الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذَهَبَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَابْنُ تَيْمِيَّةَ وَغَيْرُهُمَا إِلَى ثُبُوتِ نَسَبِ وَلَدِ الزِّنَى مِنَ الزَّانِي بِغَيْرِ صَاحِبَةِ فِرَاشِ الزَّوْجِيَّةِ، لأَِنَّ زِنَاهُ حَقِيقَةٌ ثَابِتَةٌ، فَكَمَا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنَ الأُْمِّ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنَ الزَّانِي، كَيْ لَا يَضِيعَ نَسَبُ الْوَلَدِ، وَيُصِيبَهُ الضَّرَرُ وَالْعَارُ بِسَبَبِ جَرِيمَةٍ لَمْ يَرْتَكِبْهَا، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - يَقُول:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} . (1)
وَمُقْتَضَى هَذَا الرَّأْيِ أَنَّ التَّوَارُثَ يَثْبُتُ بَيْنَهُمَا، لأَِنَّ التَّوَارُثَ فَرْعُ ثُبُوتِ النَّسَبِ، وَهُمْ يُثْبِتُونَهُ عَلَى الْوَضْعِ الْمَذْكُورِ.
مِيرَاتُ وَلَدِ اللِّعَانِ وَالْمُتَلَاعِنِينَ:
126 -
وَلَدُ اللِّعَانِ لَا تَوَارُثَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُلَاعِنِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَبَاقِي الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ.
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: إِذَا لَاعَنَ الرَّجُل امْرَأَتَهُ، وَنَفَى وَلَدَهَا، وَفَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا، انْتَفَى وَلَدُهَا عَنْهُ، وَانْقَطَعَ تَعْصِيبُهُ مِنْ جِهَةِ الْمُلَاعِنِ، فَلَمْ يَرِثْهُ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ عَصَبَتِهِ، وَتَرِثُهُ أُمُّهُ، وَذَوُو الْفُرُوضِ مِنْهُ فُرُوضَهُمْ، وَيَنْقَطِعُ التَّوَارُثُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَلَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ فِي هَذَا خِلَافًا.
وَأَمَّا إِنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْل تَمَامِ اللِّعَانِ مِنَ الزَّوْجِيَّةِ، وَرِثَهُ الآْخَرَانِ فِي قَوْل الْجُمْهُورِ.
وَقَال الشَّافِعِيُّ رحمه الله: إِذَا أَكْمَل الزَّوْجُ لِعَانَهُ لَمْ يَتَوَارَثَا. وَقَال مَالِكٌ: إِنْ مَاتَ الزَّوْجُ بَعْدَ لِعَانِهِ. فَإِنْ لَاعَنَتِ الْمَرْأَةُ لَمْ تَرِثْ وَلَمْ تُحَدَّ. وَإِنْ لَمْ تُلَاعِنْ وَرِثَتْ وَحُدَّتْ. وَإِنْ مَاتَتْ هِيَ بَعْدَ لِعَانِ الزَّوْجِ وَرِثَهَا فِي قَوْل جَمِيعِهِمْ إِلَاّ الشَّافِعِيَّ.
وَإِنْ تَمَّ اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْل تَفْرِيقِ
(1) سورة فاطر / 18
الْحَاكِمِ بَيْنَهُمَا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: لَا يَتَوَارَثَانِ. وَهُوَ قَوْل مَالِكٍ وَزُفَرَ، وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَالأَْوْزَاعِيِّ، لأَِنَّ اللِّعَانَ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي حُصُول الْفُرْقَةِ بِهِ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا كَالرَّضَاعِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَتَوَارَثَانِ مَا لَمْ يُفَرِّقِ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ؛ لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَلَوْ حَصَل التَّفْرِيقُ بِاللِّعَانِ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَفْرِيقِهِ.
وَإِنْ فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا قَبْل تَمَامِ اللِّعَانِ لَمْ تَقَعِ الْفُرْقَةُ، وَلَمْ يَنْقَطِعِ التَّوَارُثُ فِي قَوْل الْجُمْهُورِ.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ: إِنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَنْ تَلَاعَنَا ثَلَاثًا وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ، وَانْقَطَعَ التَّوَارُثُ، لأَِنَّهُ وُجِدَ مِنْهُمَا مُعْظَمُ اللِّعَانِ، وَإِنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْل ذَلِكَ لَمْ تَقَعِ الْفُرْقَةُ وَلَمْ يَنْقَطِعِ التَّوَارُثُ (1) .
وَرُوِيَ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ التَّوَارُثَ لَا يَنْقَطِعُ بِاللِّعَانِ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالْمُلَاعِنِ.
اسْتِحْقَاقُ الْمُقَرِّ لَهُ بِالنَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ:
127 -
إِذَا لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنَ الْوَرَثَةِ السَّابِقِ ذِكْرُهُمْ بِتَرْتِيبِهِمْ، فَإِنَّ الْمَال يَئُول إِلَى بَيْتِ الْمَال عَلَى رَأْيٍ، أَوْ إِلَى الْمُقَرِّ لَهُ بِالنَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ، أَوِ الْمُوصَى لَهُ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ حَسَبَ الْخِلَافِ السَّابِقِ ذِكْرُهُ.
128 -
وَالإِْقْرَارُ بِالنَّسَبِ قِسْمَانِ، الأَْوَّل: إِقْرَارٌ بِنَسَبٍ عَلَى الْمُقِرِّ، وَهُوَ الإِْقْرَارُ بِأَصْل النَّسَبِ:
(1) المغني 7 / 121 - 122، والمبسوط 29 / 198 ط دار المعرفة، وروضة الطالبين 6 / 43 ط المكتب الإسلامي، ومنح الجليل 4 / 752