الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُوَارَاةُ الشَّعْرِ الْمُزَال أَوْ إِتْلَافُهُ:
10 -
صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِاسْتِحْبَابِ مُوَارَاةِ شَعْرِ الْعَانَةِ بِدَفْنِهِ؛ لِمَا رَوَى الْخَلَاّل بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُمْل بِنْتِ مُشَرِّحٍ الأَْشْعَرِيَّةِ قَالَتْ: رَأَيْتُ أَبِي يُقَلِّمُ أَظَافِرَهُ، وَيَدْفِنُهَا وَيَقُول: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَل ذَلِكَ. وَسُئِل أَحْمَدُ، يَأْخُذُ الرَّجُل مِنْ شَعْرِهِ وَأَظَافِرِهِ أَيُلْقِيهِ أَمْ يَدْفِنُهُ؟ قَال: يَدْفِنُهُ، قِيل: بَلَغَكَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ؟ قَال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَدْفِنُهُ.
وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِدَفْنِ الشَّعْرِ وَالأَْظَافِرِ، قَال الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: وَقَدِ اسْتَحَبَّ أَصْحَابُنَا دَفْنَهَا؛ لِكَوْنِهَا أَجْزَاءً مِنَ الآْدَمِيِّ (1) ، وَنُقِل ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ.
اسْتِحْسَانٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
الاِسْتِحْسَانُ فِي اللُّغَةِ: هُوَ عَدُّ الشَّيْءِ حَسَنًا (2)، وَضِدُّهُ الاِسْتِقْبَاحُ. وَفِي عِلْمِ أُصُول الْفِقْهِ عَرَّفَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّهُ: اسْمٌ لِدَلِيلٍ يُقَابِل الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ يَكُونُ بِالنَّصِّ أَوِ الإِْجْمَاعِ أَوِ الضَّرُورَةِ أَوِ الْقِيَاسِ الْخَفِيِّ.
كَمَا يُطْلَقُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - فِي كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ
(1) تحفة الأحوذي 8 / 39، 40، وكشاف القناع 1 / 65، والمغني 1 / 88. والمجموع للنووي 1 / 289، 290
(2)
تاج العروس (حسن) .
وَالاِسْتِحْسَانِ - عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْمَسَائِل الْحِسَانِ، فَهُوَ اسْتِفْعَالٌ بِمَعْنَى إِفْعَالٍ، كَاسْتِخْرَاجٍ بِمَعْنَى إِخْرَاجٍ. قَال النَّجْمُ النَّسَفِيُّ: فَكَأَنَّ الاِسْتِحْسَانَ هَاهُنَا إِحْسَانُ الْمَسَائِل، وَإِتْقَانُ الدَّلَائِل (1) .
حُجِّيَّةُ الاِسْتِحْسَانِ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ:
2 -
اخْتَلَفَ الأُْصُولِيُّونَ فِي قَبُول الاِسْتِحْسَانِ، فَقَبِلَهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَرَدَّهُ الشَّافِعِيَّةُ وَجُمْهُورُ الأُْصُولِيِّينَ.
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ نَسَبَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْقَوْل بِهِ إِلَى مَالِكٍ، وَقَال بَعْضُهُمْ: الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ الْقَوْل بِالاِسْتِحْسَانِ لَا عَلَى مَا سَبَقَ، بَل حَاصِلُهُ: اسْتِعْمَال مَصْلَحَةٍ جُزْئِيَّةٍ فِي مُقَابَلَةِ قِيَاسٍ كُلِّيٍّ، فَهُوَ يُقَدِّمُ الاِسْتِدْلَال الْمُرْسَل عَلَى الْقِيَاسِ.
وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ حُكِيَ عَنْهُمُ الْقَوْل بِهِ أَيْضًا.
وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ؛ لأَِنَّ الاِسْتِحْسَانَ إِنْ كَانَ هُوَ الْقَوْل بِمَا يَسْتَحْسِنُهُ الإِْنْسَانُ وَيَشْتَهِيهِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَلَا يَقُول بِهِ أَحَدٌ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْعُدُول عَنْ دَلِيلٍ إِلَى دَلِيلٍ أَقْوَى مِنْهُ، فَهَذَا مِمَّا لَا يُنْكِرُهُ أَحَدٌ (2) .
أَقْسَامُ الاِسْتِحْسَانِ:
يَنْقَسِمُ الاِسْتِحْسَانُ بِحَسَبِ تَنَوُّعِ الدَّلِيل الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ إِلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ:
(1) إفاضة الأنوار بحاشية نسمات الأسحار ص 155 ط الأولى، وطلبة الطلبة ص 89 ط الأولى. ورد المحتار 5 / 213 ط الأولى.
(2)
إرشاد الفحول ص 240 ط مصطفى الحلبي، والبحر المحيط للزركشي مخطوطة باريس، الورقة:(334 / ب) ، والمستصفى 1 / 274 ط بولاق، وشرح العضد لمختصر ابن الحاج 2 / 288 ط الأولى