُحِقَّ الأَْصْل، فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ الْمُسْتَحِقُّ بَيْنَ أَخْذِ الزِّيَادَةِ بِقِيمَتِهَا مَقْلُوعَةً، وَبَيْنَ أَمْرِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ بِقَلْعِهَا مَعَ تَضْمِينِهِ نُقْصَانَ الأَْرْضِ. وَلِهَذَا الأَْخِيرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ.
وَإِذَا كَانَتِ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً كَالسِّمَنِ فَاسْتُحِقَّ الأَْصْل فَهِيَ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَجَاءَ فِي الْحَامِدِيَّةِ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِمَا زَادَ، بِأَنْ تُقَوَّمَ قَبْل الزِّيَادَةِ وَبَعْدَهَا وَيَرْجِعُ بِالْفَرْقِ (وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَنْفَقَ (2)) .
(1) الخرشي 6 / 159، 160، وشرح الروض 2 / 242 ط الميمنية، والإنصاف 6 / 290، وابن عابدين 4 / 473، والقليوبي 2 / 336، وتبيين الحقائق 5 / 34 نشر دار المعرفة، وقواعد ابن رجب ص 383
(2)
الهندية 4 / 144، وابن عابدين 4 / 195، 202
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ غَلَّةَ الْمُسْتَحَقِّ مِنْ أُجْرَةٍ أَوِ اسْتِعْمَالٍ، أَوْ لَبَنٍ، أَوْ صُوفٍ، أَوْ ثَمَرَةٍ هِيَ لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ مِنْ يَوْمِ وَضَعَ يَدَهُ إِلَى يَوْمِ الْحُكْمِ. وَهَذَا فِي غَيْرِ الْغَصْبِ، فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مَغْصُوبًا وَالْمُشْتَرِي مِنَ الْغَاصِبِ يَجْهَل ذَلِكَ، فَالزِّيَادَةُ لِلْمُسْتَحِقِّ (1) .
وَالْحَنَابِلَةُ كَالْحَنَفِيَّةِ فِي أَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمُسْتَحِقِّ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُتَّصِلَةً أَمْ مُنْفَصِلَةً، فَإِنْ أَحْدَثَ فِيهَا شَيْئًا كَأَنْ أَتْلَفَهَا أَوْ أَكَل الثَّمَرَةَ أُخِذَتْ مِنْهُ الْقِيمَةُ، وَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ فِعْل الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا، فَإِنْ رُدَّتِ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ، فَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ يَرُدُّ لَهُ النَّفَقَةَ أَوْ قِيمَةَ الْغِرَاسِ، إِنْ كَانَ قَدْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْقِيمَةِ بِيَوْمِ الاِسْتِحْقَاقِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى أَنَّ الَّذِي يَدْفَعُ النَّفَقَةَ هُوَ الْمَالِكُ (الْمُسْتَحِقُّ) ، وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى مَنْ غَرَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ. (2)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمَأْخُوذِ مِنْهُ، وَقَيَّدُوا ذَلِكَ بِمَا إِذَا أُخِذَتِ الْعَيْنُ الْمُسْتَحَقَّةُ بِبَيِّنَةٍ مُطْلَقَةٍ لَمْ تُصَرِّحْ بِتَارِيخِ الْمِلْكِ، وَلَا يَرْجِعُ بِالنَّفَقَةِ عِنْدَهُمْ، لأَِنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ (3) .
وَفَصَّل الْمَالِكِيَّةُ فِي ذَلِكَ فَقَالُوا: إِنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُسْتَحِقِّ مُطْلَقًا إِلَاّ كَانَتْ غَيْرَ ثَمَرَةٍ، أَوْ ثَمَرَةً غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ، (وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: إِنْ يَبِسَتْ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إِنْ جُذَّتْ) .
وَاخْتَلَفُوا فِي رُجُوعِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ بِمَا سَقَى وَعَالَجَ
(1) الشرح الصغير 3 / 618
(2)
قواعد ابن رجب ص 148، 154، 168، 213
(3)
الشرواني على التحفة 10 / 336، والقليوبي 2 / 181، وشرح الروض 2 / 340، 341