الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تُبَيِّنُ رُجُوعَهُ وَتَوْبَتَهُ؛ لأَِنَّهُ كَانَ مُظْهِرًا لِلإِْسْلَامِ، مُسِرًّا لِلْكُفْرِ، فَإِذَا وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ، فَأَظْهَرَ التَّوْبَةَ، لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ قَبْلَهَا، وَهُوَ إِظْهَارُ الإِْسْلَامِ؛ وَلأَِنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ فِي الْبَاطِنِ خِلَافَ مَا يُظْهِرُونَ.
الثَّانِي: وَهُوَ لِلْحَنَفِيَّةِ فِي غَيْرِ الظَّاهِرِ، وَرَأْيٌ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، يُسْتَتَابُ؛ لأَِنَّهُ كَالْمُرْتَدِّ، فَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ (1) . (ر: زَنْدَقَة) .
اسْتِتَابَةُ السَّاحِرِ:
4 -
اسْتِتَابَةُ السَّاحِرِ فِيهَا رِوَايَتَانِ.
الأُْولَى: لِلْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ رَأْيٌ لِلْمَالِكِيَّةِ، وَرَأْيٌ لِلْحَنَابِلَةِ، أَنَّهُ لَا يُسْتَتَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نُقِل عَنِ الصَّحَابَةِ. فَإِنَّهُ لَمْ يُنْقَل عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ اسْتَتَابَ سَاحِرًا، لِخَبَرِ عَائِشَة: إِنَّ السَّاحِرَةَ سَأَلَتْ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ مُتَوَافِرُونَ: هَل لَهَا مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَمَا أَفْتَاهَا أَحَدٌ (2) وَلأَِنَّ السِّحْرَ مَعْنًى فِي نَفْسِهِ، وَلِسَعْيِهِ بِالْفَسَادِ.
الثَّانِيَةُ: لِلشَّافِعِيَّةِ وَرَأْيٌ لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، أَنَّهُ يُسْتَتَابُ. فَإِنْ تَابَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ بِأَعْظَمَ مِنَ الشِّرْكِ، وَلأَِنَّ اللَّهَ قَبِل تَوْبَةَ سَحَرَةِ فِرْعَوْنَ؛ وَلأَِنَّ السَّاحِرَ لَوْ كَانَ كَافِرًا فَأَسْلَمَ صَحَّ إِسْلَامُهُ وَتَوْبَتُهُ، فَإِذَا صَحَّتِ التَّوْبَةُ مِنْهُمَا (أَيِ السَّاحِرِ
(1) ابن عابدين 1 / 31 و3 / 269، ونهاية المحتاج 7 / 399 ط المكتبة الإسلامية، والجمل 5 / 126 ط إحياء التراث، والقليوبي وعميرة 4 / 177 ط عيسى الحلبي، وجواهر الإكليل 1 / 256 ط شقرون، والمغني 6 / 298 ط مكتبة الرياض الحديثة.
(2)
الحديث أخرجه ابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير 1 / 249 ط دار الأندلس.
وَالْكَافِرِ) صَحَّتْ مِنْ أَحَدِهِمَا (السَّاحِرِ الْمُسْلِمِ)، (ر: سِحْر) وَيَأْخُذُ حُكْمَ الْمُرْتَدِّ، فَيُحْبَسُ حَتَّى يَتُوبَ (1) .
اسْتِتَابَةُ تَارِكِ الْفَرْضِ:
5 -
اتَّفَقَتِ الْمَذَاهِبُ عَلَى اسْتِتَابَةِ تَارِكِ الْفَرْضِ مِنْ غَيْرِ جُحُودٍ أَوِ اسْتِخْفَافٍ، حَيْثُ تُقْبَل تَوْبَتُهُ. فَإِنْ أَبَى أَنْ يَتُوبَ، قَال الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي رَأْيٍ عِنْدَهُمْ: يُحْبَسُ حَتَّى يَتُوبَ أَوْ يَمُوتَ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ رَأْيٌ لِلْحَنَابِلَةِ: إِنْ أَبَى يُقْتَل، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْجُمْهُورِ (2) .
اسْتِتَارٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
الاِسْتِتَارُ فِي اللُّغَةِ: التَّغَطِّي وَالاِخْتِفَاءُ. يُقَال: اسْتَتَرَ وَتَسَتَّرَ أَيْ تَغَطَّى، وَجَارِيَةٌ مُسْتَتِرَةٌ أَيْ مُخَدَّرَةٌ (3) . وَقَدْ اسْتَعْمَلَهُ الْفُقَهَاءُ بِهَذَا الْمَعْنَى، كَمَا اسْتَعْمَلُوهُ بِمَعْنَى اتِّخَاذِ السُّتْرَةِ فِي الصَّلَاةِ.
وَالسُّتْرَةُ (بِالضَّمِّ) هِيَ فِي الأَْصْل: مَا يُسْتَتَرُ بِهِ مُطْلَقًا، ثُمَّ غَلَبَ فِي الاِسْتِعْمَال الْفِقْهِيِّ عَلَى: مَا يُنْصَبُ أَمَامَ الْمُصَلِّي، مِنْ عَصًا أَوْ تَسْنِيمِ تُرَابٍ أَيْ
(1) نهاية المحتاج 7 / 398، والقليوبي وعميرة 4 / 169، وجواهر الإكليل 2 / 265 و278، والمغني 8 / 153، وابن عابدين 1 / 31 ط بولاق الأولى.
(2)
ابن عابدين 1 / 235، والبجيرمي على الخطيب 4 / 208
(3)
المصباح المنير، والقاموس، ولسان العرب.