الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 -
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّهُ يُنْدَبُ لِمَنْ ثَبَتَتْ إِمَامَتُهُ بِالنِّيَّةِ وَتَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ:
الأَْوَّل: إِذَا خَشِيَ تَلَفَ نَفْسٍ مُحْتَرَمَةٍ - وَلَوْ كَافِرَةً - أَوْ تَلَفَ مَالٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَال لَهُ أَمْ لِغَيْرِهِ، قَلِيلاً كَانَ الْمَال أَمْ كَثِيرًا، وَلَوْ كَانَ الْمَال لِكَافِرٍ، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمُ الْمَال بِكَوْنِهِ ذَا بَالٍ بِحَسَبِ الأَْشْخَاصِ.
وَالثَّانِي: إِذَا طَرَأَ عَلَى الإِْمَامِ مَا يَمْنَعُ الإِْمَامَةَ لِعَجْزٍ عَنْ رُكْنٍ يُعْجِزُهُ عَنِ الرُّكُوعِ أَوْ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِي بَقِيَّةِ صَلَاتِهِ، وَأَمَّا عَجْزُهُ عَنِ السُّورَةِ فَلَا يُجِيزُ الاِسْتِخْلَافَ.
وَالثَّالِثُ: مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنْ سَبْقِ الْحَدَثِ أَوِ الرُّعَافِ.
وَإِذَا طَرَأَ عَلَى الإِْمَامِ مَا يَمْنَعُهُ الإِْمَامَةَ كَالْعَجْزِ عَنْ بَعْضِ الأَْرْكَانِ فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُ وَيَتَأَخَّرُ وُجُوبًا بِالنِّيَّةِ، بِأَنْ يَنْوِيَ الْمَأْمُومِيَّةَ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (1) .
9 -
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لِلإِْمَامِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ إِذَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، أَوْ أَبْطَلَهَا عَمْدًا، جُمُعَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا، بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ، بِشُرُوطٍ هِيَ: أَنْ يَكُونَ الاِسْتِخْلَافُ قَبْل أَنْ يَأْتِيَ الْمَأْمُومُونَ بِرُكْنٍ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُسْتَخْلَفُ صَالِحًا لِلإِْمَامَةِ، وَأَنْ يَكُونَ مُقْتَدِيًا بِالإِْمَامِ قَبْل حَدَثِهِ، وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ مُتَنَفِّلاً (2) .
10 -
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: لِلإِْمَامِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ إِذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي الرِّوَايَةِ الْمُقَدَّمَةِ عِنْدَهُمْ، كَأَنْ قَاءَ أَوْ رَعَفَ، وَكَذَلِكَ إِذَا تَذَكَّرَ نَجَاسَةً، أَوْ جَنَابَةً لَمْ يَغْتَسِل مِنْهَا، أَوْ تَنَجَّسَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، أَوْ عَجَزَ عَنْ إِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ، أَوْ عَنْ رُكْنٍ يَمْنَعُ الاِئْتِمَامَ كَالرُّكُوعِ
(1) الخرشي 2 / 49 ببروت، والشرح الصغير 1 / 465 ط دار المعارف.
(2)
شرح الروض 1 / 252 المكتبة الإسلامية.
وَالسُّجُودِ (1) .
ثَانِيًا: الاِسْتِخْلَافُ لإِِقَامَةِ الْجُمُعَةِ وَنَحْوِهَا:
11 -
اخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ فِي جَوَازِ الاِسْتِخْلَافِ (بِمَعْنَى الإِْنَابَةِ) مِنَ الْخَطِيبِ الْمَأْذُونِ لَهُ مِنْ وَلِيِّ الأَْمْرِ بِالْخُطْبَةِ (بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِهِمُ الإِْذْنَ لإِِقَامَةِ الْجُمُعَةِ) وَهَل يَمْلِكُ الاِسْتِنَابَةَ لِلْخُطْبَةِ؟ وَهَذَا الاِخْتِلَافُ بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ نَاشِئٌ مِنِ اخْتِلَافِهِمْ فِي فَهْمِ عِبَارَاتِ مَشَايِخِ الْمَذْهَبِ. فَقَال صَاحِبُ الدُّرِّ: لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ الاِسْتِخْلَافُ لِضَرُورَةٍ أَمْ لَا، إِلَاّ أَنْ يُفَوِّضَ إِلَيْهِ ذَلِكَ. وَقَال ابْنُ كَمَال بَاشَا: إِنْ دَعَتْ إِلَى الاِسْتِخْلَافِ ضَرُورَةٌ جَازَ، وَإِلَاّ لَا، وَقَال قَاضِي الْقُضَاةِ مُحِبُّ الدِّينِ بْنُ جِرْبَاشٍ وَالتُّمُرْتَاشِيُّ وَالْحَصْكَفِيُّ وَالْبُرْهَانُ الْحَلَبِيُّ وَابْنُ نُجَيْمٍ وَالشُّرُنْبِلَالِيُّ (2) : يَجُوزُ مُطْلَقًا بِلَا ضَرُورَةٍ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ خَاصَّةٌ بِالْحَنَفِيَّةِ؛ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ غَيْرِهِمْ إِذْنَ وَلِيِّ الأَْمْرِ فِي الْخُطْبَةِ.
الاِسْتِخْلَافُ فِي أَثْنَاءِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ:
12 -
يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الطَّهَارَةَ فِي الْخُطْبَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، فَلَوْ أَنَّ الْخَطِيبَ سَبَقَهُ الْحَدَثُ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَإِمَّا أَنْ يُتِمَّ الْخُطْبَةَ وَهُوَ مُحْدِثٌ، وَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِمَّا أَنْ يَسْتَخْلِفَ فَيَكُونُ حُكْمُهُ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي جَوَازِ الاِسْتِنَابَةِ فِي الْخُطْبَةِ.
أَمَّا الْمَذَاهِبُ الأُْخْرَى فَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ أَنَّ الطَّهَارَةَ سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ وَاجِبَةً لِصِحَّةِ الْخُطْبَةِ، فَإِذَا أَحْدَثَ جَازَ لَهُ إِتْمَامُ خُطْبَتِهِ، لَكِنِ الأَْفْضَل
(1) المغني 2 / 102، 103، 560 ط 3
(2)
شرح الدر وحاشية ابن عابدين 1 / 750 ط 3 بولاق.