الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اسْتِسْقَاءٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
الاِسْتِسْقَاءُ لُغَةً: طَلَبُ السُّقْيَا، أَيْ طَلَبُ إِنْزَال الْغَيْثِ عَلَى الْبِلَادِ وَالْعِبَادِ. وَالاِسْمُ: السُّقْيَا بِالضَّمِّ، وَاسْتَسْقَيْتُ فُلَانًا: إِذَا طَلَبْتَ مِنْهُ أَنْ يَسْقِيَكَ (1) .
وَالْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ لِلاِسْتِسْقَاءِ هُوَ: طَلَبُ إِنْزَال الْمَطَرِ مِنَ اللَّهِ بِكَيْفِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ (2) .
صِفَتُهُ (حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ) :
2 -
قَال الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: الاِسْتِسْقَاءُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ بِالدُّعَاءِ وَالصَّلَاةِ أَمْ بِالدُّعَاءِ فَقَطْ، فَعَلَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَحَابَتُهُ وَالْمُسْلِمُونَ مِنْ بَعْدِهِمْ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَقَال بِسُنِّيَّةِ الدُّعَاءِ فَقَطْ، وَبِجَوَازِ غَيْرِهِ (3) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تَعْتَرِيهِ الأَْحْكَامُ الثَّلَاثَةُ التَّالِيَةُ:
الأَْوَّل: سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، إِذَا كَانَ لِلْمَحَل وَالْجَدْبِ، أَوْ لِلْحَاجَةِ إِلَى الشُّرْبِ لِشِفَاهِهِمْ، أَوْ لِدَوَابِّهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ، سَوَاءٌ أَكَانُوا فِي حَضَرٍ، أَمْ سَفَرٍ فِي صَحْرَاءَ، أَوْ سَفِينَةٍ فِي بَحْرٍ مَالِحٍ.
الثَّانِي: مَنْدُوبٌ، وَهُوَ الاِسْتِسْقَاءُ مِمَّنْ كَانَ فِي خِصْبٍ لِمَنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ وَجَدْبٍ؛ لأَِنَّهُ مِنَ التَّعَاوُنِ
(1) لسان العرب مادة: (سقى)
(2)
ابن عابدين 1 / 790 ط الثالثة، وفتح العزيز بهامش المجموع 5 / 87، والشرح الصغير 1 / 537 ط المعارف.
(3)
نهاية المحتاج 2 / 402، والمغني 2 / 283 ط رشيد رضا، وابن عابدين 1 / 791 ط الثالثة.
عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى. وَلِمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَل الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى. (1) وَصَحَّ: دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لأَِخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لأَِخِيهِ بِخَيْرٍ قَال الْمَلَكُ الْمُوَكَّل بِهِ: آمِينَ وَلَك بِمِثْلٍ. (2) وَلَكِنَّ الأَْوْزَاعِيَّ وَالشَّافِعِيَّةَ قَيَّدُوهُ بِأَلَاّ يَكُونَ الْغَيْرُ صَاحِبَ بِدْعَةٍ أَوْ ضَلَالَةٍ وَبَغْيٍ. وَإِلَاّ لَمْ يُسْتَحَبَّ زَجْرًا وَتَأْدِيبًا؛ وَلأَِنَّ الْعَامَّةَ تَظُنُّ بِالاِسْتِسْقَاءِ لَهُمْ حُسْنَ طَرِيقِهِمْ وَالرِّضَى بِهَا، وَفِيهَا مِنَ الْمَفَاسِدِ مَا فِيهَا (3) . مَعَ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَوِ احْتَاجَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ وَسَأَلُوا الْمُسْلِمِينَ الاِسْتِسْقَاءَ لَهُمْ فَهَل يَنْبَغِي إِجَابَتُهُمْ أَمْ لَا؟
الأَْقْرَبُ: الاِسْتِسْقَاءُ لَهُمْ وَفَاءً بِذِمَّتِهِمْ. ثُمَّ عَلَّلُوا ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ: وَلَا يُتَوَهَّمُ مَعَ ذَلِكَ أَنَّا فَعَلْنَاهُ لِحُسْنِ حَالِهِمْ؛ لأَِنَّ كُفْرَهُمْ مُحَقَّقٌ مَعْلُومٌ. وَلَكِنْ تُحْمَل إِجَابَتُنَا لَهُمْ عَلَى الرَّحْمَةِ بِهِمْ، مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمْ مِنْ ذَوِي الرُّوحِ، بِخِلَافِ الْفَسَقَةِ وَالْمُبْتَدِعَةِ (4) .
الثَّالِثُ: مُبَاحٌ، وَهُوَ اسْتِسْقَاءُ مَنْ لَمْ يَكُونُوا فِي مَحَلٍّ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى الشُّرْبِ، وَقَدْ أَتَاهُمُ الْغَيْثُ، وَلَكِنْ لَوِ اقْتَصَرُوا عَلَيْهِ لَكَانَ دُونَ السِّعَةِ، فَلَهُمْ أَنْ يَسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ (5) .
(1) حديث: " ترى المؤمنين. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 438 - ط السلفية) .
(2)
حديث: " دعوة المرء المسلم. . . " أخرجه مسلم (4 / 2094 - ط عيسى الحلبي) .
(3)
نهاية المحتاج 2 / 403 ط الحلبي.
(4)
حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج 2 / 403
(5)
الخرشي على مختصر خليل 2 / 13