الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُل، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ. (1)
وَقَدْ حَكَى فِي عُمْدَةِ الْقَارِي عِنْدَ كَلَامِهِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ الاِتِّفَاقَ عَلَى تَحْرِيمِ التَّكْلِيفِ بِغَيْرِ الْمُسْتَطَاعِ (2) .
وَإِذَا صَدَرَ التَّكْلِيفُ حِينَ الاِسْتِطَاعَةِ، ثُمَّ فُقِدَتْ هَذِهِ الاِسْتِطَاعَةُ حِينَ الأَْدَاءِ، أُوقِفَ هَذَا التَّكْلِيفُ إِلَى حِينِ الاِسْتِطَاعَةِ (3) . فَقَدْ كَلَّفَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ بِالْوُضُوءِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْهُ سَقَطَ عَنْهُ الْوُضُوءُ، وَصُيِّرَ إِلَى الْبَدَل، وَهُوَ التَّيَمُّمُ.
وَكَلَّفَ الْحَانِثَ فِي يَمِينِهِ بِكَفَّارَةِ الإِْطْعَامِ أَوِ الْكِسْوَةِ أَوِ الإِْعْتَاقِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ وَاحِدًا مِنْهَا حِينَ الأَْدَاءِ سَقَطَتْ عَنْهُ وَصِيرَ إِلَى الْبَدَل، وَهُوَ الصِّيَامُ.
وَكَلَّفَ الْمُسْلِمَ بِالْحَجِّ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْهُ حِينَ الأَْدَاءِ لِمَرَضٍ، أَوْ فَقْدِ نَفَقَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، سَقَطَ هَذَا التَّكْلِيفُ إِلَى حِينِ الاِسْتِطَاعَةِ.
وَتَجِدُ ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي أَبْوَابِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ، وَفِي مَبْحَثِ الْحُكْمِ مِنْ كُتُبِ الأُْصُول.
شَرْطُ الاِسْتِطَاعَةِ:
4 -
وَشَرْطُ تَحَقُّقِ الاِسْتِطَاعَةِ: وُجُودُهَا حَقِيقَةً لَا حُكْمًا. وَمَعْنَى وُجُودِهَا حَقِيقَةً وُجُودُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْفِعْل مِنْ غَيْرِ تَعَسُّرٍ (4) ، وَمَعْنَى وُجُودِهَا حُكْمًا الْقُدْرَةُ عَلَى الأَْدَاءِ بِتَعَسُّرٍ.
(1) أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 84 - ط السلفية) ومسلم 3 / 1283 ط عيسى الحلبي، كلاهما في كتاب الإيمان.
(2)
عمدة القاري 1 / 208
(3)
فواتح الرحموت 1 / 127
(4)
الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 234
أَنْوَاعُ الاِسْتِطَاعَةِ:
5 -
يُمْكِنُ تَقْسِيمُ الاِسْتِطَاعَةِ إِلَى عِدَّةِ تَقْسِيمَاتٍ بِحَسَبِ أَنْوَاعِهَا:
التَّقْسِيمُ الأَْوَّل: اسْتِطَاعَةٌ مَالِيَّةٌ، وَاسْتِطَاعَةٌ بَدَنِيَّةٌ
.
6 -
الاِسْتِطَاعَةُ الْمَالِيَّةُ: يُشْتَرَطُ تَوَافُرُهَا فِيمَا يَلِي:
أَوَّلاً: فِي أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ الْمَالِيَّةِ الْمَحْضَةِ، كَالزَّكَاةِ، وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَالْهَدْيِ فِي الْحَجِّ، وَالنَّفَقَةِ، وَالْجِزْيَةِ، وَالْكَفَّارَاتِ الْمَالِيَّةِ، وَالنَّذْرِ الْمَالِيِّ، وَالْكَفَالَةِ بِالْمَال، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
ثَانِيًا: فِي الْوَاجِبَاتِ الْبَدَنِيَّةِ الَّتِي يَتَوَقَّفُ الْقِيَامُ بِهَا عَلَى الاِسْتِطَاعَةِ الْمَالِيَّةِ، كَقُدْرَةِ فَاقِدِ الْمَاءِ عَلَى شِرَائِهِ بِثَمَنِ الْمِثْل لِلْوُضُوءِ أَوِ الْغُسْل، وَقُدْرَةِ فَاقِدِ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ عَلَى شِرَاءِ ثَوْبٍ بِثَمَنِ الْمِثْل لِيُصَلِّيَ فِيهِ، وَقُدْرَةِ مُرِيدِ الْحَجِّ عَلَى تَوْفِيرِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ وَنَفَقَةِ الْعِيَال، وَقَدْ فَصَّل ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ فِي الأَْبْوَابِ الْمَذْكُورَةِ.
7 -
أَمَّا الاِسْتِطَاعَةُ الْبَدَنِيَّةُ. فَإِنَّهَا مُشْتَرَطَةٌ فِي وُجُوبِ الْوَاجِبَاتِ الْبَدَنِيَّةِ، كَوُجُوبِ الطَّهَارَةِ، وَأَدَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى الْوَجْهِ الأَْكْمَل، وَفِي الصَّوْمِ، وَفِي الْحَجِّ، وَفِي النَّذْرِ الْبَدَنِيِّ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، وَفِي الْكَفَّارَاتِ الْبَدَنِيَّةِ كَالصِّيَامِ، وَفِي النِّكَاحِ، وَفِي الْحَضَانَةِ، وَفِي الْجِهَادِ، وَقَدْ فُصِّلَتْ أَحْكَامُ ذَلِكَ فِي الأَْبْوَابِ الْمَذْكُورَةِ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ.
التَّقْسِيمُ الثَّانِي: اسْتِطَاعَةٌ بِالنَّفْسِ، وَاسْتِطَاعَةٌ بِالْغَيْرِ
.
8 -
الاِسْتِطَاعَةُ بِالنَّفْسِ: تَكُونُ بِقُدْرَةِ الْمُكَلَّفِ عَلَى الْقِيَامِ بِمَا كُلِّفَ بِهِ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إِلَى غَيْرِهِ.
9 -
وَالاِسْتِطَاعَةُ بِالْغَيْرِ: هِيَ قُدْرَةُ الْمُكَلَّفِ عَلَى