الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً، فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَيَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ. أَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالْحَنَفِيَّةِ: فَإِنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ. وَإِذَا نَقَصَتِ الْهِبَةُ فِي يَدِ الْوَاهِبِ فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ، وَلِلْوَاهِبِ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْ غَيْرِ أَرْشِ مَا نَقَصَ (1) .
وَالْهِبَةُ بِشَرْطِ ثَوَابٍ مَعْلُومٍ تَصِحُّ، فَإِنْ كَانَ الثَّوَابُ مَجْهُولاً لَمْ تَصِحَّ، كَمَا يَقُول الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَصَارَتْ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَحُكْمُهَا حُكْمُهُ، وَتُرَدُّ بِزَوَائِدِهَا الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ؛ لأَِنَّهَا نَمَاءُ مِلْكِ الْوَاهِبِ (2) .
وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ يُجِيزُ لِلأَْبِ، وَلِمَنْ وَهَبَ هِبَةً لِثَوَابٍ الرُّجُوعَ فِيهَا، إِذَا كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا، فَإِنْ حَدَثَ فِيهَا تَغْيِيرٌ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فَلَا تُسْتَرَدُّ، أَوْ كَانَ الْوَلَدُ الْمَوْهُوبُ لَهُ تَزَوَّجَ لأَِجْل الْهِبَةِ، فَذَلِكَ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ فِيهَا (3) .
الثَّانِي: الإِْتْلَافُ بِوَاسِطَةِ الْمُسْتَحَقِّ:
26 -
يُعْتَبَرُ إِتْلَافُ الْمَالِكِ مَا يَسْتَحِقُّهُ عِنْدَ وَاضِعِ الْيَدِ عَلَيْهِ اسْتِرْدَادًا لَهُ، فَالطَّعَامُ الْمَغْصُوبُ إِذَا أَطْعَمَهُ الْغَاصِبُ لِمَالِكِهِ، فَأَكَلَهُ عَالِمًا أَنَّهُ طَعَامُهُ بَرِئَ الْغَاصِبُ مِنَ الضَّمَانِ، وَاعْتُبِرَ الْمَالِكُ مُسْتَرِدًّا
(1) الهداية 3 / 227، والزيلعي 5 / 98، ومنتهى الإرادات 2 / 526، ومغني المحتاج 2 / 403
(2)
مغني المحتاج 2 / 405، والمهذب 1 / 454، 455، ومنتهى الإرادات 2 / 518، 519
(3)
منح الجليل 4 / 106
لِطَعَامِهِ؛ لأَِنَّهُ أَتْلَفَ مَالَهُ عَالِمًا مِنْ غَيْرِ تَغْرِيرٍ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ. فَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْمَالِكُ أَنَّهُ طَعَامُهُ، فَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَغَيْرِ الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنَ الضَّمَانِ (1) .
وَإِذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ، وَثَبَتَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الاِسْتِرْدَادِ فِيهِ لأَِيِّ سَبَبٍ، فَأَتْلَفَهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، صَارَ مُسْتَرِدًّا لِلْمَبِيعِ بِالاِسْتِهْلَاكِ. وَإِذَا هَلَكَ الْبَاقِي مِنْ سِرَايَةِ جِنَايَةِ الْبَائِعِ يَصِيرُ مُسْتَرِدًّا لِلْجَمِيعِ، وَيَسْقُطُ عَنِ الْمُشْتَرِي جَمِيعُ الثَّمَنِ؛ لأَِنَّ تَلَفَ الْبَاقِي حَصَل مُضَافًا إِلَى فِعْلِهِ فَصَارَ مُسْتَرِدًّا لِلْكُل. وَلَوْ قَتَل الْبَائِعُ الْمَبِيعَ يُعْتَبَرُ مُسْتَرِدًّا بِالْقَتْل، وَكَذَلِكَ لَوْ حَفَرَ الْبَائِعُ بِئْرًا فَوَقَعَ فِيهِ وَمَاتَ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الْقَتْل فَيَصِيرُ مُسْتَرِدًّا (2) .
مَنْ لَهُ حَقُّ الاِسْتِرْدَادِ:
27 -
يَثْبُتُ لِلْمَالِكِ - إِنْ كَانَ أَهْلاً لِلتَّصَرُّفِ - اسْتِرْدَادُ مَا يَسْتَحِقُّ لَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ. وَكَمَا يَثْبُتُ هَذَا الْحَقُّ لِلْمَالِكِ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، فَالْوَلِيُّ أَوِ الْوَصِيُّ يَقُومُ مَقَامَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِي تَخْلِيصِ حَقِّهِ مِنْ رَدِّ وَدِيعَةٍ، وَمَغْصُوبٍ، وَمَسْرُوقٍ، وَمَا يُشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا، وَجَمْعِ الأَْمْوَال الضَّائِعَةِ، وَهُوَ الَّذِي يَقُومُ بِالرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ إِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الاِسْتِرْدَادُ.
(1) البدائع 7 / 150، ومغني المحتاج 2 / 280، الدسوقي 3 / 452، ومنح الجليل 3 / 534، ومنتهى الإرادات 2 / 227، 228 وكشاف القناع 4 / 103 ط النصر بالرياض.
(2)
البدائع 5 / 239، 241، 303، ومغني المحتاج 2 / 67 والدسوقي 3 / 105، والمغني 4 / 124