الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَمَّا فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِلزَّوَاجِ مِنْ آخَرَ، وَحِل اسْتِمْتَاعِ الزَّوْجِ بِهَا فَتَأْخُذُ بِالأَْكْثَرِ؛ لأَِنَّ تَرْكَهَا التَّزَوُّجَ مَعَ جَوَازِهِ أَوْلَى مِنْ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِدُونِ حَقِّ التَّزَوُّجِ، وَكَذَا تَرْكُ الْوَطْءِ مَعَ احْتِمَال الْحِل، أَوْلَى مِنَ الْوَطْءِ مَعَ احْتِمَال الْحُرْمَةِ، فَإِذَا جَاءَ الْيَوْمُ الثَّامِنُ فَعَلَيْهَا أَنْ تَغْتَسِل ثَانِيًا، وَتَقْضِيَ الْيَوْمَ السَّابِعَ الَّذِي صَامَتْهُ؛ لأَِنَّ الأَْدَاءَ كَانَ وَاجِبًا، وَوَقَعَ الشَّكُّ فِي السُّقُوطِ، إِنْ لَمْ تَكُنْ حَائِضًا فِيهِ صَحَّ صَوْمُهَا وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا فَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ، فَلَا يَسْقُطُ الْقَضَاءُ بِالشَّكِّ.
وَلَيْسَ عَلَيْهَا قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ؛ لأَِنَّهَا إِنْ كَانَتْ طَاهِرَةً فِي هَذَا الْيَوْمِ فَقَدْ صَلَّتْ، وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا فِيهِ فَلَا صَلَاةَ عَلَيْهَا، وَبِالتَّالِي لَا قَضَاءَ عَلَيْهَا (1) . وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا خَمْسَةً فَحَاضَتْ سِتَّةً، ثُمَّ حَاضَتْ حَيْضَةً أُخْرَى سَبْعَةً، ثُمَّ حَاضَتْ حَيْضَةً أُخْرَى سِتَّةً، فَعَادَتُهَا سِتَّةٌ بِالإِْجْمَاعِ حَتَّى يَنْبَنِيَ الاِسْتِمْرَارُ عَلَيْهَا.
أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَلأَِنَّ الْعَادَةَ تَنْتَقِل بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ، وَإِنَّمَا يَنْبَنِي الاِسْتِمْرَارُ عَلَى الْمَرَّةِ الأَْخِيرَةِ لأَِنَّ الْعَادَةَ انْتَقَلَتْ إِلَيْهَا، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فَلأَِنَّ الْعَادَةَ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْتَقِل إِلَاّ بِالْمَرَّتَيْنِ فَقَدْ رَأَتِ السِّتَّةَ مَرَّتَيْنِ.
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ لِمَنْ لَيْسَ لَهَا عَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي النِّفَاسِ.
اسْتِحَاضَةُ الْمُتَحَيِّرَةِ:
21 -
الْمُتَحَيِّرَةُ: هِيَ الَّتِي نَسِيَتْ عَادَتَهَا بَعْدَ اسْتِمْرَارِ الدَّمِ وَتُوصَفُ بِالْمُحَيِّرَةِ بِصِيغَةِ اسْمِ
(1) البدائع 1 / 174
الْفَاعِل، لأَِنَّهَا تُحَيِّرُ الْمُفْتِيَ، وَبِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُول لأَِنَّهَا حُيِّرَتْ بِسَبَبِ نِسْيَانِهَا (1) ، وَتُدْعَى أَيْضًا الْمُضِلَّةَ؛ لأَِنَّهَا أَضَلَّتْ عَادَتَهَا.
وَمَسَائِل الْمُحَيِّرَةِ مِنْ أَصْعَبِ مَسَائِل الْحَيْضِ وَأَدَقِّهَا، وَلَهَا صُوَرٌ كَثِيرَةٌ وَفُرُوعٌ دَقِيقَةٌ، وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ حِفْظُ عَادَتِهَا فِي الزَّمَانِ وَالْعَدَدِ.
وَجَمِيعُ الأَْحْكَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تُبْنَى عَلَى الاِحْتِيَاطِ، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ تَشْدِيدٌ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَلَيْسَ الْقَصْدُ التَّشْدِيدَ لأَِنَّهَا لَمْ تَرْتَكِبْ مَحْظُورًا.
وَتَفْصِيل أَحْكَامِ الْمُتَحَيِّرَةِ فِي مُصْطَلَحِهَا.
مَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ الْحَامِل مِنَ الدَّمِ أَثْنَاءَ حَمْلِهَا:
22 -
إِذَا رَأَتِ الْمَرْأَةُ الْحَامِل الدَّمَ حَال الْحَبَل وَقَبْل الْمَخَاضِ، فَلَيْسَ بِحَيْضٍ وَإِنْ كَانَ مُمْتَدًّا بَالِغًا نِصَابَ الْحَيْضِ، بَل هُوَ اسْتِحَاضَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (2) وَالْحَنَابِلَةِ.
وَكَذَلِكَ مَا تَرَاهُ حَالَةَ الْمَخَاضِ وَقَبْل خُرُوجِ أَكْثَرِ الْوَلَدِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الدَّمَ الَّذِي تَرَاهُ الْحَامِل قَبْل الْوِلَادَةِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ دَمُ نِفَاسٍ (3) وَإِنْ كَانَ لَا يُعَدُّ مِنْ مُدَّةِ النِّفَاسِ.
وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ: بِقَوْل عَائِشَةَ الْحَامِل لَا تَحِيضُ وَمِثْل هَذَا لَا يُعْرَفُ بِالرَّأْيِ (4) .
وَقَال الشَّافِعِيُّ: هُوَ حَيْضٌ فِي حَقِّ تَرْكِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَحُرْمَةِ الْقُرْبَانِ، لَا فِي حَقِّ أَقْرَاءِ الْعِدَّةِ،
(1) طحطاوي 1 / 76
(2)
فتح القدير 1 / 164
(3)
المغني مع الشرح الكبير 1 / 375
(4)
فالظاهر أنها قالته سماعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأن فم الرحم ينسد حال الحبل في المعتاد، ولا ينفتح إلا بخروج الولد حيث يندفع النفاس. فتح القدير 1 / 165