الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِذَا عَبَرَ الدَّمُ السِّتِّينَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَيَنْزِل مَنْزِلَةَ عُبُورِهِ أَكْثَرَ الْحَيْضِ؛ لأَِنَّ النِّفَاسَ كَالْحَيْضِ فِي غَالِبِ أَحْكَامِهِ، فَكَذَلِكَ فِي الرَّدِّ إِلَيْهِ، فَيُقَاسُ بِمَا ذُكِرَ فِي الْحَيْضِ وِفَاقًا وَخِلَافًا، فَيُنْظَرُ هُنَا أَيْضًا إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ مُبْتَدَأَةً فِي النِّفَاسِ أَمْ مُعْتَادَةً، مُمَيِّزَةً لِمَا تَرَاهُ أَمْ غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ، وَيُقَاسُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَيْضِ، فَتُرَدُّ الْمُبْتَدَأَةُ الْمُمَيِّزَةُ إِلَى التَّمْيِيزِ شَرْطَ أَلَاّ يَزِيدَ الْقَوِيُّ عَلَى سِتِّينَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَغَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ تُرَدُّ إِلَى لَحْظَةٍ فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْمُعْتَادَةُ الْمُمَيِّزَةُ تُرَدُّ إِلَى التَّمْيِيزِ لَا الْعَادَةِ فِي الأَْصَحِّ، وَغَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ الْحَافِظَةُ تُرَدُّ إِلَى الْعَادَةِ، وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ بِمَرَّةٍ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَأَمَّا النَّاسِيَةُ لِعَادَتِهَا فَتُرَدُّ إِلَى مَرَدِّ الْمُبْتَدَأَةِ فِي قَوْلٍ، وَتَحْتَاطُ فِي الْقَوْل الآْخَرِ (1) .
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَيَرَوْنَ أَنَّ النُّفَسَاءَ إِذَا زَادَ دَمُهَا عَلَى الأَْرْبَعِينَ، وَوَافَقَ عَادَةَ حَيْضٍ فَهُوَ حَيْضٌ، وَمَا زَادَ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ. وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ عَادَةَ حَيْضٍ فَمَا زَادَ عَلَى الأَْرْبَعِينَ اسْتِحَاضَةٌ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مُبْتَدَأَةٍ بِالْحَمْل أَوْ مُعْتَادَةٍ لَهُ.
اسْتِحَاضَةُ ذَاتِ الْعَادَةِ:
أ -
ذَاتُ الْعَادَةِ بِالْحَيْضِ:
15 -
مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَاتِ الْعَادَةِ بِالْحَيْضِ - وَهِيَ الَّتِي تَعْرِفُ شَهْرَهَا وَوَقْتَ حَيْضِهَا وَعَدَدَ أَيَّامِهَا أَنَّهُ: إِذَا رَأَتِ الْمُعْتَادَةُ مَا يُوَافِقُ عَادَتَهَا مِنْ حَيْثُ الزَّمَنُ وَالْعَدَدُ، فَكُل مَا رَأَتْهُ حَيْضٌ. وَإِذَا رَأَتْ مَا يُخَالِفُ عَادَتَهَا مِنْ حَيْثُ الزَّمَنُ أَوِ الْعَدَدُ أَوْ كِلَاهُمَا، فَحِينَئِذٍ قَدْ تَنْتَقِل الْعَادَةُ وَقَدْ لَا تَنْتَقِل، وَيَخْتَلِفُ حُكْمُ مَا رَأَتْ، فَتَتَوَقَّفُ مَعْرِفَةُ حَال مَا رَأَتْ مِنَ
(1) حاشيتا قليوبي وعميرة 1 / 109، 110
الْحَيْضِ وَالاِسْتِحَاضَةِ عَلَى انْتِقَال الْعَادَةِ.
فَإِنْ لَمْ تَنْتَقِل كَمَا إِذَا زَادَ الدَّمُ عَنِ الْعَشَرَةِ رُدَّتْ إِلَى عَادَتِهَا، فَيُجْعَل الْمَرْئِيُّ فِي الْعَادَةِ حَيْضًا، وَالْبَاقِي الَّذِي جَاوَزَ الْعَادَةَ اسْتِحَاضَةً.
وَإِنِ انْتَقَلَتِ الْعَادَةُ فَكُل مَا رَأَتْهُ حَيْضٌ.
وَتَفْصِيل قَاعِدَةِ انْتِقَال الْعَادَةِ وَحَالَاتِهَا وَأَمْثِلَتِهَا فِي مُصْطَلَحِ (حَيْض (1)) .
16 -
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَقْوَالٌ مُتَعَدِّدَةٌ أَشَارَ إِلَيْهَا ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَشْهَرُهَا:
أَنَّهَا تَبْقَى أَيَّامَهَا الْمُعْتَادَةَ، وَتَسْتَظْهِرُ (أَيْ تَحْتَاطُ) بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ تَكُونُ مُسْتَحَاضَةً تَغْتَسِل وَتُصَلِّي وَتَصُومُ وَتَطُوفُ وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا، مَا لَمْ تَرَ دَمًا تُنْكِرُهُ بَعْدَ مُضِيِّ أَقَل مُدَّةِ الطُّهْرِ مِنْ يَوْمِ حُكِمَ بِاسْتِحَاضَتِهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ تَغْتَسِل عِنْدَ تَمَامِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا اسْتِحْبَابًا لَا إِيجَابًا.
وَهَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ تَكُنْ مُمَيِّزَةً، أَمَّا الْمُمَيِّزَةُ فَتَعْمَل بِتَمْيِيزِهَا مِنْ رُؤْيَةِ أَوْصَافِ الدَّمِ وَأَحْوَالِهِ مِنَ التَّقَطُّعِ وَالزِّيَادَةِ وَاللَّوْنِ، فَتُمَيِّزُ بِهِ مَا هُوَ حَيْضٌ، وَمَا هُوَ اسْتِحَاضَةٌ (2) .
وَإِذَا أَتَاهَا الْحَيْضُ فِي وَقْتِهِ، وَانْقَطَعَ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ سَاعَةٍ، وَأَتَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ قَبْل طُهْرٍ تَامٍّ، فَإِنَّهَا تُلَفِّقُ أَيَّامَ الدَّمِ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ، فَإِنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً فَتُلَفِّقُ عَادَتَهَا وَاسْتِظْهَارَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً لَفَّقَتْ نِصْفَ شَهْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلاً فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ لَفَّقَتْ نِصْفَ شَهْرٍ وَنَحْوَهُ، أَوْ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَفَّقَتْ عِشْرِينَ يَوْمًا وَنَحْوَهَا.
(1) شرح رسالة الحيض (مجموعة رسائل ابن عابدين) 1 / 86 - 87
(2)
أسهل المدارك شرح إرشاد السالك 142