الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقِسْمُ الأَْوَّل
الاِسْتِدْرَاكُ الْقَوْلِيُّ بِ "
لَكِنَّ
" وَأَخَوَاتِهَا
صِيَغُ الاِسْتِدْرَاكِ:
هِيَ: لَكِنَّ (مُشَدَّدَةٌ) وَلَكِنْ (مُخَفَّفَةٌ) وَبَل وَعَلَى، وَأَدَوَاتُ الاِسْتِثْنَاءِ.
9 -
أ - لَكِنَّ: وَهِيَ أُمُّ الْبَابِ. وَهِيَ الْمَوْضُوعَةُ لَهُ (1) .
وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الأُْصُولِيِّينَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي اسْتِعْمَال " لَكِنَّ " وَمَا فِي مَعْنَاهَا لِلاِسْتِدْرَاكِ: الاِخْتِلَافُ بَيْنَ مَا قَبْل (لَكِنَّ) وَمَا بَعْدَهَا بِالإِْيجَابِ وَالسَّلْبِ لَفْظًا، نَحْوُ مَا جَاءَ زَيْدٌ لَكِنَّ أَخَاهُ جَاءَ.
وَلَوْ كَانَ الاِخْتِلَافُ مَعْنَوِيًّا جَازَ أَيْضًا (2) . كَقَوْل الْقَائِل: عَلِيٌّ حَاضِرٌ لَكِنَّ أَخَاهُ مُسَافِرٌ، أَيْ لَيْسَ بِحَاضِرٍ.
ب - لَكِنْ:
" بِسُكُونِ النُّونِ " فَهِيَ فِي الأَْصْل مُخَفَّفَةٌ مِنْ " لَكِنَّ "، وَتَكُونُ عَلَى حَالَيْنِ: أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الأَْغْلَبُ أَنْ تَكُونَ ابْتِدَائِيَّةً فَتَلِيهَا جُمْلَةٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} (3)
وَالْحَال الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ عَاطِفَةً، وَيُشْتَرَطُ لِذَلِكَ: أَنْ يَسْبِقَهَا نَفْيٌ أَوْ نَهْيٌ، وَأَنْ يَلِيَهَا مُفْرَدٌ، وَأَلَاّ تَدْخُل عَلَيْهَا الْوَاوُ مِثْل: مَا جَاءَ زَيْدٌ لَكِنْ عَمْرٌو.
(1) مغني اللبيب لابن هشام بحاشية الدسوقي 1 / 292
(2)
شرح مسلم الثبوت 2 / 237، وشرح التوضيح على التنقيح مع حاشية التفتازاني والفنري ص 263
(3)
سورة الإسراء / 44
وَلَا تَخْلُو فِي كِلَا الْحَالَيْنِ مِنْ مَعْنَى الاِسْتِدْرَاكِ، فَتُقَرِّرُ حُكْمَ مَا قَ
بْلَ
هَا، وَتُثْبِتُ نَقِيضَهُ لِمَا بَعْدَهَا (1) .
ج - بَل:
إِذَا سَبَقَهَا نَفْيٌ أَوْ نَهْيٌ تَكُونُ حَرْفَ اسْتِدْرَاكٍ (2) مِثْل (لَكِنْ) تُقَرِّرُ حُكْمَ مَا قَبْلَهَا، وَتُثْبِتُ نَقِيضَهُ لِمَا بَعْدَهَا.
فَإِنْ وَقَعَتْ بَعْدَ إِيجَابٍ أَوْ أَمْرٍ لَمْ تُفِدْ ذَلِكَ، بَل تُفِيدُ الإِْضْرَابَ عَنِ الأَْوَّل، حَتَّى كَأَنَّهُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ، وَتَنْقُل حُكْمَهُ لِمَا بَعْدَهَا، كَقَوْلِكَ: جَاءَ زَيْدٌ بَل عَمْرٌو، وَهَذَا مَا يُسَمَّى بِالإِْضْرَابِ الإِْبْطَالِيِّ. قَال السَّعْدُ:" أَيْ إِنَّ الإِْخْبَارَ عَنْهُ مَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ. وَإِذَا انْضَمَّ إِلَيْهِ " لَا " صَارَ نَصًّا فِي نَفْيِ الأَْوَّل ".
وَلِذَا لَا يَقَعُ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ، إِلَاّ عَلَى سَبِيل الْحِكَايَةِ.
وَقَدْ تَكُونُ لِلإِْضْرَابِ الاِنْتِقَالِيِّ، أَيْ مِنْ غَرَضٍ إِلَى آخَرَ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى بَل تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} . (3)
(1) شرح ابن عقيل وحاشية الخضري 2 / 65، 66 ط مصطفى الحلبي 1341 هـ، وشرح الكوكب المنير ص 84 ط حامد الفقي. وشرح التوضيح1 / 363
(2)
ابن هشام في المغني في أوائل الباب السادس. ونقله الصبان في حاشيته على الأشموني 3 / 113 وأقره، والخضري على شرح ابن عقيل 2 / 65، 66، وحاشية السعد على التوضيح شرح التنقيح 1 / 362
(3)
المنار وحواشيه ص 451، وتيسير التحرير 2 / 202، والآية من سورة الأعلى / 14 - 16