الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَخَوَيْنِ لأُِمٍّ، أَوْ أُخْتَيْنِ لأُِمٍّ، أَوْ أَخًا وَأُخْتًا لأُِمٍّ، وَأَخَوَيْنِ شَقِيقَيْنِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهَا الصَّحَابَةُ وَفُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ.
فَمَذْهَبُ الإِْمَامِ عَلِيٍّ، وَأَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّ لِلزَّوْجِ النِّصْفَ، وَلِلأُْمِّ السُّدُسَ، وَلِلأَْخَوَيْنِ لأُِمٍّ الثُّلُثَ، وَلَا شَيْءَ لِلإِْخْوَةِ لأَِبٍ وَأُمٍّ. وَهَذَا هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ، وَالإِْمَامُ أَحْمَدُ فِي الأَْصَحِّ عَنْهُ.
وَمَذْهَبُ عُثْمَانَ وَزَيْدٍ: أَنَّهُ يُشْرَكُ بَيْنَ الإِْخْوَةِ لأُِمٍّ وَالأَْشِقَّاءِ، فَيُقْسَمُ الثُّلُثُ بَيْنَ الْجَمِيعِ بِالسَّوِيَّةِ، كَمَا يُسَوَّى بَيْنَ الذَّكَرِ وَالأُْنْثَى، فِي النَّصِيبِ.
وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ شُرَيْحٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ.
وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه فِي رَأْيِهِ الأَْوَّل يَنْفِي التَّشْرِيكَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَتَانِ أَظْهَرُهُمَا التَّشْرِيكُ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رِوَايَتَانِ أَظْهَرُهُمَا عَدَمُ التَّشْرِيكِ.
148 -
وَتُسَمَّى هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَسْأَلَةَ التَّشْرِيكِ؛ لِمُشَارَكَةِ أَوْلَادِ الأَْبِ وَالأُْمِّ لأَِوْلَادِ الأُْمِّ فِي الْمِيرَاثِ. كَمَا تُسَمَّى، الْحِمَارِيَّةُ وَالْحَجَرِيَّةُ وَالْيَمِّيَّةُ أَيْضًا. لأَِنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا اُسْتُفْتِيَ عُمَرُ فِي الْمَسْأَلَةِ، أَفْتَى بِعَدَمِ مُشَارَكَةِ الإِْخْوَةِ لأَِبٍ وَأُمٍّ لِلإِْخْوَةِ لأُِمٍّ فِي الْمِيرَاثِ، فَقَال لَهُ الإِْخْوَةُ لأَِبٍ وَأُمٍّ: هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا، وَفِي رِوَايَةٍ حَجَرًا مُلْقًى فِي الْيَمِّ. أَلَسْنَا مِنْ أُمٍّ وَاحِدَةٍ؟ فَرَجَعَ عَنْ رَأْيِهِ الأَْوَّل، وَأَفْتَى بِالتَّشْرِيكِ. وَقِيل لَهُ: لَقَدْ أَفْتَيْتَ سَابِقًا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. فَقَال: تِلْكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا، وَهَذِهِ عَلَى مَا نَقْضِي.
قَال صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ بَعْدَ أَنْ أَوْرَدَ الرَّأْيَ
بِالتَّشْرِيكِ: وَهُوَ " أَيِ الْقَوْل بِالتَّشْرِيكِ " الْمَعْنَى الْفِقْهِيُّ. فَإِنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمِيرَاثِ بِاعْتِبَارِ الْقُرْبِ وَالإِْدْلَاءِ. وَقَدِ اسْتَوَوْا فِي الإِْدْلَاءِ إِلَى الْمَيِّتِ بِالأُْمِّ وَرَجَحَ الإِْخْوَةُ لأُِمٍّ وَأَب بِالإِْدْلَاءِ إِلَيْهِ بِالأَْبِ. فَإِنْ كَانُوا لَا يَتَقَدَّمُونَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ، فَلَا أَقَل مِنْ أَنْ يَسْتَوُوا بِهِمْ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَقَدَّمُوا لأَِنَّ الإِْدْلَاءَ بِالأَْبِ بِسَبَبِ الْعُصُوبَةِ. وَاسْتِحْقَاقُ الْعَصَبَاتِ مُتَأَخِّرٌ عَنِ الأَْبِ فِي حَقِّهِمْ. وَإِنَّمَا يَبْقَى الإِْدْلَاءُ بِقَرَابَةِ الأُْمِّ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.
وَالْقَائِلُونَ بِالتَّشْرِيكِ سَوَّوْا فِي الْمِيرَاثِ بِالنِّسْبَةِ ل
أَِوْلَا
دِ الأُْمِّ، وَلأَِوْلَادِ الأَْبِ وَالأُْمِّ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالأُْنْثَى؛ لأَِنَّ الْمِيرَاثَ ثَبَتَ لَهُمْ بِاعْتِبَارِهِمْ أَوْلَادَ أُمٍّ. وَالْحُكْمُ فِيهِمُ الْمُسَاوَاةُ. وَذَلِكَ بَعْدَ قِسْمَةِ الثُّلُثِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ مُنَاصَفَةً.
149 -
وَاسْتَدَلُّوا لِلْقَوْل بِالتَّشْرِيكِ بِأَدِلَّةٍ مِنْهَا:
أَوَّلاً: أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْضُ وَلَدِ الأُْمِّ ابْنَ عَمٍّ يُشَارِكُ بِقَرَابَةِ الأُْمِّ وَإِنْ سَقَطَتْ عُصُوبَتُهُ، فَبِالأَْوْلَى الأَْخُ مِنَ الأَْبَوَيْنِ.
ثَانِيًا:
أَنَّهَا فَرِيضَةٌ جَمَعَتْ وَلَدَ الأَْبَوَيْنِ وَوَلَدَ الأُْمِّ، وَهُمْ مِنْ أَهْل الْمِيرَاثِ. فَإِذَا وَرِثَ وَلَدُ الأُْمِّ وَرِثَ وَلَدُ الأَْبَوَيْنِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا زَوْجٌ.
ثَالِثًا:
أَنَّ الإِْرْثَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَقْدِيمِ الأَْقْوَى عَلَى الأَْضْعَفِ. وَأَدْنَى أَحْوَال الأَْقْوَى مُشَارَكَتُهُ لِلأَْضْعَفِ، وَلَيْسَ فِي أُصُول الْمِيرَاثِ سُقُوطُ الأَْقْوَى بِالأَْضْعَفِ، وَوَلَدُ الأَْبِ وَالأُْمِّ أَقْوَى مِنْ وَلَدِ الأُْمِّ (1) .
150 -
وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ التَّشْرِيكِ بِأَدِلَّةٍ مِنْهَا:
(1) السراجية ص241 - 248