الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
د -
عَلَى:
تُسْتَعْمَل لِلاِسْتِدْرَاكِ، كَمَا فِي قَوْل الشَّاعِرِ:
بِكُلٍّ تَدَاوَيْنَا فَلَمْ يَشْفِ مَا بِنَا
عَلَى أَنَّ قُرْبَ الدَّارِ خَيْرٌ مِنَ الْبُعْدِ
عَلَى أَنَّ قُرْبَ الدَّارِ لَيْسَ بِنَافِعٍ
إِذَا كَانَ مَنْ تَهْوَاهُ لَيْسَ بِذِي وُدِّ (1) .
هـ -
أَدَوَاتُ الاِسْتِثْنَاءِ:
قَدْ تُسْتَخْدَمُ أَدَوَاتُ الاِسْتِثْنَاءِ فِي الاِسْتِدْرَاكِ، فَيَقُولُونَ: زَيْدٌ غَنِيٌّ غَيْرَ أَنَّهُ بَخِيلٌ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {قَال لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَاّ مَنْ رَحِمَ} وَهَذَا مَا يُسَمَّى الاِسْتِثْنَاءَ الْمُنْقَطِعَ (ر: اسْتِثْنَاء) ، فَيُسْتَعْمَل فِي ذَلِكَ (إِلَاّ وَغَيْرُ) ، وَيُسْتَعْمَل فِيهِ أَيْضًا (سِوَى) عَلَى الأَْصَحِّ عِنْدَ أَهْل اللُّغَةِ (2) .
شُرُوطُ الاِسْتِدْرَاكِ:
10 -
يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الاِسْتِدْرَاكِ شُرُوطٌ، وَهِيَ:
الشَّرْطُ الأَْوَّل:
اتِّصَالُهُ بِمَا قَبْلَهُ وَلَوْ حُكْمًا. فَلَا يَضُرُّ انْفِصَالُهُ بِمَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْكَلَامِ الأَْوَّل، أَوْ بِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، كَتَنَفُّسٍ وَسُعَالٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَإِنْ حَال بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَْوَّل سُكُوتٌ يُمْكِنُهُ الْكَلَامُ فِيهِ، أَوْ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ عَنِ الْمَوْضُوعِ، اسْتَقَرَّ حُكْمُ الْكَلَامِ الأَْوَّل، وَبَطَل الاِسْتِدْرَاكُ.
فَلَوْ أَقَرَّ لِزَيْدٍ بِثَوْبٍ، فَقَال زَيْدٌ: مَا كَانَ لِي قَطُّ، لَكِنْ لِعَمْرٍو، فَإِنْ وَصَل فَلِعَمْرٍو، وَإِنْ فَصَل
(1) مغني اللبيب بحاشية الدسوقي 1 / 157
(2)
شرح ابن عقيل وحاشية الخضري 2 / 209، 210، والآية من سورة هود / 43
فَلِلْمُقِرِّ، لأَِنَّ النَّفْيَ يَحْتَمِل أَمْرَيْنِ: يَحْتَمِل أَنْ يَكُونَ تَكْذِيبًا لِلْمُقِرِّ وَرَدًّا لإِِقْرَارِهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْكَلَامِ، فَيَكُونُ النَّفْيُ رَدًّا إِلَى الْمُقِرِّ. وَيَحْتَمِل أَلَاّ يَكُونَ تَكْذِيبًا، إِذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ مَعْرُوفًا بِكَوْنِهِ لِزَيْدٍ، ثُمَّ وَقَعَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَأَقَرَّ بِهِ لِزَيْدٍ، فَقَال زَيْدٌ: الثَّوْبُ مَعْرُوفٌ بِكَوْنِهِ لِي، لَكِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لِعَمْرٍو، فَقَوْلُهُ:" لَكِنَّهُ لِعَمْرٍو " بَيَانُ تَغْيِيرٍ لِذَلِكَ النَّفْيِ، فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الاِتِّصَال؛ لأَِنَّ بَيَانَ التَّغْيِيرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا يَصِحُّ إِلَاّ مَوْصُولاً، وَلَا يَصِحُّ مُتَرَاخِيًا، فَإِنْ وَصَل يَثْبُتُ النَّفْيُ عَنْ زَيْدٍ وَالإِْثْبَاتُ لِعَمْرٍو مَعًا، إِذْ صَدْرُ الْكَلَامِ مَوْقُوفٌ عَلَى آخِرِهِ فَيَثْبُتُ حُكْمُهُمَا مَعًا.
