الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَكُنْ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَال لَمْ يَحِل لَهُ الأَْكْل مِنْ هَذَا الإِْرْصَادِ، وَلَوْ أَقَرَّهُ النَّاظِرُ وَبَاشَرَ الْعَمَل فِيمَا أُرْصِدَ لَهُ الْمُرْصَدُ؛ لأَِنَّ هَذَا مِنْ بَيْتِ الْمَال، وَهُوَ لَا يَتَحَوَّل عَنْ حُكْمِهِ الشَّرْعِيِّ بِجَعْل أَحَدٍ (1) .
فَإِذَا أُرْصِدَ عَلَى جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ، تُؤَمِّنُ مَصْلَحَةً عَامَّةً لِلْمُسْلِمِينَ، كَالْمَدَارِسِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْقُضَاةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِرْصَادُهُ صَحِيحٌ نَافِذٌ (2) ، لأَِنَّ الْمَصْرِفَ الأَْوَّل لأَِمْوَال بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ تَأْمِينُ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ لِلْمُسْلِمِينَ.
10 -
وَاخْتَلَفُوا فِي الإِْرْصَادِ عَلَى أَشْخَاصٍ مُعَيَّنِينَ:
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْحَنَفِيَّةِ، وَمِنْهُمْ عَبْدُ الْبَرُّ بْنُ الشِّحْنَةِ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَمِنْهُمُ السُّيُوطِيُّ وَالسُّبْكِيُّ، إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الإِْرْصَادُ عَلَى أَشْخَاصٍ بِأَعْيَانِهِمْ (3) وَإِنْ كَانُوا يَقُومُونَ بِمَصَالِحَ عَامَّةٍ، أَوْ لَهُمُ اسْتِحْقَاقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَال، كَوَقْفِ الإِْمَامِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَنَحْوِهِمْ (4) .
وَلَعَلَّهُمْ مَنَعُوا ذَلِكَ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ، وَقَطْعًا لِدَابِرِ تَلَاعُبِ الْفَسَقَةِ مِنَ الْحُكَّامِ بِصَرْفِ أَمْوَال بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ لِلْمُقَرَّبِينَ إِلَيْهِمْ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَجُمْهُورُ الشَّافِعِيَّةِ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى جَوَازِ الإِْرْصَادِ عَلَى أَشْخَاصٍ
(1) الأشباه والنظائر لابن نجيم 1 / 311
(2)
الشرواني على تحفة المحتاج 5 / 392، وحاشية الجمل 3 / 77، وحاشية ابن عابدين على الدر المختار 3 / 259، والفتاوى المهدية 2 / 647، ومطالب أولي النهى 4 / 278، ونهاية الزين شرح قرة العين ص: 268، والرهوني علي الزرقاني 7 / 130 - 131
(3)
الشرواني على تحفة المحتاج 5 / 392، وحاشية الجمل 3 / 576
(4)
الفتاوى المهدية 2 / 648
بِأَعْيَانِهِمْ، بِشَرْطِ ظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ (1) .
وَأَجَازَ ذَلِكَ ابْنُ نُجَيْمٍ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، بِشَرْطِ أَنْ يَجْعَل آخِرَ الإِْرْصَادِ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ، كَالْفُقَرَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَنَحْوِهِمْ، نَظَرًا لِلْمَال (2) .
11 -
وَيَنُصُّ الْحَنَفِيَّةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَمِنْهُمُ السُّيُوطِيُّ عَلَى أَنَّ الْمُرْصَدَ عَلَيْهِ يَسْتَحِقُّ مَا رُصِدَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِعَمَلِهِ الْمَشْرُوطِ فِي الإِْرْصَادِ (3) ، وَيَرَى بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَمِنْهُمُ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُرْصَدِ عَلَيْهِ الْعَمَل بِشَرْطِ الإِْرْصَادِ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومُ الْمُرْصَدَ عَلَيْهِ إِلَاّ إِذَا بَاشَرَ الْعَمَل بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ (4) .
وَيَنُصُّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى، أَنَّهُ إِنْ قَصَّرَ الْمُرْصَدُ (بِفَتْحِ الصَّادِ) عَنْ كِفَايَةِ جَمِيعِ الْمُسْتَحِقِّينَ، وَكَانَ الإِْرْصَادُ عَلَى جِهَةٍ، رُوعِيَ فِي الاِسْتِحْقَاقِ صِفَةُ الأَْحَقِّيَّةِ مِنْ بَيْتِ الْمَال، فَيُقَدَّمُ الأَْحَقُّ فِي بَيْتِ الْمَال عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانُوا جَمِيعًا مِنْ أَصْحَابِ الأَْحَقِّيَّةِ مِنْ بَيْتِ الْمَال، فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ أَكْثَرَ حَاجَةً إِلَيْهِ، فَيُقَدَّمُ الْمُدَرِّسُ عَلَى الْمُؤَذِّنِ، وَالْمُؤَذِّنُ عَلَى الإِْمَامِ، وَالإِْمَامُ عَلَى الْمُقِيمِ. فَإِنِ اسْتَوَوْا فِي الْحَاجَةِ إِلَيْهِمْ قُدِّمَ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ أَكْبَرَ سِنًّا (5) .
الرَّابِعُ: الصِّيغَةُ:
12 -
يُشْتَرَطُ فِي صِيغَةِ الإِْرْصَادِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ. وَيَصِحُّ بِلَفْظِ الإِْرْصَادِ كَمَا يَصِحُّ بِلَفْظِ
(1) نهاية الزين شرح قرة العين ص: 268، وحاشية الجمل 3 / 576، وحاشية الشرواني 5 / 392، وحاشية كنون على الزرقاني 7 / 131، وحاشية ابن عابدين 3 / 265، وتهذيب القواعد بهامش الفروق 3 / 10، والرهوني 7 / 130، 131
(2)
الفتاوى المهدية 2 / 646، 648
(3)
الأشباه والنظائر للسيوطي 1 / 310، والجمل 3 / 577
(4)
حاشية الجمل 3 / 577
(5)
الأشباه والنظائر 1 / 311