الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صِفَتُهُ (حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ) :
4 -
الاِسْتِرْدَادُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الْجَائِزَةِ، وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ الْوُجُوبُ، كَمَا فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ، حَيْثُ يَجِبُ الْفَسْخُ، فَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَائِمَةً رُدَّتْ بِعَيْنِهَا، وَإِنْ كَانَتْ فَائِتَةً رُدَّتْ قِيمَتُهَا عَلَى الْبَائِعِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَرُدَّ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ، عَلَى خِلَافٍ تَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحَيْ:(فَسَاد - وَبُطْلَان) لأَِنَّ الْفَسْخَ حَقُّ الشَّرْعِ.
وَقَدْ يَحْرُمُ الاِسْتِرْدَادُ، كَمَنْ أَخْرَجَ صَدَقَةً، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِرْدَادُهَا؛ لِقَوْل عُمَرَ: مَنْ وَهَبَ هِبَةً عَلَى وَجْهِ صَدَقَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِيهَا وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الثَّوَابُ وَقَدْ حَصَل (1) .
أَسْبَابُ حَقِّ الاِسْتِرْدَادِ:
لِلاِسْتِرْدَادِ أَسْبَابٌ مُتَنَوِّعَةٌ مِنْهَا: الاِسْتِحْقَاقُ، وَالتَّصَرُّفَاتُ الَّتِي لَا تَلْزَمُ، وَفَسَادُ الْعَقْدِ. . إِلَخْ وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي:
أَوَّلاً: الاِسْتِحْقَاقُ:
5 -
الاِسْتِحْقَاقُ - بِمَعْنَاهُ الأَْعَمِّ - ظُهُورُ كَوْنِ الشَّيْءِ حَقًّا وَاجِبًا لِلْغَيْرِ. وَهَذَا التَّعْرِيفُ يَشْمَل الْغَصْبَ وَالسَّرِقَةَ، فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَالْمَسْرُوقُ مِنْهُ يَثْبُتُ لَهُمَا حَقُّ الاِسْتِرْدَادِ، وَيَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ رَدُّ الْمَغْصُوبِ وَالْمَسْرُوقِ لِرَبِّهِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ. (2)
(1) الكافي2 / 840، 1008 ط الرياض، والبدائع 5 / 299، 305، 6 / 216 ط الجمالية، والقواعد لابن رجب ص 53، والمقدمات الممهدات 2 / 216، والمغني 5 / 684 ط الرياض، والهداية 3 / 231 ط المكتبة الإسلامية.
(2)
حديث: " على اليد. . . " أخرجه ابن ماجه (2 / 802 ط عيسى الحلبي) والترمذي (تحفة الأحوذي 4 / 482 - نشر السلفية) وأعله ابن حجر بالاختلاف في سماع الحسن من سمرة راوي هذا الحديث. (التلخيص3 / 53 ط الشركة الفنية)
وَيَشْمَل اسْتِحْقَاقَ الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَوِ الْمَوْهُوبِ عَلَى الْمُتَّهَبِ، فَيُوجِبُ الْفَسْخَ وَالاِسْتِرْدَادَ، لِفَسَادِ الْعَقْدِ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَيَتَوَقَّفُ الْعَقْدُ عَلَى إِجَازَةِ رَبِّهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ. وَالْقَوْل بِالتَّوَقُّفِ هُوَ أَيْضًا مُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَإِذَا فُسِخَ الْبَيْعُ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي فِي الْجُمْلَةِ حَقُّ اسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ، عَلَى تَفْصِيلٍ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ ثُبُوتُ الاِسْتِحْقَاقِ بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ بِالإِْقْرَارِ. وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (اسْتِحْقَاق (1)) .
ثَانِيًا: التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي لَا تَلْزَمُ:
التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي لَا تَلْزَمُ مُتَنَوِّعَةٌ، مِنْهَا:
6 -
أ - الْعُقُودُ غَيْرُ اللَاّزِمَةِ: وَهِيَ الَّتِي تَقْبَل بِطَبِيعَتِهَا أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ كَالْوَدِيعَةِ، وَالْعَارِيَّةِ، وَالْمُضَارَبَةِ، وَالشَّرِكَةِ، وَالْوَكَالَةِ. فَهَذِهِ الْعُقُودُ غَيْرُ لَازِمَةٍ، وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا فِي الْجُمْلَةِ، وَيَثْبُتُ عِنْدَ فَسْخِهَا حَقُّ الاِسْتِرْدَادِ لِلْمَالِكِ، وَيَجِبُ الرَّدُّ عِنْدَ الطَّلَبِ؛ لأَِنَّهَا أَمَانَاتٌ يَجِبُ رَدُّهَا؛ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَْمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (2) ، وَلِذَلِكَ لَوْ حَبَسَهَا بَعْدَ الطَّلَبِ فَضَاعَتْ ضَمِنَ، وَلَوْ هَلَكَتْ بِلَا تَعَدٍّ أَوْ تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْ.
وَهَذِهِ الأَْحْكَامُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا فِي الْجُمْلَةِ، إِذَا
(1) ابن عابدين 5 / 118، 119، 4 / 199 وما بعدها، والبدائع 7 / 83، 148، والفتاوى الهندية 3 / 165، ومنح الجليل 3 / 515، 523، والدسوقي 3 / 461، والحطاب 5 / 296، ومغني المحتاج 2 / 276 وما بعدها، والأشباه للسيوطي ص 232، ومنتهى الإرادات 2 / 374، 401، والقواعد لابن رجب ص383، والكافي 2 / 1086، والمهذب 2 / 285، والهداية 2 / 128، والمغني 5 / 238، 253
(2)
سورة النساء / 57