الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأَِنَّ الْعِتْقَ لَا يَتَبَعَّضُ ابْتِدَاءً (1)، وَلِحَدِيثِ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ مِنْ غُلَامٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ، وَأَجَازَ عِتْقَهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ، وَفِي لَفْظٍ: هُوَ حُرٌّ كُلُّهُ، لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ. (2)
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: يُسْتَسْعَى فِي الْبَاقِي.
3 -
أَمَّا إِذَا كَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا، وَأَعْتَقَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ، فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَقَدْ خَيَّرَ أَبُو حَنِيفَةَ الشَّرِيكَ الآْخَرَ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: الْعِتْقُ، أَوْ تَضْمِينُ الشَّرِيكِ الْمُعْتِقِ، أَوِ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ. وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَالشَّرِيكُ بِالْخِيَارِ، بَيْنَ الإِْعْتَاقِ وَبَيْنَ الاِسْتِسْعَاءِ فَقَطْ، وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ هُنَا: لَيْسَ لَهُ إِلَاّ الضَّمَانُ مَعَ الْيَسَارِ، وَالسِّعَايَةُ مَعَ الإِْعْسَارِ، وَقَوْلُهُمَا هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ (3)، لِمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا فِي مَمْلُوكِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَهُ كُلَّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَاّ اسْتَسْعَى الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ (4) أَيْ لَا يُغْلِي عَلَيْهِ الثَّمَنُ (5) . وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَظَاهِرُ
(1) الهداية مع فتح القدير 3 / 377، 382، والحطاب 6 / 336، 337 ط ليبيا، وتحفة المحتاج مع الشرواني وابن قاسم العبادي 10 / 354 ط دار صادر، والمغني مع الشرح الكبير 12 / 269 ط المنار الأولى.
(2)
حديث: " ليس لله شريك. . . " أخرجه أبو داود (عون المعبود 4 / 36 ط المطبعة الأنصارية) وأحمد 5 / 74، 75 ط الميمنية. وقال ابن حجر:" إسناده قوي "(فتح الباري 5 / 159 ط السلفية) .
(3)
فتح القدير 3 / 377، 382
(4)
حديث " منى أعتق شقصا. . . " أخرجه البخاري 5 / 156 (فتح الباري ط السلفية) ، ومسلم 2 / 1140 ط عيسى الحلبي، واللفظ لأبي داود، (عون المعبود 4 / 37 - ط المطبعة الأنصارية) .
(5)
الهداية مع فتح القدير 3 / 380، 381، والمغني مع الشرح الكبير 12 / 249، 250
مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ عَلَى أَنَّهُ مَعَ الْيَسَارِ يَسْرِي الْعِتْقُ إِلَى الْبَاقِي، وَيَغْرَمُ الْمُعْتِقُ قِيمَةَ حِصَّةِ الشُّرَكَاءِ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا سِرَايَةَ وَلَا اسْتِسْعَاءَ (1) .
4 -
وَيَقَعُ الْخِلَافُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ كَذَلِكَ إِذَا أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَوْ دَبَّرَ، أَوْ أَوْصَى بِعَبِيدِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَاهُمْ، فَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: يُعْتَقُ جُزْءٌ مِنْ كُل وَاحِدٍ، وَيُسْتَسْعَى فِي بَاقِيهِ، وَقَال غَيْرُهُ: يُعْتَقُ ثُلُثُهُمْ بِالاِقْتِرَاعِ بَيْنَهُمْ، فَمَنْ خَرَجَ لَهُ سَهْمُ الْحُرِّيَّةِ عَتَقَ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ الْمُسْتَسْعَى دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ، يُقَدِّرُهَا عَدْلٌ، وَأَحْكَامُهُ أَحْكَامُ الأَْحْرَارِ، وَقَال الْبَعْضُ: لَا يَأْخُذُ حُكْمَ الْحُرِّ إِلَاّ بَعْدَ الأَْدَاءِ. وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ وَقْتَ الإِْعْتَاقِ؛ لأَِنَّهُ وَقْتُ الإِْتْلَافِ.
مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
5 -
الْكَلَامُ عَنِ الاِسْتِسْعَاءِ مَنْثُورٌ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ، وَأَغْلَبُ ذِكْرِهِ مَعَ السِّرَايَةِ، وَفِي بَابِ (الْعَبْدُ يُعْتَقُ بَعْضُهُ)(وَالإِْعْتَاقُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ) كَمَا يُذْكَرُ فِي الْكَفَّارَةِ.
(1) التاج والإكليل 6 / 338 هامش الحطاب ليبيا، والخرشي 8 / 126، 127، والعدوي بهامشه 8 / 126 ط دار صادر، والشرح الكبير مع المغني 12 / 248