الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعِلَّةَ الْمُوجِبَةَ لِلاِسْتِسْقَاءِ هِيَ الْحَاجَةُ إِلَى الْغَيْثِ، وَالْحَاجَةُ إِلَى الْغَيْثِ قَائِمَةٌ. قَال أَصْبَغُ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ: وَقَدْ فُعِل عِنْدَنَا بِمِصْرِ، وَاسْتَسْقَوْا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا مُتَوَالِيَةً يَسْتَسْقُونَ عَلَى سُنَّةِ الاِسْتِسْقَاءِ، وَحَضَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ (1) .
إِلَاّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَالُوا بِالْخُرُوجِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ، وَقَالُوا: لَمْ يُنْقَل أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ (2) . وَلَكِنْ صَاحِبُ الاِخْتِيَارِ قَال: يَخْرُجُ النَّاسُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ. وَرُوِيَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ (3) .
أَنْوَاعُهُ وَأَفْضَلُهُ:
6 -
وَالاِسْتِسْقَاءُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ. اتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ؛ لِثُبُوتِ ذَلِكَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وَقَدْ فَضَّل بَعْضُ الأَْئِمَّةِ بَعْضَ الأَْنْوَاعِ عَلَى بَعْضٍ، وَرَتَّبُوهَا حَسَبَ أَفْضَلِيَّتِهَا.
فَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: الاِسْتِسْقَاءُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:
النَّوْعُ الأَْوَّل: وَهُوَ أَدْنَاهَا، الدُّعَاءُ بِلَا صَلَاةٍ، وَلَا بَعْدَ صَلَاةٍ، فُرَادَى وَمُجْتَمِعِينَ لِذَلِكَ، فِي الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَحْسَنُهُ مَا كَانَ مِنْ أَهْل الْخَيْرِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: وَهُوَ أَوْسَطُهَا، الدُّعَاءُ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ، وَفِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ
(1) ابن عابدين 1 / 792 ط الثالثة، وحاشية العدوي على الخرشي 2 / 16، وحاشية الدسوقي 1 / 405، والمغني 2 / 295، وكشاف القناع 2 / 59، ونهاية المحتاج 2 / 403، والرهوني 2 / 189، 190، والمجموع 5 / 87
(2)
ابن عابدين 1 / 792، وشرح فتح القدير 1 / 447
(3)
الاختيار 1 / 70
وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَال الشَّافِعِيُّ فِي الأُْمِّ: وَقَدْ رَأَيْتُ مَنْ يُقِيمُ مُؤَذِّنًا فَيَأْمُرُهُ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ أَنْ يَسْتَسْقِيَ، وَيَحُضَّ النَّاسَ عَلَى الدُّعَاءِ، فَمَا كَرِهْتُ مَا صَنَعَ مِنْ ذَلِكَ. وَخَصَّ الْحَنَابِلَةُ هَذَا النَّوْعَ بِأَنْ يَكُونَ الدُّعَاءُ مِنَ الإِْمَامِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَفْضَلُهَا، الاِسْتِسْقَاءُ بِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ، وَتَأَهُّبٍ لَهَا قَبْل ذَلِكَ، عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْكَيْفِيَّةِ. يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ أَهْل الْقُرَى وَالأَْمْصَارِ وَالْبَوَادِي وَالْمُسَافِرُونَ، وَيُسَنُّ لَهُمْ جَمِيعًا الصَّلَاةُ وَالْخُطْبَتَانِ، وَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِلْمُنْفَرِدِ إِلَاّ الْخُطْبَةَ (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الاِسْتِسْقَاءُ بِالدُّعَاءِ سُنَّةٌ، أَيْ: سَوَاءٌ أَكَانَ بِصَلَاةٍ أَمْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ، وَلَا يَكُونُ الْخُرُوجُ إِلَى الْمُصَلَّى إِلَاّ عِنْدَ الْحَاجَةِ الشَّدِيدَةِ إِلَى الْغَيْثِ، حَيْثُ فَعَلَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (2) .
وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ: فَأَبُو حَنِيفَةَ يُفَضِّل الدُّعَاءَ وَالاِسْتِغْفَارَ فِي الاِسْتِسْقَاءِ؛ لأَِنَّهُ السُّنَّةُ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ فُرَادَى فَهِيَ مُبَاحَةٌ عِنْدَهُ، وَلَيْسَتْ بِسُنَّةٍ، لِفِعْل الرَّسُول لَهَا مَرَّةً وَتَرْكِهَا أُخْرَى (3) . وَأَمَّا مُحَمَّدٌ فَقَدْ قَال: الاِسْتِسْقَاءُ يَكُونُ بِالدُّعَاءِ، أَوْ بِالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ، وَالْكُل عِنْدَهُ سُنَّةٌ، وَفِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ (4)
وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَالنَّقْل عَنْهُ مُخْتَلِفٌ فِي الْمَسْأَلَةِ،
(1) المجموع للنووي 5 / 64 ط المنيرية، والمغني 2 / 297 ط المنار الأولى.
(2)
مواهب الجليل شرح مختصر خليل 2 / 205 ط ليبيا، والرهوني 2 / 190، والشرح الصغير 1 / 537
(3)
الطحطاوي علي مراقي الفلاح ص 300، وابن عابدين 1 / 791
(4)
فتح القدير 1 / 438