وَلَوْ فَصَل يَصِيرُ النَّفْيُ رَدًّا لِلإِْقْرَارِ. ثُمَّ لَا تَثْبُتُ الْمِلْكِيَّةُ لِعَمْرٍو بِمُجَرَّدِ إِخْبَارِهِ بِذَلِكَ (1) .
الشَّرْطُ الثَّانِي:
اتِّسَاقُ الْكَلَامِ أَيِ انْتِظَامُهُ وَارْتِبَاطُهُ. وَالْمُرَادُ أَنْ يَصْلُحَ لِلاِسْتِدْرَاكِ، بِأَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ السَّابِقُ لِلأَْدَاةِ بِحَيْثُ يَفْهَمُ مِنْهُ الْمُخَاطَبُ عَكْسَ الْكَلَامِ اللَاّحِقِ لَهَا، أَوْ يَكُونُ فِيمَا بَعْدَ الأَْدَاةِ تَدَارُكٌ لِمَا فَاتَ مِنْ مَضْمُونِ الْكَلَامِ. نَحْوُ: مَا قَامَ زَيْدٌ لَكِنْ عَمْرٌو، بِخِلَافِ نَحْوِ: مَا جَاءَ زَيْدٌ لَكِنْ رَكِبَ الأَْمِيرُ، وَفَسَّرَ صَاحِبُ الْمَنَارِ الاِتِّسَاقَ: بِكَوْنِ مَحَل النَّفْيِ غَيْرَ مَحَل الإِْثْبَاتِ (2) ، لِيُمْكِنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَلَا يُنَاقِضُ آخِرُ الْكَلَامِ أَوَّلَهُ، ثُمَّ إِنِ اتَّسَقَ الْكَلَامُ فَهُوَ اسْتِدْرَاكٌ، وَإِلَاّ فَهُوَ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ. وَمَثَّل فِي
(1) التوضيح على التنقيح وحاشية الفنري 1 / 364
(2)
التوضيح على التنقيح وحواشيه 1 / 365، والمنار وحواشيه ص 453
التَّوْضِيحِ لِلْمُتَّسَقِ مِنْ الاِسْتِدْرَاكِ بِمَا لَوْ قَال الْمُقِرُّ: لَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ قَرْضٌ، فَقَال لَهُ الْمُقَرُّ لَهُ: لَا، لَكِنْ غَصْبٌ. الْكَلَامُ مُتَّسِقٌ فَصَحَّ الْوَصْل عَلَى أَنَّهُ نَفْيٌ لِسَبَبِ الْحَقِّ، وَهُوَ كَوْنُ الْمُقَرِّ بِهِ عَنْ قَرْضٍ، لَا نَفْيٍ لِلْوَاجِبِ وَهُوَ الأَْلْفُ. فَإِنَّ قَوْلَهُ:" لَا " لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى نَفْيِ الْوَاجِبِ؛ لأَِنَّ حَمْلَهُ عَلَى نَفْيِ الْوَاجِبِ لَا يَسْتَقِيمُ مَعَ قَوْلِهِ: " لَكِنْ غَصْبٌ " وَلَا يَكُونُ الْكَلَامُ مُتَّسِقًا مُرْتَبِطًا. فَلَمَّا نَفَى كَوْنَهُ قَرْضًا تَدَارَكَ بِكَوْنِهِ غَصْبًا، فَصَارَ الْكَلَامُ مُرْتَبِطًا، وَلَا يَكُونُ رَدًّا لإِِقْرَارِهِ بَل يَكُونُ لِمُجَرَّدِ نَفْيِ السَّبَبِ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ مَا يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الاِسْتِئْنَافِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: مَا إِذَا تَزَوَّجَتِ الصَّغِيرَةُ الْمُمَيِّزَةُ مِنْ كُفْءٍ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا بِمِائَةٍ، فَقَال الْوَلِيُّ: لَا أُجِيزُ النِّكَاحَ لَكِنْ أُجِيزُهُ بِمِائَتَيْنِ. قَالُوا: يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ، وَيَجْعَل " لَكِنْ " وَمَا بَعْدَهَا كَلَامًا مُبْتَدَأً؛ لأَِنَّهُ لَمَّا قَال:" لَا أُجِيزُ النِّكَاحَ " انْفَسَخَ النِّكَاحُ الأَْوَّل، فَإِنَّ النَّفْيَ انْصَرَفَ إِلَى أَصْل النِّكَاحِ، فَلَا يُمْكِنُ إِثْبَاتُ ذَلِكَ النِّكَاحِ بَعْدَ ذَلِكَ بِمِائَتَيْنِ؛ لأَِنَّهُ يَكُونُ نَفْيُ النِّكَاحِ وَإِثْبَاتُهُ بِعَيْنِهِ، فَيَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرَ مُتَّسِقٍ، فَيُحْمَل " لَكِنْ بِمِائَتَيْنِ " عَلَى أَنَّهُ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ، فَيَكُونُ إِجَازَةً لِنِكَاحٍ آخَرَ، الْمَهْرُ فِيهِ مِائَتَانِ. وَإِنَّمَا يَكُونُ كَلَامُهُ مُتَّسِقًا لَوْ قَال بَدَل ذَلِكَ: لَا أُجِيزُ هَذَا النِّكَاحَ بِمِائَةٍ لَكِنْ أُجِيزُهُ بِمِائَتَيْنِ؛ لأَِنَّ النَّفْيَ يَنْصَرِفُ إِلَى الْقَيْدِ وَهُوَ كَوْنُهُ بِمِائَةٍ، لَا إِلَى أَصْل النِّكَاحِ، فَيَكُونُ الاِسْتِدْرَاكُ فِي الْمَهْرِ لَا فِي أَصْل النِّكَاحِ. وَبِذَلِكَ لَا يَكُونُ قَوْلُهُ إِبْطَالاً لِلنِّكَاحِ، فَلَا يَنْفَسِخُ بِهِ. (1) وَفِي
(1) التوضيح لمتن التنقيح وحواشيه 1 / 365، 366، وتيسير التحرير 2 / 202
د - عَلَى:
تُسْتَعْمَل لِلاِسْتِدْرَاكِ، كَمَا فِي قَوْل الشَّاعِرِ:
بِكُلٍّ تَدَاوَيْنَا فَلَمْ يَشْفِ مَا بِنَا
عَلَى أَنَّ قُرْبَ الدَّارِ خَيْرٌ مِنَ الْبُعْدِ
عَلَى أَنَّ قُرْبَ الدَّارِ لَيْسَ بِنَافِعٍ
إِذَا كَانَ مَنْ تَهْوَاهُ لَيْسَ بِذِي وُدِّ (1) .
هـ - أَدَوَاتُ الاِسْتِثْنَاءِ:
قَدْ تُسْتَخْدَمُ أَدَوَاتُ الاِسْتِثْنَاءِ فِي الاِسْتِدْرَاكِ، فَيَقُولُونَ: زَيْدٌ غَنِيٌّ غَيْرَ أَنَّهُ بَخِيلٌ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {قَال لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَاّ مَنْ رَحِمَ} وَهَذَا مَا يُسَمَّى الاِسْتِثْنَاءَ الْمُنْقَطِعَ (ر: اسْتِثْنَاء) ، فَيُسْتَعْمَل فِي ذَلِكَ (إِلَاّ وَغَيْرُ) ، وَيُسْتَعْمَل فِيهِ أَيْضًا (سِوَى) عَلَى الأَْصَحِّ عِنْدَ أَهْل اللُّغَةِ (2) .
شُرُوطُ الاِسْتِدْرَاكِ:
10 -
يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الاِسْتِدْرَاكِ شُرُوطٌ، وَهِيَ:
الشَّرْطُ الأَْوَّل:
اتِّصَالُهُ بِمَا قَبْلَهُ وَلَوْ حُكْمًا. فَلَا يَضُرُّ انْفِصَالُهُ بِمَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْكَلَامِ الأَْوَّل، أَوْ بِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، كَتَنَفُّسٍ وَسُعَالٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَإِنْ حَال بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَْوَّل سُكُوتٌ يُمْكِنُهُ الْكَلَامُ فِيهِ، أَوْ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ عَنِ الْمَوْضُوعِ، اسْتَقَرَّ حُكْمُ الْكَلَامِ الأَْوَّل، وَبَطَل الاِسْتِدْرَاكُ.
فَلَوْ أَقَرَّ لِزَيْدٍ بِثَوْبٍ، فَقَال زَيْدٌ: مَا كَانَ لِي قَطُّ، لَكِنْ لِعَمْرٍو، فَإِنْ وَصَل فَلِعَمْرٍو، وَإِنْ فَصَل
(1) مغني اللبيب بحاشية الدسوقي 1 / 157
(2)
شرح ابن عقيل وحاشية الخضري 2 / 209، 210، والآية من سورة هود / 43